إن القطة العجماء تتبرز ثم لا تنصرف حتى تغطى برازها بالتراب هل تعرف تلك القطة معنى القبح والجمال ؟
وهى تسرق قطعة السمك من مائدة سيدها وعينها تبرق بإحساس الخطيئة فإذا لمحها تراجعت..فإذا ضربها على رأسها طأطأت رأسها فى خجل واعتراف بالذنب.
هل تفهم القانون ؟
هل علمها أحد الوصايا العشر ؟
والجمل الذى لا يضاجع أنثاه إلا فى خفاء وستر بعيدا عن العيون فإذا أطلت عين لترى ما يفعله امتنع وتوقف ونكس رأسه إلى الأرض 
هل يعرف الحياء ؟
وخلية النحل التى تحارب لآخر نحلة وتموت لآخر فرد فى حربها مع الزنابير من علمها الشجاعة والفداء...
وأفراد النحل الشغالة حينما تختار من بين يرقات الشغالة يرقة تحولها إلى ملكة بالغذاء الملكي وتنصبها حاكمة فى حالة موت الملكة بدون وارثة 
من أين عرفت دستور الحكم 
والفقمة المهندسة التى تبني السدود .
وحشرات الترميت التى تبني بيوتا مكيفة الهواء تجعل فيها ثقوبا سفلية تدخل الهواء البارد وثقوبا علوية تخرج الهواء الساخن من علمها قوانين الحمل الهوائي..
والبعوضة التى تجعل لبيضها الذى تضعه فى المستنقعات أكياس للطفو يطفو بها على سطح الماء من علمها قوانين أرشميدس فى الطفو؟
ونبات الصبار وهو ليس بالحيوان وليس له إدراك الحيوان من علمه اختزان الماء فى أوراقه المكتنزة اللحمية ليواجه بها جفاف الصحاري وشح المطر ؟
والأشجار الصحراوية التى تجعل لبذورها أجنحة تطير بها أميالا بعيدة بحثا عن فرص مواتية للإنبات فى وهاد رملية جديبة 
والحشرة قاذفة القنابل التى تصنع غازات حارقة ثم تطلقها على أعدائها للإرهاب .
والديدان التى تتلون بلون البيئة للتنكر والتخفى .
والحباحب التى تضئ فى الليل لتجذب البعوض ثم تأكله 
والزنبور الذى يغرس إبرته فى المركز العصبي للحشرة الضحية فيخدرها ويشلها ثم يحملها إلى عشه ويضع عليها بيضة واحدة...حتي إذا فقست خرج الفقس فوجد أكلة طازجة جاهزة 
من أين تعلم ذلك الزنبور الجراحة وتشريح الجهاز الهضمي 
ومن علم كل تلك الحشرات الحكمة والعلم والطب والأخلاق والسياسة 
لماذا لا نصدق حينما نقرأ فى القرآن أن الله هو المعلم .
ومن أين جاءت تلك المخلوقات العجماء بعلمها ودستورها إن لم يكن من خالقها 
وما هى الغريبة 
أليست هى كلمة أخرى للعلم المغروس منذ الميلاد العلم الذى غرسه الخالق 
(وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذى من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون )
ولماذا ندهش حينما نقرأ أن الحيوانات أمم أمثالنا ستحشر يوم القيامة 
(وما من دابة فى الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرطنا فى الكتاب من شىء ثم إلى ربهم يحشرون )
وكيف يمكن أن تتوزع الوظائف فى خلية من ألوف النمل وكيف يمكن أن يشترك الكل فى نشاط إجتماعى معقد ودقيق دون لغة ندركها يتخاطبون بها ووسائط التفاهم ولماذا ينصرف ذهننا حينما نقرأ عن اللغات إلى أنه لا لغات فى الدنيا إلا لغاتنا وحروفنا وأنه إذا كان على النمل أن يتكلم فإنه ليس أمامه إلا اللغة العربية وحروفها أو الفرنسية أو الأنجليزية فإذا لم نسمعه يتكلم فإنه لا يتكلم ولا يمكن أن يتكلم إنها نظرة الأفق الضيق التى نحاول أن نفهم بها كل شيء خلال حدودنا البشرية ومن خلال عاداتنا ومألوفاتنا وكأننا أمام خالق أفلست وسائله وافلست حيله فلم يعد له من أسباب ووسائل إلا ما دلنا عليه علمنا الظاهر وننسى أن علمنا هو قطرة من علومه ونفحة من نفحاته وإلهامه ...
يقول الله تعالى عن احتيال يوسف ليأخذ أخاه فى حاشية ملك مصر (كذلك كدنا ليوسف ما كان ليأخذ أخاه فى دين الملك إلا أن يشاء الله )
يقول الله أنا الذى مكرت ليوسف وهديته إلى حيلته ومكره 
والذى يريد أن يرى عجائب هذا المكر الإلهي فليس عليه إلا أن يتأمل النباتات المفترسة وهى نباتات تنموا فى بيئة فقيرة فى النيتروجين فيزودها الخالق بسلسلة من الحيل الماكرة والأليات الغريبة لتصطاد الحشرات وتهضمها وتمتصها وتصل عن طريقها إلى ما ينقصها من نيتروجين فهى مرة مخلوقة باوراق لزجة تلتصق بها الحشرات فلا تملك لنفسها انتزاعا 
ومرة أخرى مزودة باوراق على شكل اكواب ذات جدران صابونية ملساء ما تكاد تلمسها الحشرات حتى تنزلق عليها وتقع فى الأكواب المليئة بعصارات هاضمة وتموت.
ومرة ثالثة مزودة بأوراق كالفخاخ تنغلق على اى جسم غريب يلمسها وتقتله بين مصراعيها 
ومرة رابعة مزودة بأوراق كالأصابع تتحرك فى آلية لتقبض على اى شيء يدب عليها وتخنقه وتمتصه ...
أشياء لا تفسير لها بالنسبة لنبات لا عقل له ولا تدبير إلا أن يكون هناك عقل خفى ومدبر خفى هو الذى اصطنع كل تلك الحيل الماكرة وزود بها مخلوقاته .
ولا يحل الإشكال أن نسمى هذه القوة الخفية..الطبيعة..فإنا لا نفعل بذلك أكثر من أننا نهرب من لفظ إلى لفظ..نهرب من لفظ (( الله )) إلى لفظ (( الطبيعة )) دون أدنى تغيير فى المعنى فلفظة الطبيعة فى توظيفها الجديد تعنى المعنى نفسه .الذات العاقلة االمدبرة الحكيمة المهيمنة الخالقة المعتنية بمخلوقاتها ..
هى المكابرة والعناد والاستعلاء على أن نعترف بأن..الله خلق..فتقول..الطبيعة خلقت..
جحود للآيات الواضحة رغم الإحساس بصدقها.
قال تعالى (( وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا )) ..

المصدر: د/مصطفى محمود
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 230 مشاهدة
نشرت فى 20 يناير 2016 بواسطة news2012

صحافة على الهواء

news2012
نتناول الموضوعات السياسية والعلمية والدينية والإجتماعية على الساحة الداخلية والخارجية وتأثيرها على المجتمع المصرى »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

117,077