عين خارقة.. في جسدك

بؤبؤ العين

هذا ما يطمح إليه علماء 2002؛ فطموحهم الذي ليس له حدود يتمنى أن يضع حدًا لإحدى أهم المشكلات الصحية التي يعاني منها العالم ألا وهي "العمى". فقد أعلن علماء "ناسا" في مطلع الأسبوع الماضي عن إمكانية استبدال الشبكية الضامرة بالعين بأفلام رقيقة لها حساسية تجاه الضوء قد تحل محل الخلايا الضوئية الموجودة بالملايين في شبكية الإنسان السليم والمسماة بالخلايا المخروطية والأعوادRods & Cones، وبذلك تصبح العين شبه خارقة على غرار المسلسلات الأمريكية الشهيرة "المرأة الخارقة" و"رجل بستة ملايين دولار".

وبالتحديد كان علماء SVEC من جامعة "هيوستن" الأمريكية هم وراء هذا الحدث الذي يعطي الأمل لملايين الأشخاص في العالم المصابين بالعمى بسبب ضمور هذه الخلايا. ففي أمريكا وحدها يفقد إنسان بصره كل 11 دقيقة، وبحلول عام 2030 فإن عدد العميان في العالم سيكون الضعف باختلاف الأسباب لذلك.

ولكن الخبر قد يبدو لأول وهلة به بعض الغموض، فما الذي أقحم ناسا في مثل هذه الأبحاث، ومن هم علماء SVEC الذين يبشرون بمثل هذا الأمل، بل ما هي هذه الخلايا الضوئية وما الذي تقوم به تحديدا، ولماذا يأتي ضمورها السبب الأول في مشكلة العمى في العالم..؟؟

طموح البشر بين العيون والفضاء...

"ناسا" كانت أول من تبنى استثمار الأعمال التجارية باستخدام الفضاء؛ حيث تشجع رجال الأعمال والشركات الخاصة وغيرها على القيام بمشروعات تجارية باستخدام محطة الفضاء العالمية القابعة في سماء المحيط الهادي. وهو ما يسمى بـ Space Commercialization، وترى ناسا أن ذلك يساعد على نقل منافع الفضاء إلى الأرض، ويعمل على تطوير النمو الاقتصادي وتفهم أكبر للتكنولوجيا، كما يؤدي هذا البرنامج أيضا إلى خلق فرص عمل ومنتجات جديدة لنفع البشرية. وقد أطلقت على هذا المشروع Space Product Development.

SVEC كان أحد هذه المراكز التجارية التي أقامتها ناسا في جامعة هيوستن الأمريكية تقوم بتجارب طبية أو تكنولوجية في الفضاء، ثم تنقلها إلى الأرض ليستفيد منها الإنسان.

في أحد مشاريع SVEC، تقوم الأخيرة بتصنيع خامات الأفلام الرقيقة من الخزف Ceramic Film، مستفيدة من الجاذبية شبه المنعدمة والبيئة الفراغية في الفضاء التي تعتبر أفضل آلاف المرات من أفضل غرفة فراغ على الأرض.

وتبقى الأسئلة الخاصة بالـRods &Cones … أين مكانها بالضبط؟ وكيف تعتمد عليها العين في رؤيتها للأشياء وما دورها تحديدا في مشكلة العمى العالمية؟

وحتى تفهم بوضوح إجابات هذه الأسئلة، فلا بد لنا من جولة مختصرة ومفيدة في سحر العيون، والتي قد تبدو كافية وطريفة بالذات لغير المتخصصين.

كيف ترى العين؟

قطاع في العين يبين تركيبها التشريحي

العين كرة مجوفة.. أول ما يقابلك فيها هو الحدقةIris، العضلة الدائرية الملونة التي تعطيك لون العين الجميل بحسب ما فيها من خلايا الميلانين Melanocytes، يقع في مركزها بؤبؤ العين (المعروف بالنني) Pupil، وهو الذي يسمح بدخول الضوء إلى الشبكية، وتتحكم الحدقة في شدة الضوء من خلال تضييق أو توسيع البؤبؤ.

السطح الخارجي الشفاف يسمى بالقرنية Cornea، وهي التي تغطي الحدقة والبؤبؤ، والمسببة في خلق صورة حادة تسقط على الشبكية في مؤخرة العين.

يتصل بياض العين Sclera بالقرنية وتعتبر جدارا مدعما لمقلة العين Eyeball.. ثم تأتي عدسة العين Lens، وهي البؤرة الداخلية التي تساعد في الحصول على صورة أوضح. يسقط الضوء على الشبكية وهي المكونة من طبقتين: واحدة تسمّى بالعصبية Neural Retina، والأخرى غشاء صبغي يمد العيون باحتياجاتها الأساسية من الطعام خلف الطبقة الأولى بعيدًا عن الضوء. تحمل الشبكية العصبية نوعا من الخلايا المستقبلة للضوء تسمى بـ Rods & Cones وبها بعض الاختلافات الجوهرية نسوقها في هذا الجدول:

وجه المقارنة

Cones
الخلايا المخروطية

Rods
الخلايا الأعواد

المكان

متمركزة بجانب مركز الشبكية في منطقة تسمى بالبقعة macula

تقع على حروف الشبكية

الوظيفة

مسئولة عن رؤية الألوان والأمور التفصيلية

مسئولة عن الرؤية خارج مستوى العين

الضوء

تحتاج إلى الضوء للرؤية

مسئولة عن الرؤية في الضوء الضعيف

العدد

6 ملايين

120 مليونا

الحساسية

أقل حساسية من خلايا الأعواد

أكثر حساسية من الخلايا المخروطية

مثال في الوظيفة

تقرأ هذه المقالة بالخلايا المخروطية

تلمح سيارة مقبلة من الجنب أو أداة على الأرض بهذه الخلايا

يخرج من الشبكية كتلة عصبية Ganglion cells، وهي "الأسلاك" التي تحمل الرسائل إلى العصب البصري Optic Nerve، ومنه إلى الدماغ.

