قذائف المدفعية الصاروخية ونظم الصواريخ البالستية الدفاعية
استعملت القذائف كأسلحة حربية منذ القرن الثالث عشر، وقد استعملها الصينيون تاريخيا لصد الغزاة المغول.
غير ان القذائف الحديثة هي اسلحة اكثر تعقيدا من القذائف الاصلية، وتتميز بتوجيه دقيق وبرؤوس حربية فتاكة جدا. ويقاس مدى الصواريخ الهجومية البرية الحديثة حاليا بمئات الاميال، ما يعني انها تستطيع ان يكون لها تأثير حاسم على ميدان المعركة الحديث. وتبحث الجيوش ايضا عن طرق للمواجهة هذه الاسلحة وحماية المنشآت الاساسية منها. وقد بدأ تطوير نظم الاسلحة، التي طورت في الثمانينات والتسعينات، لمقاومة تهديدات الصواريخ البالستية بتكييفها للدفاع ضد الصواريخ الهجومية البرية لميدان المعركة.
نظم القذائف الصاروخية
ان نظام اطلاق القذائف الصاروخية المتعددة الاغراض المجرب قتاليا (MLRS)، الذي صنعته شركة (Lockheed Martin)، يشكل علامة بارزة لنظام القذائف الصاروخية البعيدة المدى قيد الاستعمال حاليا حول العالم. ويستعمل النظام عملانيا في الجيش الاميركي، وقد نشره ١٥ بلدا وطلبته البحرين والدانمارك وفرنسا والمانيا واليونان واسرائيل وايطاليا واليابان وكوريا الجنوبية وهولندا والنروج وتركيا والمملكة المتحدة. وهو نظام اوتوماتيكي سريع الحركة يعتمد على منصة الاسلحة (M 072). وتطلق منصة MLRS قذائف سطح - سطح ونظام الصاروخ التكتيكي للجيش (ATACMS). ويستطيع طاقم مؤلف من ثلاثة اشخاص سائق ومدفعي وقائد اطلاق ١٢ قذيفة (MLRS) دون مغادرة الحجرة في اقل من ٦٠ ثانية.
تتضمن راجمة (MLRS) قاذفة (M 072) محشوة ب ١٢ قذيفة مرزّمة في حاضنين يستوعب كل حاضن ٦ قذائف. وان القاذفة المركبة على شاسي مطول لمركبة (Bradley) المدرعة المسطحة هي نظام عالي الاتمتة ذاتي التلقيم والتصويب، ويحتوي على كمبيوتر يتحكم بالنار ويدمج عمليات المركبة واطلاق القذائف. ويمكن اطلاق القذائف فرديا او في تتابع من قذيفتين الى ١٢ قذيفة. يحافظ النظام على الدقة في جميع اساليب الاطلاق، لان الكومبيوتر يصحح توجيه القاذفة بين القذيفة والاخرى.
يتضمن رأس القذيفة الحربية التكتيكية الاساسية في نظام (MLRS) ٦٤٤ قنيبلة صغيرة من نوع (M 77) تنثر فوق الهدف في الجو. وهذه القنبلات الصغيرة المزدوجة الاغراض تسلح خلال سقوطها الحر ويوجه شريط بسيط القنابل الصغيرة للانفجار. ويستطيع كل نظام قاذف (MLRS) اطلاق ٨٠٠٠ قذيفة تقريبا في اقل من ٦٠ ثانية على مسافة تتجاوز ٣٢ كيلومترا.
يتمتع نظام القذائف الموجهة (GMLRS)، من شركة (Lockheed Martin) برزمة مؤلفة من نظام (GPS) وتوجيه بالقصور الذاتي وجنيحات صغيرة في مقدم القذيفة لتعزيز دقتها.
