سابعاً : متطلبات المشاركة السياسية الفاعلة :
تتطلب المشاركة ضرورة توافر عدد من العوامل التى تزيد من فاعليتها وتضمن بقاءها واستمرارها، وتساعدها على تحقيق أهدافها بما يدفع بمعدلات التنمية الشاملة.
وأهم هذه المتطلبات :
1-
ضرورة ضمان توفير المتطلبات والاحتياجات الأساسية للجماهير مثل الغذاء والكساء والمسكن الملائم والصحة والتعليم وفرص العمل وحرية التعبير وغيرها من الاحتياجات التى تحقق الإشباع المادى والنفسى للانسان، ويتيح له قدراً من الاستعداد للمشاركة فى الحياة العامة داخل وطنه.
2-
ارتفاع مستوى وعى الجماهير بأبعاد الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية التى يمر بها المجتمع، ويكتسب هذا الوعى : إما عن طريق سعى الأفراد لبلوغ هذه القدر المطلوب من المعرفة، أو عن طريق الوسائل المختلفة لتكوين الرأى العام داخل المجتمع مثل المؤسسات الحكومية العاملة فى مجال الإعلام والثقافة والتعليم أو المؤسسات غير الحكومية، كالنقابات المهنية والعمالية والجمعيات الخاصة، والاتحادات.. بالإضافة إلى الأحزاب السياسية.
3-
الشعور بالانتماء للوطن، واحساس المواطنين بأن مشاركتهم فى الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية للمجتمع تمثل واجباً تفرضه العضوية فى هذا الوطن.
4-
الايمان بجدوى المشاركة : فاحساس المواطن بأهمية المشاركة وفاعلية هذه المشاركة وسرعة استجابة المسئولين، يعمق من شعوره بجدوى مشاركته ومردودها المباشر على تحسين صورة حياته وحياة الآخرين داخل المجتمع.
5-
وضوح السياسات العامة المعلنة وذلك يتأتى من خلال الإعلام الجيد عن الخطط والأهداف ومدى مواءمتها لاحتياجات المواطنين.
6-
إيمان القيادة السياسية واقتناعها بأهمية مشاركة الجماهير فى صنع وتنفيذ السياسات العامة، واتاحة الفرصة لدعم هذه المشاركة من خلال ضمان الحرية السياسية واتاحة المجال امام الجماهير للتعبير عن آمالهم وطموحاتهم ورأيهم فى قضايا مجتمعاتهم ومشكلاته ومناقشة تصريحات المسئولين والقوانين العامة سواء داخل البرلمان أو عبر الصحف وفى الندوات العامة، فى ظل مناخ آمن ودون تعرضهم لأى مساءلة قانونية.
7-
وجود التشريعات التى تضمن وتؤكد وتحمى المشاركة، وكذلك الوسائل والأساليب المتنوعة لتقديم وعرض الآراء والأفكار والاقتراحات بوضوح تام وحرية كاملة، ومع توافر الأساليب والوسائل والأدوات التى تساعد على توصيل هذه الأفكار والتى تضمن وصول هذه المشاركات لصانع القرار.
8-
وجود برامج تدريبية لمن فى مواقع المسئولية سواء فى الحكومة أو فى المؤسسات غير الحكومية فى المجتمع لتدريبهم على مهارات الاستماع والانصات واحترام فكر الجماهير، وكذلك على أساليب استثارة اهتمام الجماهير وتنمية قدراتهم على المشاركة.
9-
وجود القدوة الصالحة فى كل موقع من مواقع العمل مما يستلزم التدقيق فى اختيار القيادات، والتأكد من وضع الرجل المناسب فى المكان المناسب. فهذه القدوة الصالحة من شأنها أن تكون مشجعة وليست معوقة للمشاركة. كما يفترض فيها إيمانها بإمكانات الشباب ودوره فى عملية التنمية.
10-
اللامركزية فى الإدارة مما يفسح المجال أمام الجماهير لكى تشارك فى إدارة شئون حياتها، ويفتح الباب لكل الجهود والمساهمات التى تقدمها الجماهير.
11-
زيادة المنظمات التطوعية ورفع مستوى فاعليتها حتى تغطى أكبر مساحة ممكنة فتنتشر فى كل مكان وفى كل نشاط، وأن يكون لها دور فاعل من خلال اتاحة صلاحيات أكثر لها ما يجعلها أكثر تأثيراً فى خدمة المجتمع.
12-
تقوية دور مؤسسات التنشئة الاجتماعية والسياسية مثل : الأسرة والمدرسة والجامعة والمؤسسات الدينية والأحزاب ووسائل الاتصال وغيرها ... وتشجيعها على غرس قيم المشاركة لدى الجماهير.
13-
ضرورة التزام وسائل الاتصال بالصدق والموضوعية فى معالجة القضايا والأحداث والمشكلات المختلفة، وافساح المجال أمام كافة الآراء والاتجاهات والأفكار للتعبير عن نفسها بغض النظر عن انتماءاتهم الحزبية أو المهنية.

