بورسعيد المدينة الباسلة - على محمود طه

 طلعوا جبابرة عليك و ثاروا

و وقفت أنت ، و روحك الجبّار

عصفوا ببابك فاستبيح فلم يكن

إلاّ جهنّم هاجها الإعصار

حرب إذا ذكرت وقائع يومها

شاب الحديد ، لهولها ، و النّار

لو قيل أبطال العصور فمنهمو

لحمايتك الإعظام و الإكبار

أو عاد هومير و سحر غنائه

و رأى ملاحمهم و كيف تثار

و همو حماة مدينة محصورة

دكّت على حرّاسها الأسوار

نسي الذي غنّاه في طروادة

و شدا بهم ، و ترنّم القيثار

كم من أخيل فيهمو لكنّه

ردّ المغير به ، و فكّ حصار

لم تجر ملحمة بوصف كفاحه

لكن جرت بدمائه الأنهار

نادته من خلف الشّواطئ أمّة

هو عن حماها الذّائد المغوار

إن يسألو عنه ، ففارس حلبة

لم يخل من وثباته مضمار

أو يقرأوا تاريخه ، فصحيفة

إمضاؤه فيها على و فخار

أو يبحثوا عن قبره ، فمكانه

فيما تعرّي الرّياح و الأمطار

هو مهجة فنيت بأرض معادها

ليتّم غرس أو يطيب ثمار

هو موجة ذابت ببحر وجودها

كيما يثور بروحها التيار

في شاطئ وقف العدوّ إزاءه

يبغي العبور و دونه أشبار

ما زال يدفع عنه كلّ كتيبة

حتّى تلاشى الجحفل الجرّار

و هوى و في شفتيه بسمة ظافر

أودى ، و تمّ يكلّل مفرقيه الغار

يا ربّة الأبطال لا هان الحمى

و سلمت أنت و قومك الأحرار

أ أقول أبناء الوغى أم جنّة ؟

و أقول آلهة أم الأقدار ! ؟

يستنقذونك من براثن كاسر

ماجت به الآجام و الأغوار

متربّص السّطوات تختبئ الرّبى

و تفرّ من طرقاته الأشجار

قهر الطبيعة صيفها و شتاءها

حتّى أتاه شتاؤك القّهار

مجد المدائن و القرى ! إنّ الذي

أبدعته ، فيه العقول تحار

عجبا أأنت مدينة مسحورة

أم عالم حاطت به الأسرار ! ؟

طرق محيّرة على قدم العدوّ كأنّما

من زئبق صيغت بها الأحجار

ة منازل مشبوبة ، و كأنّها

للجنّ في وادي اللّظى أوكار

و ترى زبانية الجحيم ببابها

ضاقت بهم غرف ، و ناء جدار

يتصارعون بأذرع مخضوبة

و السّقف فوق رؤوسهم ينهار

يتنازعون بها الطّباق خرائبا

دميت على أنقاضها الأظفار

ما زلت صامدة لهم حتّى إذا

سهت العقول ، و زاغت الأبصار

و تقبّض المستقتلون ، و عربدت

أيدي الرّماة ، و عرّد البتّار

و تقوّض الحصن المنيع و لم يكن

إلاّ جدار يحتويه دمار

و قسا عليك المرجفون و حدّثوا

أن ليس تمضي ليلة و نهار

أطبقت كالنّسر المحلّق ، ما لهم

منه و لا من مخلبيه فرار

و تفرّستك قلوبهم فترنّحوا

رعبا ، و أنت الخمر و الخّمار

و خبت مدافعهم و ذاب حديدهم

و الثّلج يعجب و اللّظى موّار

***

يا فتية الفولجا تحيّة شاعر

رقّت له في شدوه الأشعار

ملاّح وادي النّيل إلا أنه

أغرته بالتّيه السّحيق بحار

أبدا يطوّف حائرا بشراعه

يرمي به أفق و تقذف دار

إني رفعت بكم مثالا رائعا

يوما إليه في العلى و يشار

لشباب مصر و هم بناة حياتها

و حماتها أن حاقت الأخطار

و بمثل ما قدّمتمو و بذلتمو

تغلو الدّيار و ترخص الأعمار

هذي مدينتكم الدّنيا بها و بصنعكم

و تحدّث الأجيال و الأدهار

أحقيقة في الكون أم أسطورة

هذا الصّراع الخالد الجبّار ؟!

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 334 مشاهدة
نشرت فى 21 فبراير 2012 بواسطة newegypt3

ساحة النقاش

newegypt3
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

105,082

المدينة الباسلة

 

Large_1238207239