صلاح الدين الأيوبي


الناصر صلاح الدين الأيوبي هو يوسف بن أيوب بن شاذي بن مروان. أبو المظفر, الملك الناصر صلاح الدين الأيوبي من أشهر ملوك الإسلام. كان أبوه وأهله من قرية (دوين) - قرية تقع في شرق أذربيجان - وهم بطن من قبيلة الروادية الكردية. كان لشاذي ولدان هما: أيوب وشيركوه, نزل بهما أبوهما إلى تكريت وفيها ولد لأيوب ولد دعاه يوسف, وفيها توفي جده (شاذي) . وفي تكريت تولى أيوب والد يوسف أعمالا, ثم خرج مع أخيه شيركوه إلى الموصل ودخلا في خدمة صاحبها عماد الدين زنكي ولما ملك عماد الدين بعلبك سنة 533هـ ولى عليها أيوب, وبعد قليل قتل عماد الدين في قلعة جعبر سنة 541هـ فلازم أيوب وشيركوه خدمة ابنه نور الدين محمود صاحب دمشق وحلب, ونالا لديه مقاما محمودا, وتلقب أيوب بلقب نجم الدين وتلقب شيركوه بلقب أسد الدين وتلقب يوسف بلقب صلاح الدين. وفي سنة 558هـ اشترك صلاح الدين مع عمه أسد الدين في حملة وجهها نور الدين إلى مصر لنجدة شاور بن مجير السعدي وزير العاضد الفاطمي ضد خصمه ضرغام بن عامر اللخمي وأدت الحملة مهمتها بعد معركة قتل فيها ضرغام وأعيد شاور إلى الوزارة وكان ضرغام قد انتزعها منه. وعاد أسد الدين وصلاح الدين إلى دمشق . ولم يلبث أن استنجد العاضد الفاطمي بنور الدين محمود لينقذه من شاور الذي استبد بالسلطة, فينجده بحملة ثانية يقودها أسد الدين شيركوه ومعه ابن أخيه صلاح الدين, ولما دخلت الحملة إلى مصر هرب شاور ثم قبض عليه وقتل, وقلد العاضد الوزارة أسد الدين فتولاها وتوفي بعد بضعة أشهر فتقلدها من بعده ابن أخيه يوسف ولقبه العاضد بالملك المظفر صلاح الدين فتولى السلطة وباشرها بحزم. ولما مرض العاضد مرض موته قطع صلاح الدين الخطبة عن العاضد وخطب للخليفة العباسي المستضيء بأمر الله فأنهى بذلك حكم الدولة الفاطمية وأصبح صلاح الدين هو صاحب السلطة في مصر.

وفي عام 569هـ توفي نور الدين محمود بن عماد الدين زنكي فخلفه ابنه الصالح إسماعيل, وكان صغيرا, فاضطربت أمور البلاد الشامية والجزيرة ودعي صلاح الدين لضبطها. فأقبل سنة 570هـ على مشق فاستقبله أهلها بحفاوة واستولى بعد ذلك على بعلبك وحمص وحماة وحلب. ثم تخلى عن حلب للملك الصالح إسماعيل وانصرف إلى عملين جليلين: أحدهما الإصلاح الداخلي في مصر والشام, والثاني دفع غارات الصليبيين ومهاجمة حصونهم وقلاعهم في بلاد الشام . فبدأ بعمارة قلعة مصر وأنشأ فيها مدارس وآثارا. ثم انقطع عن مصر بعد رحيله عنها سنة 578هـ إذ تتابعت أمامه حوادث الغارات وصد الاعتداءات الصليبية في الديار الشامية, فشغلته بقية حياته, ودانت لصلاح الدين البلاد من آخر حدود النوبة جنوبا وبرقة غربا إلى بلاد الأرمن شمالا وبلاد الجزيرة والموصل شرقا, وكان أعظم انتصاراته على الصليبيين في فلسطين والساحل الشامي يوم حطين سنة 583هـ الذي تلاه استرداد طبرية وعكا ويافا إلى ما بعد بيروت ثم افتتاح القدس سنة 583هـ ووقائع على أبواب صور فدفاع مجيد عن عكا انتهى بخروجها من يده سنة 587هـ بعد أن اجتمع لحربه ملكا فرانسا وإنكلترا بجيشهما وأسطولهما, وأخيرا عقد الصلح مع ملك إنكلترا ريشار قلب الأسد على أن يحتفظ الصليبيون بالساحل من عكا إلى يافا وأن يسمح لحجاجهم بزيارة بيت المقدس وأن تخرب عسقلان وأن يكون الساحل منها إلى الجنوب لصلاح الدين. وعاد ريشار إلى بلاده وانصرف صلاح الدين من القدس بعد أن بنى فيها مدارس ومستشفيات ومكث بعد ذلك في دمشق مدة يسيرة انتهت بوفاته. كان صلاح الدين شجاعا, شهما, مجاهدا في سبيل الله, وكان مغرما بالإنفاق في سبيل الله, وكانت مجالسه حافلة بأهل العلم والأدب. وكان محبا للعدل, يجلس في كل يوم اثنين وخميس في مجلس عام يحضره القضاة والفقهاء ويصل إليه الكبير والصغير والشيخ والعجوز, وما استغاث به أحد إلا أجابه وكشف عن ظلامته. أبطل في سنة 572هـ المكوس (الرسوم) التي كانت تؤخذ من الحجاج في جدة وعوض عنها أمير مكة داود بن عيسى بن فليتة في كل سنة ثمانية آلاف إردب قمح ويحمل مثلها فتفرق في أهل الحرمين: مكة والمدينة.

كان صلاح الدين إلى جانب هيبته رقيق النفس والقلب, على شدة بطولته, وكان رجل سياسة وحرب, بعيد النظر, متواضعا مع جنده وأمراء جنده, يحس المتقرب منه بحب ممزوج بهيبته. له اطلاع حسن على جانب من الحديث والفقه والأدب ولا سيما أنساب العرب ووقائعهم. لم يدخر لنفسه مالا ولا عقارا وكانت مدة حكمه بمصر 24 سنة وبسورية 19 سنة, وخلف من الأولاد 17 ولدا ذكرا وأنثى واحدة. للمصنفين كتب كثيرة في سيرته منها: كتاب (الروضتين) لأبي شامة في تاريخ دولته ودولة نور الدين محمود وكتاب (النوادر السلطانية والمحاسن اليوسفية) لابن شداد ويسمى سيرة صلاح الدين وكتاب (البرق الشامي) في أخبار فتوحاته وحوادث الشام في أيامه لعماد الدين الكاتب و (النفح القسي في الفتح القدسي) لعماد الدين أيضا و (صلاح الدين وعصره) لمحمد فريد أبو حديد و (حياة صلاح الدين الأيوبي) لأحمد بيلي المصري. توفي صلاح الدين بقلعة دمشق عن 57 عاما وارتفعت الأصوات بالبلد بالبكاء. بويع لولده الأفضل نور الدين علي من بعده وكان نائبه على دمشق .

 
  • Currently 137/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
46 تصويتات / 9706 مشاهدة
نشرت فى 31 مايو 2008 بواسطة map5map

ساحة النقاش

map5map
»

أقسام الموقع

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

21,821