جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
الرياحُ تهبُّ مُتَعَرِجة
تنحني فتشمُ عبقَ طفولتي
وتستنشقُ زهرةَ أحلامي
مع رائحةِ البكاء
ورائحةِ الرثاء
ورائحةِ الخوفِ في ليالي الشتاء
ورطوبةِ الوحدةِ في مساكن الفقراء
وأحلامِ حياتي المُبَعثرة
يُريدونكَ أنْ تُصبحي أرملة
فنشمُّ رائحةَ الآلام
فلا نُمَيزُ الحُزنَ مِنْ الفرح
ولا الظُلمةَ مِنْ النُّور
ونتعرفُ على الكارثة
كانَ تيهُ الأصواتِ والصَخب
تضوعتْ رائحةُ الشفق
لحدائق حملتها الغيومُ الغريبة
لرائحةِ الفُراقِ للدروبِ البعيدة
تلكَ كانتْ رائحةُ الضَحية
وثمنُ الحُرية
والضحايا تذهبُ بعيداً
فنسمعُ صرخةَ المدينة
كانتْ تقفزُ على الأضواءِ وتتعثر
كانَ الغروبُ يُطَبُعكَ بلونِ أُغنية
ما زلنا نستدعي ما كانَ من خُطانا
نستدعي رائحةَ النرجسِ والابتسامة
نغُطُّ رؤوسَنا في غدير
فنستنشقُ آهةً ودمعة
فنراكِ ذابلةَ الروح
والأنفاسُ تهيمُ على وجهها صوبَ الصحاري
فترحلُ الأشجارُ تحتَ وابلِ الطوفان
إلى رائحةِ الوداعِ الأخير
وعيني عينُ حسرة
دخلتْ بيتنا قطرةً قطرة
نشمُّ رائحةَ الطاحونةَ الخَربة
ورائحةَ دار الموتى
لا بُدَّ لي أنْ أعترف
أني أفتقرُ رائحةَ الروح
تضخمتْ الأرضُ برائحةِ الضحايا
والوجعُ برائحةِ العذاب
سقطتْ دماءُ الشمسِ في فِناءِ الخريف
والجوعُ المُفَتتْ والليالي الرطبة في كُلِّ الزوايا
وغدتْ الحُرية مجردُ أُغنية
وكانَ الجلادُ يرقصُ فوق الضحية
في حفلةٍ تنكرية
وكُلُّنا يشمُّ الرائحة
رائحةَ السفينةِ الغارقة
رُبَّما نتعلمُ في القريب لغةً ثالثة
فلا البحرُ يُصَدقنا
ولا اليابسة
أنتَ تحتَ الأعماقِ شغفٌ ندي
تفوحُ منك الرائحة
رائحةَ الشهيد ورائحةَ الفجيعة
ورائحةَ البراءَةِ حين تنام
لنرى ميلادَ المطر
لي الآن أنْ أزرعَ بذورَ الرؤيا على الحجر
فقد صادقتُ البحر
ولأنني عايشتُ رائحةَ جروحِكم
استذكرتُ رائحة نواحكم
لم يعُد سوى حُلمٍ في ثيابِ الحِداد
حتى نصلَ إلى عينِ ماء
فانطلقنا نُلملمُ من حولِنا كلَّ الدماء