مجلة عشاق الشعر الإلكترونية .. ممدوح حنفي


‫#‏ذكريات_أليمة‬
بيضاء ،ميسان، ،فيحاء ، هيفاء ،قصيرة ، جذابة ، ساحرة ...
هكذا كنت أراها دوماً . كنت أنتشى عبيرها و أسكر . لم أذق طعم الخمر قط ، ولم تمارس هى ما أنزل على هاروت وماروت أبداً، لكنّى كنت إذا رأيتها ، أسكر و تطرب كل حواسى . 
فى المرحلة الإبتدائية ،كنت أكتب قصائد بدائية ، وكنت أقرأها فى الإذاعة المدرسية ، كانت تطلبها منى ، وكنت أفرح بمن يشجعنى ، لكن تشجيعها ، كان كوقود جبار .
تقرأ قصائدى الوردية وعلى وجنتيها حمرة الخجل ، هكذا كنت أتخيلها !
فى المرحلة الإبتدائية ،كنت أكتب قصائد بدائية ، وكنت أقرأها فى الإذاعة المدرسية ، كانت تطلبها منى ، وكنت أفرح بمن يشجعنى ، لكن تشجيعها ، كان كوقود جبار .
تقرأ قصائدى الوردية وعلى وجنتيها حمرة الخجل ، هكذا كنت أتخيلها !
ترشحنا لرئاسة الفصل ، واختارونى ، كانت تحب مشاكستى ، وكنت أعشق ذلك فيها.
لها ألف اسم واسم فى قلبى ، فهى الحبيبة ، وهى الزميلة ، وهى الأخت والصديقة ، والفاتنة ، والساحرة ، والآسرة ، ...وغير ذلك كثير .كنت أتحامق معها أحياناً ، فأكتب اسمها ضمن المشاغبات ، وكانت تعاقب فتبكى، وكنت أحزن ، فيواسيها القلب بكاءاً ولوعة ووجعاً وتسلية .
كانت تسامحنى وكنت أقسو ، 
كانت تتقرب وكنت أبتعد وأنا...وأنا فى أمس الحاجة للإقتراب.
فى درس خصوصى ، جلست -هى- فى المكان المخصص لى ، أحرجت فأخبرتها أنها بلا دم ولا مشاعر، وكنت أنا الذى بلا دم ولا مشاعر ، وكأنى مارست الإسقاط عليها .
لا تلومونى ، فقد كنت صغيراً على الحب ، ولا أجيد التصرف فى هذه الأحايين العاطفية، عاقبنى المعلم ، غادرت حجرة الدرس ، خرجت وراءى تلحق بى ، بلا تردد رجعت معها، مضينا صامتين ، واكتفينا برسالات القلوب المعاتبة والمسامحة ، انتهى الدرس ، ومضينا وفى طريق عودتنا أظلتنا غيمة مطر ، جرينا نختبئ تحت مظلة ، واقتربت منى وكأنها تقول لى دفئك أنشد ، لكنى لم أكن جريئاً حتى لأخلع لها معطفى الرث ، فى حركة سينمائية كثيراً ما كنت أراها وأتمنى ان تحدث معى ، لكن ساعة حدثت ، وجدتنى "بطة بلدى".
بعد انتهاء اليوم الدراسى ، كنت أذهب إلى حقلنا الصغير وآخذ بعض كتبى معى لأذاكر إلى جوار الخضرة والماء والوجه الحسن ، حيث كانت تسكن فى مقابلة حقلنا ، لا يفصلنا عنها سوى ترعة و طريقين . كانت تقف ى شرفة فيلتهم وتشاهدنى ، نتصع أنا وهى المذاكرة حيناً ونكونا جادين أحياناً أخرى . 
فى الفسحة وفى وفى المسابقات وفى طريقى الذهاب والعودة تحدثنا فى كل شيئ إلا الحب ، رغم أنه أكثر ما يربطنا . 
كانت تدعونى الفيلسوف تارة و"البروفيسور" تارة أخرى .فى مسابقات الوزارة كنا نحصل على المركز الثالث ، كنا نعتبره انجازاً ضخماً ، فقد كانت معلمة الرسم هى من تدرس لنا لغة انجليزية ، إننا فى قرية ، وقد كان معظم المدرسين من ذوى المؤهلات المتوسطة "دبلوم صنايع" ، أو دبلوم معلمين.
