مجلة عشاق الشعر الإلكترونية .. ممدوح حنفي

 

حفظ القرآن فى العاشرة من عمره الملآن بالمنغصات، حيث كان ينتمى إلى أسرة فقيرة جداً.
كنا معا فى الكتاب ذاته، وكان يسبقنى بثلاث سنوات ، كان يسخر من سن أخى المكسور ،ومن أنف صاحبى الذى يسيل على الدوام . كنت أتعجب ! كيف يصنع حافظاً للقرآن مثل هذا ؟! ألم يقرأ قول الله تعالى :" ويل لكل همزة لمزة" ؟! ألم يؤدبه القرآن ؟! ألا يخاف الله ؟! "يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم ".
كنت أراه يدخل المسابقات ويحصد الجوائز ، يتفوق على أقرانه ، ينال إعجاب شيوخه ، بتفوق فى دراسته ، لكن بعض سلوكياته لا تتغير ، لا زال يكذب على الشيخ ، يغش فى لعبة "البلى" تلك الكرات الزجاجية الصغيرة الملونة الساحرة والمبهرة لطفولتنا البسيطة والبريئة ، والتى كنا نعتبرها الرماية المذكورة فى حديث عمر "علموا أولادكم السباحة والرماية وركوب الخيل " . 
كنت أشترى منه ، وكان يكسبنى- بالغش – وأشترى منه ثانية ، ويكسبنى أيضاً ، وأنا أعلم أنه يغش ، لكن أمران كانا يدفعانى إلى اللعب معه بجنون ، أولهما : حبى للتقرب من أسرته فقد كان عمه شيخ القرية ، وإمامنا فى تراويح رمضان ، وكنت منجذباً إلى شخصيته بشدة ، كيف استطاع أن يقنع الناس به ، وأن يجعلهم يلتفون حوله ،فهم يصدرون عن رأيه ، ولا يقولون بعد قوله ، يحكمونه فيما شجر بينهم ، وهو على العكس تماماً من ملك بريطانيا ،يحكم ولا يملك.
وثانى الأمرين : هو رغبتى فى أن أراه يرجع عما يفعل ، انتظارى لتوبته واعتذاره، وإعادة إما أموالى أو كراتى الزجاجية الصغيرة .لكنه لم يفعل أياً منهما ! 
مرت الأيام وتركت الكتاب ولم أكمل حفظ القرآن ، فقد كانت رغبة الوالد ، أن أصبح طبيباً ، لا قارئاً للقرآن ، أو إماماً للصلاة ، هكذا صرنا –مع الأسف-نبحث عن المال و الوجاهة الدنيوية .
، وكبرنا وانطلقت فى دراستى متفوقاً بارزاً ، وهو كذلك لكن ليس من عاداتى مقارنة نفسى بأصدقائى أو إخوتى ، فأنا من المؤمنين بأن كل ميسر لما خلق له ، مادمت تسعى فلا تنشغل بالنتائج ، الله سيختار لك الأفضل .
ولحقته فى الكلية ذاتها-الطب- ، لكنه كان أزهرياً ، وكنت "تعليم عام" ، تفوقنا وتخرجنا وعملنا ، 
والحق يقال أنى لم انافسه ، أردت التعاون معه ، وأظهر لى شعوراً متبادلاً، حتى وجد شريكاً آخر واعتذر لى ، هكذا بعض البشر يجدون لذة مع الغريب .
كنت أراه يدخل المسابقات ويحصد الجوائز ، يتفوق على أقرانه ، ينال إعجاب شيوخه ، بتفوق فى دراسته ، لكن بعض سلوكياته لا تتغير ، لا زال يكذب على الشيخ ، يغش فى لعبة "البلى" تلك الكرات الزجاجية الصغيرة الملونة الساحرة والمبهرة لطفولتنا البسيطة والبريئة ، والتى كنا نعتبرها الرماية المذكورة فى حديث عمر "علموا أولادكم السباحة والرماية وركوب الخيل " . 
كنت أشترى منه ، وكان يكسبنى- بالغش – وأشترى منه ثانية ، ويكسبنى أيضاً ، وأنا أعلم أنه يغش ، لكن أمران كانا يدفعانى إلى اللعب معه بجنون ، أولهما : حبى للتقرب من أسرته فقد كان عمه شيخ القرية ، وإمامنا فى تراويح رمضان ، وكنت منجذباً إلى شخصيته بشدة ، كيف استطاع أن يقنع الناس به ، وأن يجعلهم يلتفون حوله ،فهم يصدرون عن رأيه ، ولا يقولون بعد قوله ، يحكمونه فيما شجر بينهم ، وهو على العكس تماماً من ملك بريطانيا ،يحكم ولا يملك.
وثانى الأمرين : هو رغبتى فى أن أراه يرجع عما يفعل ، انتظارى لتوبته واعتذاره، وإعادة إما أموالى أو كراتى الزجاجية الصغيرة .لكنه لم يفعل أياً منهما ! 
