ماجد أبوعرب

أخصائي تأهيل نفسي وتخاطب وصعوبات التعلم

ما هو اللعب :

1- اللعب هو وسيلة الطفل في إدراك العالم المحيط ووسيلة لاستكشاف ذاته وقدرته المتنامية ، وأداة دافعة للنمو تتضمن أنشطة كافة العمليات العقلية ، ووسيلة للتحرر من التمركز حول الذات ، ووسيلة تعلم فعالة تنمي كافة المهارات الحسية والحركية والاجتماعية واللغوية والمعرفية والانفعالية وحتى القدرات الابتكارية ، وهو كذلك ساحة لتفريغ الانفعالات ( السيد ، 2001م).2- حركة الطفل أثناء اللعب مظهر من مظاهر حيويته وصحته ، وأكثر ما تبتدئ هذه الحركة في مرحلة الطفولة المبكرة التي يكون فيها اللعب طبيعة فطرية في الطفل لذا فمن قدرة الخالق أن جعل طفولة البشرية أطول الطفولات بين الكائنات الحية ، وقد جعل اللعب والحركة لدى الطفل غريزة في نفسه ليساعد عضلات جسمه وأعصابه وكل جزء فيه على النمو ، أي بناء جسم الطفل يكون أكثر نمواً في مرحلة الطفولة عن غيرها من مراحل عمر الإنسان . ويمكن ملاحظة نمو جسم الطفل وإدراكه معاً من حركاته أثناء اللعب التي تُظهر العلاقة بين إدراكه الحسي ونشاطه الحركي ( ياسين ، 2006م).3-لعب الطفل داخل الأسرة وما يرتبط بها من إعداد وتمرين للقدرات والمهارات أو تنفيس عن الصراعات أو القلق ، فهو أيضاً له دوره في تكوين حب النظام المتمثل في وضع الأشياء وضعاً معيناً في الزمن أو المكان بناءً على قواعد ، وإتمام هذا النظام يصحبه شعور بالانسجام وإدراك له . وميل الطفل إلى النظام عملية تثقيفية اجتماعية تسربت بوادرها من هندسة المباني والأثاث والملابس، وهذا يجعل النظام لا يبتعد عن المعنى المطلق وإنما هو نظام البيئة الاجتماعية الكبيرة التي يحيا فيها الطفل (الشربيني ، صادق ، 2003م).4- يعتبر اللعب مدخلاً لدراسة الأطفال وتحليل شخصياتهم وتشخيص أسباب ما يعانون من مشكلات انفعالية تصل إلى مستوى الأمراض النفسية ويتخذ أطباء النفس من اللعب وسيلة للعلاج لكثير من الاضطرابات الانفعالية التي يعانيها الأطفال لأن الطفل يكون في اللعب على سجيته فتنكشف رغباته وميوله واتجاهاته تلقائياً ويبدو سلوكه طبيعياً وبذلك يمكن تفسير ما يعاني من مشكلات (اللبابيدي وخلايلة ، 1990م). 5- إن الميل الطبيعي وحده هو الذي يدفع الطفل لمزاولة اللعبة باعتبار أن اللعبة ظاهرة طبيعية ونشاط غريزي . 6- إن الطفل يجد في اللعب فرصة للحركة والنشاط والتعبير عن النفس بما يحقق له المرح والسرور والسعادة والاستمتاع .7- انه يشبع حاجة أساسية للطفل لاكتساب الخبرة ووسيلة لاستنفاذ الطاقة الزائدة.8- ينفس عن التوتر الجسمي والانفعالي عند الطفل .9- يدخل الخصوبة والتنوع في حياة الطفل .10- يجذب انتباه الطفل إلى التعلم ، فالتعلم باللعب يوفر للطفل جواً طليقاً يندفع فيه إلى العمل من تلقاء نفسه .11- له تأثير مباشر في تكوين الشخصية المتزنة للطفل وتنميتها وهو الغرض الأساسي للعب المنظم ، إذ يساعد اللعب المنظم بقدر وافر في تقوية الجسم وتحسين الصحة العامة ، ويساهم في المساعدة على النمو العقلي والخلقي وإتاحة الفرصة للتعبير الجماعي .12- له أثره العظيم في تنمية الشخصية الاجتماعية ، فالشخصية الاجتماعية المتزنة أساس العلاقة الطيبة مع الغير ، واللعب مع الجماعة يعتبر سر حياة الطفل .13- كما أن اللعب يعمل على تقوية إرادة الطفل وشكيمته ، إذ أن اللعب يعلم الطفل الالتزام باللعبة والتقيد بقواعدها كما يعلمه القدرة على التحمل والصبر حيث يمكن اعتبار اللعب بمثابة مدرسة حياتية يتعلم منها الطفل الانصياع والتقيد بمبادئ اللعب ونظمه وبالتالي احترام حقوق الآخرين وتقديرهم .