تلاوة كتاب الله مطلب عزيز لكل مسلم ، وقد حثنا القرآن على ذلك في آيات متعددة ؛ مثل قوله تعالى :
{وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً }المزمل4
{الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ أُوْلَـئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ }البقرة121
{إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ }فاطر29
{فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ }المزمل20
{رَسُولٌ مِّنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفاً مُّطَهَّرَةً }البينة2
كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما معناه :
" من قرأ القرآن وهو عليه شاق له أجران أجر القراءة وأجر المشقة ، ومن قرأه وهو به ماهر فهو مع السفرة البررة "
" من قرأ القرآن فله بكل حرف حسنة ، أما إني لا أقول ألف لام ميم حرف ، ولكن ألف حرف ، ولام حرف ، وميم حرف "
ونحاول هنا تبسيط أحكام التلاوة ، وذكر بعض قواعدها الأساسية ، وتشمل هذه الأساسيات عدة دروس وهي :
- الدرس التمهيدى : نطق الحروف نطقا سليما من مخارجها الصحيحة
- الدرس الأول : المد
- الدرس الثاني : حكم النون الساكنة والتنوين
- الدرس الثالث : الغنة
- الدرس الرابع : حروف القلقلة
- الدرس الخامس : التفخيم والترقيق
- الدرس السادس : متفرقات
وسوف نتناول في هذا المقال الدرس التمهيدي ثم نتبعه قريبا بقية الدروس في مقال آخر إن شاء الله.
الدرس التمهيدى – نطق الحروف نطقا سليما من مخارجها الصحيحة
يتعلم الإنسان نطق الحروف وهو طفل ، والطفل العربي ينطق معظم الحروف بطريقة صحيحة إلا أن هناك بعض الملاحظات يجب التنبيه عليها لاحتمال الخطأ فيها وهي :
- يجب إخراج طرف اللسان عند نطق حروف الثاء والذال والظاء.
- مخرج حرف الضاد يختلف عن مخرج حرف الدال ، وفي هذا الحرف خطأ شائع إذ ينطقه كثير من الناس دالا مفخمة من نفس مخرج حرف الدال ، أما المخرج الصحيح لحرف الضاد فهو الناحية اليمنى أو اليسرى من تجويف الفم أعلى ضروس الفك العلوي مباشرة ، بينما مخرج حرف الدال من الأمام أعلى الثنيتين الأماميتين ، وهناك فرق آخر وهو أنه يجب عند نطق الضاد إطباق الفكين بحيث تتلامس ضروس الفك العلوي مع ضروس الفك السفلي ، أما عند نطق الدال فإن الفكين يكونان متباعدين قليلا.
- أن معظم الحروف العربية تنطق مرققة ، والحروف التي تنطق مفخمة معدودة ، منها سبعة مفخمة في جميع أحوالها وتسمى حروف الاستعلاء وجمعها بعضهم في هذه العبارة : " خص ضغط قظ " ، كما يوجد حرفان آخران يفخمان في بعض المواضع ويرققان في مواضع أخرى وهما حرفي الراء واللام.
- يوجد خمسة من حروف الاستعلاء السبعة لا يخطئ أحد في تفخيمها لأنه لو ترك تفخيمها ورققها فإنها ستتحول إلى حرف آخر ، لذلك فلا محل للخطأ فيها ، فمثلا كلمة طالب إذا رققت الطاء ستصبح تالب وسيظهر الخطأ بوضوح لأنها ستتحول إلى تاء ، وهذا التحول يجعل الشخص منتبها فلا يخطئ فيها ، كذلك كلمة قارب إذا تم ترقيق القاف تحولت إلى كاف ونطقت كارب فيظهر خطؤها فورا ، كذلك كلمة ظالم تتحول إلى ذالم ، وكلمة صارخ تتحول إلى سارخ ، وكلمة ضارب تتحول إلى دارب ، وبذلك يستبعد احتمال الخطأ في هذه الحروف الخمسة لأنها ستتحول إلى حرف آخر يجعل المخطئ ينتبه إلى خطئه فيصححه ، أما الحرفان الآخران من حروف الاستعلاء المتتمان للسبعة وهما الخاء والغين ؛ فإنهما عرضة لترك التفخيم لأنهما لا يتحولان إلى حرف آخر ، ولذلك فإن الخطأ في نطقهما بالترقيق شائع ، ولذلك يجب الانتباه في هذين الحرفين خاصة ، فمثلا كلمة خالد قد ينطقها الشخص على وزن قائد وقد ينطقها على وزن كائد فإن نطق كلمة خالد بالتفخيم على وزن قائد فهذا هو الصحيح وإن نطقها مرققة على وزن كائد فهذا خطأ ـ كذلك كلمة غالب إن نطقت على وزن قالب فهذا صحيح وإن نطقت على وزن كالب فهذا خطأ ، وهكذا يكون الحال في جميع الكلمات التي تشتمل على حرف الخاء أوالغين ، فيجب الانتباه إلى ضرورة تفخيم هذين الحرفين وعدم ترقيقهما لأنهما من حروف الاستعلاء.
- أما الحرفان اللذان يفخمان في بعض المواضع ويرققان في بعضها الآخر فهما حرفي الراء واللام ، وعلى حسب قراءة حفص المطابقة للهجة قريش فإن الراء تفخم في حالات الفتح والضم والمد بالألف والمد بالواو ، وترقق في حالتي الكسرة والمد بالياء، وإن كانت الراء ساكنة فإنه تفخم إن كان ما قبلها مفتوحا أو مضموما أو إن كانت مسبوقة بمد بالألف أو الواو ، فإن كانت مسبوقة بكسر أو بمد بالياء فإنها ترقق ، أما اللام فهي بحسب قراءة حفص لا تفخم إلا في لفظ الجلالة بشرط أن يكون ما قبلها مفتوحا أو مضموما ، فإن كان ما قبلها مكسورا رققت اللام في لفظ الجلالة ، وأما في غير لفظ الجلالة فإن اللام حكمها الترقيق.
وبذلك ينتهي درسنا التمهيدى وسوف نتبعه بقية الدروس في مقال قريب إن شاء الله.
ساحة النقاش