وقد تخطى النظام (GMLRS) مرحلة التطوير والاختبارات التجريبية في كانون الاول"ديسمبر عام ٢٠٠٢. وبدأ انتاجه الاولي بمعدل منخفض في نيسان"ابريل عام ٢٠٠٣. وتحققت قدرته العملانية الدولية (IOC) في عام ٢٠٠٦، لكن نشره عملانيا تم في ايلول"سبتمبر عام ٢٠٠٥ في العراق وافغانستان.
تطلق راجمة (MLRS) ايضا صواريخ موجهة بعيدة المدى (ATACMS)، تنتجها شركة (L. Martin)، وتشمل طائفة هذه الصواريخ الفئة (Block 1) و (Block 1A) والصواريخ الفردية من فئة (Block 1A). ويحمل صاروخ الفئة (Block 1)، الذي استعمل خلال عملية عاصفة الصحراء (ODS) ٩٥٠ قنبلة صغيرة بحجم كرة المضرب (M 47) الى مسافة تتعدى ١٦٥ كيلومترا. وان صاروخ من الفئة (Block 1A) يوسع المدى الى اكثر من ٣٠٠ كلم اثر خفض حمل الذخيرة الثانوية اضافة توجيه بنظام (GPS).
يشكل نظام المدفعية الصاروخية العالي الحركة (HIMARS) احدث نظام في طائفة منصات (MLRS). وهو (HIMARS) نظام مدفعي صاروخي عالي الحركة يمنح قدرة على اطلاق النار من نظام اطلاق القذائف المتعددة (MLRS) مثبت على شاسي مدولب. وقد استعمل مشاة البحرية الاميركية والجيش الاميركي النظام اعتبارا من عام ٢٠٠٣، وطلبت سنغافوره والامارات العربية المتحدة شراء هذا النظام. وقد جرب نظام (HIMARS) في عام ٢٠٠٤ بنجاح في اطلاق قذيفة (GMLRS) الموجهة الى مسافة تتعدى ٧٠ كيلومترا. ويستطيع نظام (HIMARS) ان يطلق ايضا صاروخ (ATACMS) الموجه على مسافة بعيدة. ويحمل النظام (HIMARS) رزمة واحدة مؤلفة من ٦ قذائف على متن طائفة المركبات التكتيكية المتوسطة (FMTV 6 X6) ذات الدفع على عجلاتها كافة وهي تزن ٥ اطنان من انتاج فرع مركبات (AHTVSD) في تكساس. وتزن مركبة نظام القذائف (HIMARS) ٢٤٠٠٠ رطل تقريبا مقارنة مع قاذفه القذائف الصاروخية (MLRS M072) القياسية التي تزن ٤٤٠٠٠ رطل. ويمكن نقل النظام المعني (HIMARS) على متن طائرة (C-031)، مما يتيح ادخال النظام الى مناطق لم تكن ممكنة سابقا على متن الطائرات الاكبر من فئة (C-141) و(C-5) المطلوبة لمركبة اطلاق الصواريخ من فئة (M072).
ان صاروخ (9K85 Smerch) ٣٠٠ ملم الذي يطلق عبر منصة (MLRS) هو سلاح روسي، صمم ليخترق تدريع الاهداف اللينة والصلبة وتدمير نظم المدفعية والصواريخ، وهو تنتجه رابطة البحث والانتاج (Splav) التابعة للدولة في مدينة (Tula) في روسيا، والتي تصنع ايضا قاذفات (Uragan) و(Grad) و(Prima). وقد طور نظام (Smerch) في مطلع الثمانينات ودخل الخدمة في الجيش الروسي في عام ١٩٨٨. كما يستعمل ايضا في روسيا البيضاء واكرانيا، وقد صدر منه الى الكويت ٢٧ نظاما وللجزائر ١٨ نظاما، وتقدمت الهند في كانون الاول"ديسمبر عام ٢٠٠٥ بطلب لشراء ٣٨ نظاما اوليا. ويعمل الجيش الروسي على تحديث نظم (Smerch - MLRS بنظم ملاحة وتصويب جديدة.