كان تأتى إلى باللوحات لأكتبها ، رغم أن خطها رائع أيضاً . 
هكذا بقينا حتى انتهت المرحلة الإعدادية ، وانتقلنا إلى المدينة . وفى سن المراهقة ، ازددت خجلاً على خجل ، وامتنعت من مجرد النظر إليها ، وقد كنت صبّاً بكل ما تحمله الكلمة من معان ، عاداتنا فى الريف لا تسمح إلا بذلك.
وحين التحقت بالجامعة ، وقابلتها ذات مرة فى القطار، وقد كانت سيارتها تعطلت . سارعت بالنهوض لها كى تجلس جوار النافذة ، وحاصرتها فى جلستها بكل أنواع الأسئلة ، إلا عنها . لازلت خجلاً بعض الشيئ ، لم تغير فىَّ حياة الجامعة كثيراً ، فالطبع راسخ بقوة . 
قابلتها فى بيت صديقى ، كانت زميلة أخته ،وكان صديقى يبدل ملابسه ، وتجرأت وأمسكت ...
أمسكت بمفكرة كانت على المنضدة وكتبت فيها "بحبك " ورميتها أمامها ومضيت بسرعة إلى الخارج . ولم أعلم ماذا فعل بالورقة إلا من صديقى ، حين قال لى أن أباه هو من التقطها ، وقد كانت أسماء على وشك التقاطها ، لكنها حين رأت الوالد مقبل ، أحجمت ، كل هذا وصاحبى يشاهد ، والجميع تسمَّر وقد تملكتهم الدهشة والاستغراب والصدمة والخوف فى آن واحد .
ابتسم أبو صديقى ، وأعطى أسماء الورقة ، ومضى .
خرجت أسماء محرجة ، وكنت أنا بانتظارها ، ابتسمت على عجل ووجل ومضت . وبدأنا رحلة المصارحة بالحب ، كانت أسعد وأشهى أيام ، كنت أكتب فى كل يوم كراساً مليئاً بالكلام الحلو المنمق ، وعدة أبيات مقفاة . 
بعد التخرج تمكنت من مقابلتها ثلاث مرات ، كنت أهديها كتاباتى ، فكانت تحفظها عن ظهر قلب . لم نكمل شهراً ،وكان للقدر ترتيبات أخرى ، حيث بلغ أباها لقاؤنا ، فمنعها من الخروج ، ومن الوقوف فى النافذة ، وأرسل إلى أبى يطلب منه شراء قطعة أرضنا ، أو "الترحيل" من البلد ، 
هم عائلة ومال ونفوذ ، وأبى الضعيف وافق على الفور خشية سطوته. 
وعد أبوها أخاه بتزويجها لولده ، مهندس لكنه كائن يمكن وصفه بأنه "من ذوات الدم البارد " مادى وقح ، فضولى ، ثرثار ، مدخن ، لايصلى ولا يصوم ...، كادت تقتل نفسها ، لكنها لم تتمكن من فعل شيئ ، طلبت منى أن نهرب وأن نتزوج -كما يحدث فى الأفلام- ، رفضت ،كل ما استطعت فعله هو أنى ذهبت إليهم وطلبت الزواج منها ، لكنهم طردونى ، نعم لم يستعملوا معى حتى أدنى درجات الذوق ، طردنى أبوها ، كيف يجرؤ مدرس متواضع للغاية مثلى –يتقاضى ثلاثمائة جنيه كراتب شهرى -، أن يفكر فى ذات الحسب والنسب والمال والجمال ؟!
تمت الزيجة ، وانعكفت على الكتابة فترة حتى أنهيت إجراءات سفرى ، وعزمت على الموت خارج حدود بلادى ! .
‫#‏أحمد_مرعى‬

 

المصدر: مجلة عشاق الشعر الإلكترونية .. ممدوح حنفي
mamdouhh

(مجلة عشاق الشعر)(1)(ممدوح حنفي)

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 80 مشاهدة
نشرت فى 26 نوفمبر 2015 بواسطة mamdouhh

ساحة النقاش

(مجلة عشاق الشعر)(1)(ممدوح حنفي)

mamdouhh
مجلة ألكترونية لكل عشاق الكلمه نلتقي لـ نرتقي »

تسجيل الدخول

ابحث

عدد زيارات الموقع

329,336