أهم الأحداث ( قصة روائية ) أو الأفعال والمشاهد ( قصة درامية ) المهمة الحتمية التى تشتملها القصة : وهى الأدوات التى تربط بين القائم بالفعل والمشاهد له ( درامية ) أو المحدث والحادث والواصف له والقارء أو الراوى والمروى له ( روائية ) تجمع بين التفاعل الوجداني الذى يعتمد على الأحاسيس و المشاعر و العواطف0 والتجاوب العقلاني الذى يعتمد على الغرائز و الشهوات و الفطرة والعقل0
لأنها تؤسس لعلم القصة بحقائق علمية كما ينبغى أن يكون الإبداع القصصى بنوعية ، روائى قولى مكتوب مقروء ، ودرامي فعلى فنى مشاهد0
وما من قصة إلا ولابد أن تشتمل على هذه الأحداث.
اولا حدث مثير
الإثارة تخلق الراحة وتهذب المشاعر وتدربها على الليونة والمرونة وعدم الاندفاع
مسبب خارجى مكتسب يعمل على استنهاض الأحاسيس وتهيجها وتفعيل المشاعر وجذبها ، وزغزغة الخيال وإلهامه ، وإقراع طبلة الأذن وتنشيط عصب البصر بفتح الحدقتين على اتساعها ، بوقع قوى يحفزه على الانتباه والشد والاستيعاب والتقبل بسحر، دون التمكن من احتمال لسؤال أو إعطاء العقل فرصة ليبرر ما يحدث ويقبله على ما هو عليه ؛ لأنه على حين غرة وبمفاجأة غير متوقعة تحدث هزة شديدة فى الروح وفى القلب تثبت حركة العينيين ويصمت طنين طبلة الأذن ، بما لا يستوعبها العقل بسرعة تخطفه خطفا حيث تكون أعلى من تخيله وتوقعه وتشده قوة الإثارة والتى تنشط التشويق إلى الفرح والسعادة الذى تنشده النفس ، لأنه مخلص لها من الملل والسأم وعلاجها الفعال ، لذلك تشتاق وتنتظر وتترقب ما يقدم لها ما تهواه ويسعدها وتتطهر مما يرهقها ، وتتخلص مما يمرضها ، وتعالج مما يستنزفها وتصطبر على ما يأتيها ، فتكون الإثارة المسببة لإبهار بمثابة قوة الدفع المهولة لتوسع تلك الشعب الدقيقة والمغذية والحاملة لتلك المشاعر والأحاسيس المجيشة الرقيقة الساكنة والمستنفذة لتعيد إليها النشاط والحيوية من جديد بتدريب متقن ، ونجمله من أن الإثارة تنتج السكون والراحة والليونة والمرونة0
ثانيا : حدث غامض
الغموض يخلق الحذر يخلق العطف ويعلم الصبر ويطهر المشاعر من اللامبالاة 0 الحذر شعور فطرى يتولد من مسبب خارجى مكتسب يوقظ الأحاسيس وينبه ويدرب المشاعر الساكنة الكامنة الداخلية غير الفاعلة ويحركها بليونة ومرونة ونعومة ورقة إلى فاعلة غير مستهجنة مستميلة منجذبة بقوة خفية لما تجده من قدرة لينة لتشارك بفاعلية مع من استلب مؤازرتها برضاها وموافقتها دون أجر، ولكن بوعد على إشباعها وتهدئتها وتنميتها وعلاجها مما علق بها من تشدد وإرهاق وتصلب، ليجدد خلاياها وأنسجتها إلى الوداعة واللين والراحة والوجاهة التى من أجلها خلقت لتحافظ على إنسانية الإنسان وتقف حائلا بين أن يتحول إلى شيء آخر جامد حجر صوان , فهى التى تنظف جدران القلب من الصدأ، وفى كل مرة تستعد للاستنهاض مرة أخرى على حقيقة وليس كذبا حتى لا تستنزف ولا تفتر ولا تفقد خاصيتها 0 ونجمله أن العطف يولد الرحمة0
ثالثا : حدث مفزع