حينما يسقط الضوء على الخلايا الضوئية في الشبكية تحولها إلى نبضات كهربائية دقيقة تنتقل إلى الدماغ، وتتكون الصورة في عملية تسمّى بـ "الرؤية".

ملايين من الناس يعانون من العمى بسبب تليف هذه الخلايا، ومن أشهر أمثلة هذا العطب مرض Retinitis Pigmentosa (RP) (اصطباغ الشبكية ) وMacular Degeneration ضمور البقعة.

يظهر اصطباغ الشبكية بين سن العاشرة إلى الثلاثين في الأنواع الأكثر شيوعا، ويبدأ بمشاكل الرؤيا المعتمة ظاهرة تسمى بالعمى الليلي، ثم يعقبه انخفاض في مجال الرؤية وبالذات الجانبية، فيسقط المريض على الأشياء أمامه، ويفقد بصره يومًا بعد يوم في تداخل واضح للعامل الوراثي.

أما عطب ضمور البقعة فهو يحدث حينما يسد مركز الرؤية في الشبكية (Macula) بالضبط بوجود لطخه أو نقطة ضبابية على صورة من الصور؛ فيسبب مشكلة في القراءة ورؤية التفاصيل الدقيقة، ويعد أول سبب للعمى فوق سن الـ 65.

العين الخارقة من الفضاء

حاول العلماء قديما من جامعة جون هوبكنز تصنيع مستقبلات ضوئية (Rods &Cones.) واستخدموا مادة السيليكون في أعمالهم، إلا أن التجارب باءت بالفشل لعدة أسباب، منها أن مادة السيليكون سامة وتتفاعل بصورة سيئة مع السوائل، كما أن حجمها أدى إلى سد تدفق المواد الغذائية للعين، وهو الذي يؤدي يومًا بعد يوم إلى تلفها.

أما في تجربة SVEC فقد تم اختيار مادة الخزف المعروفة، وصنعت الأفلام الرقيقة من هذه المادة تمامًا مثل أفلام الكمبيوتر الرقيقة الموجودة بداخله Computer - chips. كانت النتائج مطمئنة ولم يتفاعل الخزف بصورة ضارة.. وصنعت هذه الرقائق سداسية الشكل بالضبط كشكل الخلايا المخروطية والأعواد في العين.

وهذه الشبكية الصناعية مكونة من 100 ألف من هذه الرقائق الضوئية، كل واحدة منهم تساوي في حجمها 1/20 من حجم شعرة الإنسان.. حينما تتجمع على شكل صفوف منتظمة وتعطي شكلا سداسيا في النهاية تأخذ حيزًا بسيطًا بالضبط كحجم الخلايا الضوئية الموجودة حقيقة في العين، وبذلك تمر المواد الغذائية بسهولة دون أي عوائق.

عينك والكمبيوتر

والآن، بعد هذه الجولة الخاطفة في هذا العضو الحيوي.... هل تشعر معي بأهمية الحفاظ عليه؟ بل وهل تشعر بالقلق على عينيك اللتين تشعران بالإجهاد كثيرا أمام شاشات الكومبيوتر؟ إذا كنت قد شعرت بذلك؛ فالحقيقة العلمية تؤكد لك أنه لا يوجد أبحاث واضحة حول خطورة استخدام الكمبيوتر.

أما ما تشتكي منه أحيانا من تعب وصعوبة في الرؤية بتركيز، فإن العلماء يرجعون هذه الأعراض إلى الأحوال حول الشاشة، مثل: قلة الضوء، أو عدم وضع الأجهزة بطريقة صحيحة، أو مشاكل قديمة في العين. أما الأشعة الخطيرة التي تبعثها شاشات الكومبيوتر؛ فهي تعتبر منعدمة ولا تشكل خطرًا على العيون (مثل x-Ray).

وينصح العلماء بوضع شاشات الكمبيوتر أقل من مستوى رؤيتك بقليل، وأن تبعدها عن عينيك من 20 إلى 26 بوصة، اضبط النور من حولك، وضع المادة الخارجية التي ترجع إليها على حامل بجانب الشاشة حتى لا تحرك رأسك كثيرا فتصاب العضلات بالإجهاد أو التيبس، وتستمر عيناك في تغيير بؤرة رؤيتها فيؤدي ذلك إلى إجهادها أو الإحساس بالصراع.

غير أن العلم يظهر كل يوم ما هو جديد، هناك نظريات قد تؤكد ما قبلها أحيانًا، أو تطيح بها أحيانًا أخرى؛ لذلك أنصحكَ -كمستخدم للكمبيوتر كثيرًا- ألا تعتمد كثيرا على هذه النصائح حتى تثبت نتائجها تمامًا.

المصدر: منتديات
  • Currently 195/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
65 تصويتات / 521 مشاهدة
نشرت فى 17 سبتمبر 2009 بواسطة moneelsakhwi

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

1,162,064