التطور في أوروبا
خلال القرن الثامن عشر، أنشأت مدارس للصم المكفوفين في عدة دول أوروبية. نجح البعض منها بينما لم ينجح البعض الآخر . إلا أن هناك شخصيات تبذل قصارى جهدها أملاً في تحقيق أهدافهم من أجل الآخرين مثل صموبل هو Samuel Gridley Howe و آن سوليفان Ann Sullivan .
جيل الحصبة الألمانية
في منتصف القرن التاسع عشر انتشر وباء الحصبة الألمانية الذي بدأ في أستراليا في الخمسينات ومنها إلى غرب أوروبا منتهيا في شمال أمريكا في الستينات , وقد أدى هذا الوباء إلى ظهورالآلاف من الصم المكفوفين الذين لم يتناسب معهم البرامج التربوية المصممة من قبل لأنهم لم يستجيبوا الاستجابة التقليدية للأطفال الصم أو المكفوفين مما أظهر الحاجة إلى إيجاد سبل جديدة في تعليم الصم المكفوفين.
هولندا و منهج فان دايك " The Van Dijk Method "
يُعد "جان فان دايك" من أشهر المتخصصين في معهد فور دوفين Voor Doven Institute و الذي مازال يثري مجال الصمم و كف البصر بكتاباته. ارتبط اسم فان دايك بتعليم الأطفال من ذوي متلازمة الحصبة الألمانية و لقد أنشأ ما أُطلِق عليه " منهج فان دايك Van Daijk - Method " أو " الحركات الإيجابية المشتركة co- active movements "، كما عُرف أنه من أوائل المقدرين لقيمة الإرشاد الأسري.
و لقد قام المعلمون في هذا المعهد ببناء أنشطة محببة للطفل في سياق حركي منظم داخل الحيز المكاني للغرفة، و تتكرر هذه الأنشطة بشكل يومي مع المعلم أملاً في تحسين ذاكرة الطفل قصيرة المدى. كما أن هذه الأنشطة تُعد أساسا لتنمية المهارات التواصلية لدى الأطفال.
و بالتدريج بدأ استخدام العناصر المرجعية الملموسة، الصور، الرسوم، جدول الأنشطة اليومي و كمعينات تعليمية في المعهد و التي انتشرت في جميع أنحاء العالم بعد ذلك .
إلا ان سبل تطبيق المنهج و استخدام الوسائل التعليمية لم يتفق كليةً مع الغرض الأساسي منها، مما نتج عنه ظهور مصطلح
" Structured total communication " و الذي يشار إليه كنقطة بدء في فلسفة تعليم الأطفال الصم المكفوفين في هذا المنهج.
و لقد علقت آن نافستاد Ann Nafstad الأخصائية النفسية النرويجية أن تطبيق المنهج بهذه الطريقة لا يساعد الأطفال على بناء تصور عن أنفسهم و عن البيئة المحيطة بهم مما ينمي لديهم القدرة على التوقع و بالتالي الإحساس بالأمان، فهذا الشكل من التطبيق لا يهتم بمبادراتهم و مشاركتهم الإيجابية و لا يهتم أيضاً بأي محاولات تواصلية من الطفل.
هيلين كيلر
ولدت هيلين كيلر عام 1880 و أصيبت بالصمم و كف البصر التام بعد بلوغها عامها الأول بسبعة أشهر نتيجة إصابتها بالتهاب السحايا. قصة هيلين و معلمتها آن تعد من أشهر القصص التي عرفها التاريخ، حيث استطاعت المعلمة أن تسلك سبيلها إلى عقل تلميذتها و ساعدتها على التعبير عن نفسها بالكلمات.
و بدأت القصة بموافقة آن على الذهاب لمزرعة كيلر لرعاية طفلتهم الصماء الكفيفة صعبة الانقياد و التي تبلغ من العمر السابعة، و بعد مرور عدة أيام من المحاولات الغير مُجدية.
طلبت آن الانتقال بالطفلة للإقامة في بيت منفصل في المزرعة حيث لا يوجد فيه سوى آن و الطفلة، و كانت خطة آن ألا تعرف هيلين أين يقيما فتطيع آن طاعة تامة و استمرت إقامتهما في هذا البيت لمدة أربعة عشر يوماً، و طوال هذه الفترة حرصت آن على تهجي أسماء الأشياء على يد هيلين بطريقة الهجاء الإصبعي و ذلك في نفس الوقت الذي تشعر فيه الطفلة بالشيء .
و في يوم، حدثت المفاجأة، كانت هيلين تشعر بجريان الماء على يدها و كالمعتاد كانت آن تتهجئ الكلمة W-A-T-E-R على يد الطفلة، فربطت هيلين بين الشيء و الكلمة الدالة عليه. و وصفت آن سوليفان ما حدث في خطاب لصديقة لها قائلة :
" تركت الطفلة الكوب و وقفت هناك متجمدة بينما ارتسمت ابتسامة عريضة على وجهها. لقد تهجت كلمة ماء و راحت تكررها مرات ومرات، ثم لمست الأرض و سألت عن اسمها و التفتت إلي و سألتني عن اسمي و أجبتها " المُدرسة ". و في غضون ساعات قليلة كانت قد تعلمت ما يزيد على ثلاثون كلمة جديدة. "
و اذا كان يوم الخامس من ابريل لعام 1887 يوم خاص في حياة هيلين، فانه ليس بأقل أهمية في حياة المعلمة.
و تُعد آن سوليفان هي المؤسسة للمدرسة الحديثة في تربية الصم المكفوفين، و ذلك لاستعانتها بطرق تعليمية لا تزال تستخدم حتى وقتنا الحالي.و لكن كل هذا النجاح له مقابل، فكلاً من الاثنين ارتبط ارتباط وثيق بالآخر، فهما يعيشا سوياً، فآن كانت المعلمة، المترجمة، الصديقة و النصف الآخر لهيلين.
و تُعد آن نافستاد Ann Nafstad و إنجر رودبرو Inger Rǿdbroe المعلمة الدانمركية للصم و الصم المكفوفين من أبرز المتخصصين في مجال الإعاقة السمعية البصرية خلال العشرون عاماً الماضية، و الذين أسسوا ما يُعرف الآن بالمدخل الاسكندنافي في تعليم الصم المكفوفين.
ساحة النقاش