الفزع يخلق الخوف والخوف يخلق الأمن ويطهر من البلادة0 الخوف أو الفزع أو الرهبة هو غريزة متأصلة فى الإنسان وغيره من المخلوقات الحية ، كما أنه فطرة فطر الله الناس عليها وغيرهم أيضا ، حيث إنه إحساس وشعور داخلى يعمل على إسراع رقائق العاطفة ويجهدها أيما إجهاد بسرعة كبيرة لا تهدأ إلا بزوال الخطر وتقليل كهربة تيار الإحساس الذى يعمل على تخفيض حركة رقائق العواطف حتى الوصول بها إلى الدرجة الطبيعية المستقرة عليها وهى الأمان ، تلك الدرجة التى لا تسمح بحرق الرقائق العاطفية وتجعل لديها المقدرة والاستمرار على أن تؤدى دورها بفاعلية متى استنهضت من غير إذن لها 0 الخوف سببه وتفعيله واستدعاؤه وإثارته خطر خارجى قوى ، والخوف مهمته أن يستجيش ويستنهض ويحفز ويجعل المشاعر والأحاسيس على أهبة الاستعداد لما يمكن أن يهدده فى جسده أو نفسه ، ويتعداه إلى ما هو محبب إليه ، وفى المشاهدة يكون الخوف على الشخصية الخيرة التى تهدد سعادتها أو حياتها المخاطر، ويعطى الإنسان فرصة ليدافع ويرد هذا الخطر أو يقلل من قدر وقعه قدر الإمكان . إن لم يستطع رده المؤذى الذى يهدده إلى أقل درجة ممكنة إن لم يستطع منعه المنع الكامل ، وتفعيل الخوف المتولد من أجهزة التنبيه كالسمع والبصر تنبيها خارجيا والإحساس والمشاعر للقلب تنبيها داخليا ربانيا يستشعر الخطر ويستنهض باقى الحواس وباقى الأعضاء لتقوم بدورها، ثم يأتي عقل القلب الذى هو الآخر يقدم نتيجة نهائية دون أن يذكر لك كل الأسباب التى تدعو إلى الخوف ، ولكنه يترك تلك المهمة لعقل المخ إن كان هناك فسحة من الوقت ، وفى هذه الحالة يجب أن يطيع عقل المخ عقل القلب بسرعة حتى يتجنب سبب تحقيق الخوف ، والنتيجة الطبيعية التى تتغلب فى أحايين كثيرة أن يستجيب الشخص لهذا التنبيه ويبتعد بأقصى سرعة عن مصدر التهديد بمجرد أن يلوح فى الأفق ، وهذا شعور طبيعى لا ريب ولا يجب أن نتهم صاحبه ومن يسلك ذلك بالجبن ، إذ عندما تشعر بحرارة اللهب سريعا ينتفض جسدك ويبتعد بسرعة البرق عن مصدر الحرارة , بينما فى القصة لا يتم الهروب بسرعة لأن الخطر بعيد عنا , ولذلك لا تستطيع التخلص منه لأنه باق ومستقر فى الوجدان ولا سبيل لطرده والتخلص والعلاج منه إلا بالأمن المستدعى من نفس مسببات الخوف , وذلك يتأتى بزوال الخطر ونجاة الشخصية التى كسبت تعاطفنا وخوفنا عليها عندما تنجو من الخطر وتعبره إلى الأمان 0 عادة الخوف فى المشاهدة حاضر ومستقبلي وليس بما ذهب وولى , أى ما هو ماض إلا ما ندر وصار مخزونا داخليا له وقت استدعائه عندما يتشابه ويتماثل المؤثر الجديد مع ما سبق من مؤثر مماثل فى الماضى ، إنما استذكار الماضى واستحضاره بما أخاف وأزعج لا أظن أنه يعيد الخوف مرة أخرى لأنك تشعر بذاتك الحاضرة أنها فى أمان ، ومبعث الأمان ابتعادك عن مصدر الخوف الحقيقي، واستدعاء الخوف لا يخيف إلا فترة وجيزة شبه كاذبة لأنها لا تستنفر كل المشاعر ولا تستجيش كل أدوات الدفاع الفاعلة فى الجسد إلى أهبة الاستعداد ، بل العكس هو الذى يحدث أن الخوف المعاد أى المستدعى من الماضى يشل حركة الجسد ويجعلها عاجزة عن القيام بدورها الذى قامت به أول مرة عند التهديد الحقيقى ، ويخالف طبيعتها التى جبلت عليها من استنفار واستعداد حقيقى لكل خلجة وكل عضو فى الجسد من الممكن أن يساعد فى تحقيق المهمة المطلوبة منه بأن يحمى نفسه هو أولا من التهديد والإيذاء , وبالتالى الألم المنتظر أن يحيق به ، بينما الخوف الآنى أو المستقبلي هو الذى يصنع الاستعداد للمجابهة والانتصار والتفوق ، مما يحقق الأمن والراحة النفسية ويجلب السعادة ، والأمن هو الذى يذهب ا