مرت الأيام وتركت الكتاب ولم أكمل حفظ القرآن ، فقد كانت رغبة الوالد ، أن أصبح طبيباً ، لا قارئاً للقرآن ، أو إماماً للصلاة ، هكذا صرنا –مع الأسف-نبحث عن المال و الوجاهة الدنيوية .
، وكبرنا وانطلقت فى دراستى متفوقاً بارزاً ، وهو كذلك لكن ليس من عاداتى مقارنة نفسى بأصدقائى أو إخوتى ، فأنا من المؤمنين بأن كل ميسر لما خلق له ، مادمت تسعى فلا تنشغل بالنتائج ، الله سيختار لك الأفضل .
ولحقته فى الكلية ذاتها-الطب- ، لكنه كان أزهرياً ، وكنت "تعليم عام" ، تفوقنا وتخرجنا وعملنا ، 
والحق يقال أنى لم انافسه ، أردت التعاون معه ، وأظهر لى شعوراً متبادلاً، حتى وجد شريكاً آخر واعتذر لى ، هكذا بعض البشر يجدون لذة مع الغريب .
ومن الناحية الإجتماعية كان أهل القرية يلقونه بحفاوة ، يقدمونه للصلاة ، تقدم على عمه ، وخطب الجمعة ، وتصدر للفتوى ، ليس فى الطب ، بل فى الدين .
انضم لقافلة الحزب الوطنى ، أهمل عيادته إلا قليلاً ، حقق الثراء المنشود ، فاق الجميع –مادياً-.
كنت أتسائل عن سر كل هذا البريق !، لم يكن الطبيب الأوحد !، فبالقرية سبعة أطباء وكثيرون من حملة المؤهلات العليا غيره ، منهم المهندس والمحامى والمحاسب والمعلم والضابط ، وغير ذلك ، لكنى لم أتوصل إلى جواب ، حتى التقيت عمه فى إحدى حفلات السمر التى دعى الوجهاء إليها ، فمازحته قائلاً : "ابن أخوك لو فضل على كده عشر سنين ويمسك البلد "، فابتسم لى وقال لى :" يا دكتور لا كرامة لنبى فى وطنه ،يعنى بالعامية كده شاعر البلد ما يسليهاش ، وبعدين ماتخفش...مش دا اللى هيبقى رئيس البلد
، احنا فى منظومة كبيرة يابنى محدش بيعدى الخط المرسومله". 
وبالقعل اكتشفت فيما بعد أن أحد أسباب بريقه هو أن عائلات الريف تتناحر على الزعامة وبما أن معظم مثقفى البلد من عائلات كبيرة فلا يمكن أن ينال أحد منهم مكانته ، لن يسمح له الباقون بذلك حسداً وحقداً ، ومع أن معظم أفراد القرية تجمعهم علاقات نسب ومصاهرة ، لكن حتى الأخوال لن يسمحوا لابن أختهم الذى ينحدر من عائلة منافسة بالتميز عليهم .
هم يفضلون أن يأتى غريب فيكون حكماً عليهم ، لكن أن يحكمهم أحد منهم ، تجدهم يتنازعون ، لم هذا ؟! ولماذا لا يكون الكبير منا؟!
وصدق الله القائل :" ويقولون أهؤلاء منَّ الله عليهم من بيننا "
" قل الله يختص برحمته من يشاء " و " الله أعلم حيث يجعل رسالته " 
سبحان الله!
لكن فى النهاية لا يصح إلا الصحيح ،و لا يكون فى ملك الله إلا ما أراد الله ، وإن الدنيا إذا حلت أوحلت ، وإذا جلت أوجلت ، قامت ثورة يناير ووجهت لطبيبنا الهمام ، السياسى المبجل عشرات التهم ، هرب الكبار و حمل بعض التهم بعض الصعاليك .
، الآن فهمت كلمة عمه "احنا فى منظومة كبيرة يابنى ، ومحدش بيعدى الخط المرسوم له " ،
وقال الذين تمنوا مكانه بالأمس :"ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض " .
ادعو الآن للدكتور ،فهو الآن يسئل.
‫#‏أحمد_مرعى‬

 

المصدر: مجلة عشاق الشعر الإلكترونية .. ممدوح حنفي
mamdouhh

(مجلة عشاق الشعر)(1)(ممدوح حنفي)

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 29 مشاهدة
نشرت فى 25 نوفمبر 2015 بواسطة mamdouhh

ساحة النقاش

(مجلة عشاق الشعر)(1)(ممدوح حنفي)

mamdouhh
مجلة ألكترونية لكل عشاق الكلمه نلتقي لـ نرتقي »

تسجيل الدخول

ابحث

عدد زيارات الموقع

329,330