تعتمد مركبة الاطلاق على شاسي مدولبة، طراز (MAZ-345M 8x8) مثبت عليها قاذفة تحمل ١٢ انبوبا. وقد صنعت المركبة شركة (Auto Zavod) في مدينة (Minsk). وقد رتبت الانابيب في صفني، يتألف كل صفين من اربعة انابيب يعلوها ثالث من اربعة انابيب ايضا. ويشغل القاذفة طاقم مؤلف من اربعة اشخاص، وهي قادرة على الاطلاق قذيفة او رشقات.
يطلق نظام (Smerch) قذيفة (9M55K) عيار ٣٠٠ ملم، وهو مجهز بمحرك دفع يعمل بالمواد الصلبة. ويبلغ مدى اطلاقه من ٢٠ الى ٧٠ كلم. ويبلغ طول قذيفة (9M55K) ٥،٧م وتزن اكثر من ٨٠٠ كلغ. وهي مجهزة اما برأس حربية تتضمن ذخيرة ثانوية ذات شظايا عالية التفجير (27 HE-FRAG) او برأس حربية وحيدة منفصلة (HE-FRAG) شديدة الانفجار. ويمكن ان تجهز القذيفة ايضا برأس حربية تتضمن ٥ ذخائر ثانوية مضادة للدروع من نوع (Bazalt MOTIV - 3F). وتتمتع الذخيرة الثانوية الذكية بمستشعرات مزدوجة اللون تعمل بالاشعة تحت الحمراء للتوجيه النهائي وبرؤوس حربية متشظية بطاقة متحركة يقال انها قادرة على اختراق درع سماكته ٧٠ ملم بزاوية ميل قدرها ٣٠ درجة في الحالات العادية. وطورت (Splav) ايضا قذيفة جديدة تحمل الرمز (9M825) تستعمل مادة دفع مركبة ذات طاقة عالية تمنح مدى موسعا لغاية ٩٠ كيلومترا.
الصواريخ الدفاعية
يقتضي الدفاع ضد اسلحة الهجوم البري المتقدمة شبكة نظم صواريخ دفاعية متعددة الطبقات، ولعل اكثرها تعقيدا هو نظام (THAAD) الصاروخي الذي طورته شركة (L.Martin)، وهو نظام سلاح دفاعي ينقل بسهولة للحماية ضد التهديدات المعادية المقتربة المهاجمة مثل الصواريخ البالستية التكتيكية وصواريخ مسارح العمليات، على مسافة ٢٠٠ كلم وعلى ارتفاع ١٥٠ كلم. ويؤمن نظام (THAAD) للطبقة العليا درعا دفاعية مؤلفة من طبقات لحماية المواقع الاستراتيجية او التكتيكية ذات القيمة العالية، كالمطارات والاماكن السكنية ويعترض الصاروخ (THAAD) التهديدات في الاجواء الخارجية او في نهاية طبقة الجو العليا. ويتم حماية المواقع ايضا بنظم تشكل دروع دفاع على المستويات المنخفضة والمتوسطة، مثل صاروخ (Patriot PAC-3) من شركة (Raytheon) الذي يعترض الصواريخ المقتربة المعادية على ارتفاع اقل من طبقة الجو العليا ب ٢٠ الى ١٠٠ مرة.
ومن المتوقع ان يحصل الجيش الاميركي على ٨٠ الى ٩٩ قاذفة صواريخ (THAAD)
وعلى ١٨ رادارا ارضيا وعلى ١٤٢٢ صاروخ (THAAD). وتقرر انشاء كتيبتي (THAAD)، تتألف كل كتيبة من ٤ بطاريات. وقد طلبت الامارات العربية المتحدة في ايلول"سبتمبر عام ٢٠٠٨ شراء ٣ وحدات اطلاق لصواريخ (THAAD) و١٤٧ صاروخا و٤ رادارات (THAAD) و٦ محطات تحكم بالاطلاق و٩ قاذفات صواريخ.