رابعا : حدث محزن
الحزن يخلق الفرح ويطهر من الكآبة والسأم : الحزن يخلق الفرح ويطهر من الكآبة والسأم: هو الكآبة والغضب واليأس وفقدان الأمل، وشعور عكس الخوف، بمعنى أن الحزن لا يكون إلا على ما مضى ويتعداه إلى ما هو حاضر ومستتقبلى أيضا عند الشعور والتنبؤ بالتهديد المستمر الحقيقى لمن لا يستحق التهديد والألم، والحزن هو إجهاد واستنزاف وإضعاف للقوى الداخلية المولدة للمشاعر والأحاسيس والحاملة لها، ويلقى عليها حملا ثقيلا يرهقها أيما إرهاق يصل بها إلى حالة من الإعياء المرضى الذى يحتاج إلى علاج ضروري وإلا ستنهار تلك القوى المولدة والحاملة لهذه المشاعر الجميلة النبيلة المعينة للروح والجسد على تحمل أعباء الحياة بكل ما فيها، وهو ما يجب الحفاظ عليها ورعايتها وصيانتها وعلاجها عند الإجهاد أو الضمور، ولا يكون العلاج إلا بالفرح والسعادة والحبور، فما يذهب الحزن هو الفرح وما يذهب الخوف هو الأمن 0 ثمرة الحزن الفرح
خامسا : حدث أو فعل مؤلم
الألم هو الخالق للشفقة الحاضة على الرفق والرقة ، والمخلصة من القسوة والجبروت 0
هى الخالقة لرقة فى القلب والعذوبة فى المشاعر وتعبئة الروح بالرحمة والرأفة، واستنهاض الأحاسيس لتفعل ما يتوجب عليها فعله، من أن تشارك المتألم ألمه بأن تحمله عنه أو تشاركه فيه ولا تتركه يعانى ويتألم وهو لا يستحق الآلام ولا المعاناة ، بل يتوجب علينا مساعدته ، بأن تشاطره مصابه بالعواطف الصادقة المستجيشة والمستنهضة من الرأفة والرحمة جراء تلك الرقة التى تخلقها الشفقة ، بأن يحمل عنه ما هو فيه ليخفف عنه ما يلاقيه ، ولا يكون من سلاح فعال لتلك الرقة اللينة إلا بالتضرع والتذلل لله رب العالمين حتى ينقذ ويساعد ويلطف بمن استلب شفقتنا ومؤازرتنا وقد استجابت له عواطفنا ، ولكن ثمة مسافة طويلة تفصل بيننا وبينه وليس بوسعنا مساعدته إلا بالتضرع لله الذى حتما يستجيب لنا لأنه أرحم منا بعبده الذى يتألم وهو لا يستحق الألم ، لأن ما ارتكبه من غلطة لم تكن مقصودة ثمرة الشفقة الرفق والرأفة 0
الشفقة هى الرفق والرأفة على إنسان خير فاضل مثلنا تتهدد حياته الأخطار ، وتتهدد سعادته الأحزان والكروب والمصائب ، ويواجه ويصارع قوى أكبر منه لها من الغلبة والحظوة والقوة الكثير ، مما لا قبل للبطل على مواجهتها والتفوق عليها ودحرها الشفقة تخرج الظلم والقسوة والجبروت وتخلصها من قلوبنا نحن المشاهدين لتجعلها سليمة معافاة من الأمراض ، وتهذب وتدرب الضمير على ما يريحه ، وهما نوعان من العلاج والتطهير من الأدران النفسية مثل الحقد والغل وغيره0
عادة تتولد الشفقة من الزلة غير المقصودة التى يرتكبها البطل.
