رمضان كان شهراً مفعماً بالتربويات الراقية فقد ترقى المسلم فيه من خلق إلى خلق ومن مقام إلى مقام ومن درجة إلى درجة .وقد دخل المسلم سالماً مستسلماً لأمر الله معسكراً تربوياً شاملاً لمدة ثلاثين يوماً بين تربية جهادية وتربية سياسية وتربية اجتماعية وتربية اقتصادية ليختم الشهر الكريم بتربية فريدة بتربية راقية ( التربية على الحُب ) فبدأ برومانسيات رمضانية في قوله تعالى (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ..) مروراً بحب الزوجة في أرقى المواقف الإيمانية بالأعتكاف ليرى مشهداً رومانسياً جذاباً راقياً بين عائشة رضي الله عنها وبين الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم" إنه كان إذا أراد أن يمتشط أخرج رأسه من المعتكف إلى حجرة عائشة فمشطته ". لينتهي به المقام فيرسم الحب والبسمة على وجوه الجميع(الأهل - الفقراء- الخدم) فالمسلم ليس أنانياً بحبه ورومانسيته والمجتمع المسلم يتحرك بحس جمعي واحد ويكأن زكاة الفطر بالحَب تقول لنا بأعلى صوت وأفهم بيان كما زكيتم بالحَب فلنزكي بالحُب وكما تصدقنا بالمال فلنتصدق بالبسمة.
وفي العيد تتجلى الكثير من معاني الإسلام الرومانسية، ففي العيد تتقارب القلوب على الود، ويجتمع الناس بعد افتراق، ويتصافون بعد كدر. وفي العيد تذكير بحق الضعفاء في المجتمع الإسلامي حتى تشمل الفرحة بالعيد كل بيت، وتعم النعمة كل أسرة، وهذا هو الهدف من تشريع "صدقة الفطر" في عيد الفطر.
وقد رخص النبي محمد للمسلمين في هذا اليوم إظهار السرور وتأكيده، بالغناء والضرب بالدف واللعب واللهو المباح، بل إن من الأحاديث ما يفيد أن إظهار هذا السرور في الأعياد شعيرة من شعائر هذا الدين، ولهذا فقد رُوي عن عِياض الأشعريّ أنه شهد عيدًا بالأنبار فقال: ما لي أراكم لا تُقلِّسون، فقد كانوا في زمان رسول الله يفعلونه. والتقليس: هو الضرب بالدف والغناء.وانظر لهذا المشهد الجميل لنشر الحب ومعاني الود فقد رُوي عن عائشة قالت: إن أبا بكر دخل عليها والنبي عندها في يوم فطر أو أضحى، وعندها جاريتان تغنيان بما تَقاوَلَت به الأنصار في يوم حرب بُعاث، فقال أبو بكر: أمزمار الشيطان عند رسول الله! فقال النبي: "دَعْهما يا أبا بكر؛ فإن لكل قوم عيدًا، وإن عيدنا هذا اليوم".
وهكذا في يوم العيد مجتمع الكل يفرح الكل يود الكل مسرورفالغني متصدق ،والفقير مكتفى، والأولاد يلعبون، والبنات يغنون.
فلنربي أبنائنا على تلك المعاني السامية والمفاهيم الراقيةلننشر معاني الحب والود بين أفراد مجتمعنا لنقضي على هذا الجفاف بالمشاعر .
مدرب ومستشار أسري
مع تمنياتي بتربية راقية
محبكم دوماً الخبير التربوي
أ . نزار رمضان
ساحة النقاش