يشكل الدفاع عن النقطة ضد الصواريخ الهجومية البرية خط الدفاع الاخير الذي يعتمد على مجموعة من المدافع والصواريخ لقهر التهديدات. وان صاروخ (Pantsyr - S1) الذي صممته روسيا هو نظام دفاع جوي قريب صمم للدفاع عن المنشآت الارضية ضد اسلحة مختلفة تشمل الطائرات بجناح ثابت والطوافات والصواريخ البالستية والجوالة والذخيرة الموجهة بدقة والمركبات الجوية دون طيار. ويستطيع الصاروخ الاشتباك ايضا مع اهداف ارضية مدرعة خفيفة. وقد صمم الصاروخ مكتب (KBP) للتصميم في مدينة (Tula) الروسية، وينتجه مصنع Ulyanovsk للمعدات الميكانيكية في مدينة (Ulyanovsk) في روسيا. ويخضع النظام للتجارب في سلاح الجو الروسي، على ان تكون دفعات التسليم الاولى من نظم الانتاج خلال عام ٢٠٠٨. وكانت الامارات العربية المتحدة طلبت في ايار"مايو عام ٢٠٠٠ نحو ٥٠ نظام (Pantsyr - S1) محمولا على مركبات مدولبة من طراز (MAN SX 54 8x8). وقد سلمت الدفعة الاولى في تشرين الثاني"نوفمبر عام ٢٠٠٤. وقد طلبت الامارات العربية المتحدة ايضا رادارا جديدا، وتمت التسليمات الاولى للنظام المنجز في عام ٢٠٠٧. ومن المقرر اجراء التسليمات النهائية في عام ٢٠٠٩. وتقدمت سوريا بطلب لشراء ٥٠ نظام (Pantsyr - S1). وبدأ التسليم في حزيران"يونيو عام ٢٠٠٨. كما تقدم الاردن ايضا بطلب للحصول على عدد من النظم لم يُكشف عنه.
يحمل نظام (Pantsyr - S1) ١٢ صاروخا سطح - جو طراز (75E6) على قاذفاتها. ويبلغ مدى الصاروخ كيلومترا واحدا الى ١٢ كلم. وجهز مدفعا (2A27) عيار ٣٠ ملم ب ٧٥٠ قذيفة متنوعة متشظية عالية الانفجار وخارقة للدروع وبشظايا خطاطة. ويبلغ معدل الاطلاق القصوي ٧٠٠ قذيفة بالدقيقة، ويبلغ مداها لغاية ٤ كلم.
يُدعى نموذج الجيش الاميركي للنظام المضاد للصواريخ (CIWS Phalanx) المستخدم في البحرية الاميركية (C-RAM)، وهو جزء من اسلحة الصواريخ والمدفعية والهاون المضادة للصواريخ المهاجمة في الجيش. نشر نظام (Phalanx) الارضي في العراق في صيف العام ٢٠٠٥ لحماية القواعد العاملة الامامية والمواقع الاخرى ذات القيمة العالية في بغداد وحولها. كما نشره الجيش البريطاني في جنوب انكلترا. ويستعمل كل نظام مدفعا من نوع (M16A1 Gatling) يطلق ٣٠٠٠ او ٤٥٠٠ قذيفة من نوع (M-642) او (M-049) بالدقيقة للتغلب على التهديدات الصاروخية الموجهة الى الداخل.
ويذكر ان نظم (Phalanx) البحرية تطلق قذائف من التنغستين تخترق الدروع، اما نظام (C-RAM) الخاص بالجيش، فيستعمل ذخيرة خطاطة حارقة عالية التفجير (HEIT - SD) ذاتية التدمير طورت اصلا لنظام الدفاع الجوي (M361 Vulcan) وتنفجر هذه القذائف لدى تماسها بالهدف او عند انطفاء الخطاط.
أسلحة المستقبل
صُممت قذائف الهجوم البرية لتواصل تطورها وتصبح اكثر دقة وفتكا. وهذا يعني، ان الجيوش سوف تبحث بازدياد عن وسائل تطوير للحماية من الصواريخ المهاجمة.
ساحة النقاش