إن الزلة غير المقصودة هى المتسببة فى المعاناة والآلام ، وهى المعقدة لانطلاق فعل البطل نحو مسعاه ، وهنا أمر حتمي الوجوب أن يتضرع – البطل من زل - إلى الله ويندم ويطلب منه الغفران ؛ لأن ما يتبع الزلة هى العقدة ، والعقدة لا يحلها إلا الله لمن تضرع وأفرط فى التذلل له0 وهى تقودنا إلى سؤال مهم ، من المؤكد أن الجميع يسأله وربما يكون مأخذا علينا ، هل الله قاسم مشترك فى أى قصة وهو المحرك الفعلي لها ؟؟!! وكل شيء فيها يجرى بإرادته ؟!! أقول نعم 0 لن نقول قوى غيبية فقد عرفنا ما القوى الغيبية , إنه الله تبارك وتعالى وآمنا به وبرسله وجاء فعل الله نافذا وقاسما مشتركا ومحركا لجميع الأحداث – قصة روائية - والأفعال – قصة فنية دراما 0 فى القصص القرآني بنوعيه .
إذن الزلة الخالقة للمعاناة والناشئة للعقدة والدافعة للتضرع لله هما من ضمن ما يحققان عظم القصة ؛ لأن التضرع لله نوع من العبادة واعتراف منا بوحدانيته وقدرته حتى ولو كنا نشاهد عملا تمثيليا لا حقيقيا أو نقرأ عملا روائيا لا حقيقيا حتى ولو كان خيالا، وما يتبقى منه من حقيقة – يود صناع الفن أن تكون واقعة محققة - من الحتمى أن تكون ذكر الله منا نحن المشاهدين بغية الصناع - ونسبحه ونستغفره ونلجأ إليه ، كما تجبر أنت بطلك إلى الله هذا شرط لا رفاهية من أحد ؛ لأنه بذكر الله تطمئن القلوب ، واطمئنان القلب راحة له من العناء والآلام وهو علاج نفسي فعال مخلص من الكآبة واليأس والهم والحزن 0 أليس كذلك؟! وهو غاية ما تودون من صنع الفن سواء كان مسرحية أو فيلما أو مسلسلا.
وما أود الوصول إليه من فائدة الإثارة والخوف والشفقة والتضرع لله على البطل الذي يعانى ويتألم ويتحمل ويصطبر لنتعلم نحن الصبر على المكاره والشدائد كما هو يتحملها ويعانى منها ، ومن انتصاره على أقداره ومصارعيه ، ذلك يفرحنا ويجبر خاطرنا ، ويجعلنا رفقاء متراحمين وكلهم يشعروننا براحة الضمير ، ولأنه كشف لنا عن مكامن القوة بداخلنا ، وأشعرنا بتفوقنا وتميزنا ؛ لأنه واحد مثلنا عانى وتألم وتحمل وصبر وانتصر فنشعر بجلاء الخوف وإحلال الأمان الذي يمدنا بالراحة النفسية وهى نوع من أنواع العلاج النفسي ، وهو من أهم أهداف العمل الفني والروائى
منقول
ساحة النقاش