ثامناً : الآثار الإيجابية للمشاركة السياسية :
تؤثر المشاركة على الأفراد وعلى السياسة العامة للدولة .. فعلىمستوى الفرد تنمى المشاركة فيه الشعور بالكرامة والقيمة والأهمية السياسية وتنبه كلا من الحاكم والمحكوم إلى واجباته ومسؤولياته وتنهض بمستوى الوعى السياسى. كما أنها تساعد على خلق المواطن المنتمى الذى يعد عماد قوة وعافية الجسد السياسى.
وعلى صعيد السياسة العامة تجلب المشاركة أعظم خير لأكبر عدد من الأفراد اذ انهاتدفع الحاكم إلى الاستجابة لمطالب المواطنين وتسهم فى إعادة توزيع موارد المجتمع بشكل أكثر عدالة .. ومن ثم حيث يؤدى ازدياد عدد المشاركين إلى مزيد من العدل الاقتصادى والاجتماعى عن طريق قيام الحكومة بإعادة توزيع الدخل والثروة.

تاسعاً : دور المشاركة السياسية فى التنمية :
تعرف التنمية على أنها توحيد جهود جميع المواطنين مع الجهود الحكومية لتحسين الظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية للجماهير، وربطهم بظروف مجتمعهم ونمط الحياة فيه، وتمكينهم من المساهمة فى تحقيق التقدم والرقى لمجتمعهم.
وبالتالى هناك ارتباط وثيق وتأثير متبادل بين المشاركة والتنمية حيث تتيح التنمية فرصاً اكبر لتوسيع مجالات المشاركة، كما تخلق الحافز للمشاركة. فى الوقت الذى تسمح المشاركة بممارسة الجماهير ضغوطاً على صانع القرار لاتخاذ سياسات لصالح قضايا التنمية.
وترتبط المشاركة السياسية فى الغالب بوجود النظام السياسى الذى يعرف درجة مرتفعة من المشاركة فى مؤسساته المختلفة فالمجتمع الذى تدار مؤسساته الاجتماعية والاقتصادية على أساس سلطوى لا يسمح ولا يشجع على المشاركة السياسية لافراد مجتمعه.
والمجتمع الذى تدار مؤسساته المختلفة الاجتماعية والاقتصادية وفقاً للأسس الديمقراطية فإنه يفرض ظهور النظام السياسى الديمقراطى بمعناه الحقيقى والذى يعتمدعلىالتعددية الحزبية، ويكفل تحقيق الاستقرار السياسى.
ولا شك أن الحكومات خاصة فى الدول النامية لديها الكثير من المسئوليات الكبرى على المستوى القومى، وعليها أعباء كثيرة والتزامات جمة نحو المجتمع، وذلك للتوسع فى خطط وبرامج التنمية الشاملة وفى مقابل ذلك يبقى على الجماهير واجب أن تتحمل بعض الأعباء عن الحكومة، وأن تجند كل طاقاتها وخبراتها لمساندة الحكومة. وأن تسعى قدر استطاعتها للمشاركة رغم أى عراقيل قد تواجهها فى هذا الصدد فالديمقراطية أريقت فى سبيلها الدماء فى المجتمعات المتقدمة ولم تفرض بقرار من أعلى ولم تكن الحرية منحة فى يوم من الأيام.
ولكى تؤتى جهود التنمية ثمارها لابد وأن تعبر عن اهتمامات الجماهير وقضاياهم واحتياجاتهم الفعلية. فالجماهير هدف التنمية وهم أدوات تنفيذ برامجها، وبدون مشاركتهم لا تستطيع الحكومة طرح الفكر التنموى أو محاولة تنفيذه.
فالانسان هو المخطط لتنمية وهو هدفها وهو المنفذ لبرامجها. ومن هنا فإن إدراك الانسان لاحتياجاته الفعلية ووعيه بقضايا مجتمعه ورغبته فى تغيير الظروف المعوقة للتنمية يدفعه إلى الإيمان بجدوى التنمية وبذل الجهود لانجاح مخططاتها وأهدافها، كما أن متابعة الجماهير للقرارات والمشروعات الحكومية وتكوين رأى عام بصددها يسعى لكشف أوجه القصور فيها، يساهم فى تعديل السياسات، ويضمن تحقيق الفائدة القصوى لها على ضوء الإمكانات المتاحة

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 403 مشاهدة
نشرت فى 2 أكتوبر 2011 بواسطة mowaten

ساحة النقاش

mowaten
يأتى الربيع العربى للثورات بمتطلبات ضرورية لعل من اهمها هو نشر التوعية السياسية بين المواطنين بوطننا العربى لارساء وتهيأة البيئة للعيش فى جو ديمقراطى طالما حلمنا به »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

265,215