(آل مراد ، 2004م)فوائد اللعب :- للعب فوائد وقيم عديدة شملتها سيكولوجية اللعب وتتلخص في النقاط التالية :-1- القيمة الجسدية : اللعب الهادف الموجه ضروري لنمو عضلات الطفل فهو يتعلم خلاله مهارات عدة ، الاكتشاف وتجميع الأشياء وتنمية الحواس بتعويدها وتدريبها على معرفة حقيقة الأشياء من خلال ملمسها أو صوتها أو لونها أو شكلها .2- القيمة التربوية : إن اللعب يفسح المجال أمام الطفل كي يتعلم أشياء كثيرة من خلال أدوات اللعب المختلفة كمعرفة الطفل للأشكال المختلفة وفائدة كل منها كالمنشار للنجار والمطرقة للحداد واستخدام الكهرباء والنار في المنازل ومعلومات كثيرة لا يمكن الحصول عليها من مصادر أخرى أحياناً .3- القيمة الاجتماعية : يتعلم الطفل من خلال اللعب كيف يبني علاقات اجتماعية مع الآخرين وكيف يتعامل معهم بنجاح وبذلك يكسبه معايير السلوك الاجتماعية المقبولة في إطار الجماعة.4- القيمة الخلقية : يتعلم الطفل من خلال اللعب مفاهيم الصواب والخطأ ، كما يتعلم بعض المبادئ والقيم الخلقية كالعدل والصدق والأمانة وضبط النفس والصبر والروح الرياضية .5- القيمة الابداعية : يستطيع الطفل أن يعبر عن طاقاته الإبداعية وذلك بأن يجرب الأفكار التي يحملها ، ويحولها إلى حركات إبداعية مما يؤدي إلى الكشف المبكر عن هواياته وإمكانياته والعمل على تنميتها وصقلها .6- القيمة الذاتية : يكشف الطفل الشيء الكثير عن نفسه لمعرفة قدراته ومهاراته من خلال تعامله مع زملائه ومقارنة نفسه بهم ، كما أنه يتعلم التعامل مع مشاكله وكيفية مواجهتها .7-القيمة العلاجية : يعرف الطفل عن طريق اللعب التوتر والخوف والكبت الذي قد يكون تولد لديه نتيجة القيود المختلفة التي تفرض عليه من بيئته ، لذا نجد الأطفال الذين يعانون من القيود والأوامر من أهاليهم ينشدون الانطلاق والتحرر واللعب أكثر من غيرهم ، ويجدون فيه متنفساً لتصريف ما بداخلهم من عدوان مكبوت . (سويد ،2004مخصائص لعب الطفل:-يمكن تلخيص خصائص اللعب في مرحلة الطفولة المبكرة كالآتي:-
1- تنمو قدرة الطفل على الحركة والقفز والتسلق .
2- تزداد قدرة الطفل على الاستطلاع وينشط التخيل عنده .
3- يفضل الطفل الألعاب التي تستخدم فيها العضلات الكبيرة .
4- في بداية هذه المرحلة يكون اللعب الرمزي أكثر الألعاب شيوعاً ممثلاً في اللعب بالدمى.
5- تنشط ألعاب البناء والتراكيب عند الطفل ،فاللعب بالطين والصلصال ونحوها من الأنماط المحببة للطفل .
6- يميل اللعب تدريجياً في هذه المرحلة إلى الواقعية ، ويقل تدريجياً اللعب التمثيلي .
7- تبدأ مقومات اللعب الاجتماعي الذي تحدده قوانين العلاقة بين أفراد المجموعة أثناء اللعب .( عقل ، 1998م)
أما خصائص اللعب لمرحلة الطفولة المتأخرة :-
1- يستمر اللعب التخيلي الذي يلعب فيه الخيال والتصور دوراً بارزاً ولكنه يؤدي وظيفة سيكولوجية ايجابية تتصل بالتعبير والإبداع .
2- تظهر الألعاب الإجرائية أو الشعبية المألوفة كأعمال الحياكة والخياطة والصناعات اليدوية والحرفية والرسم والدومينو والشطرنج وهذا يساعد في تكوين التفكير المنطقي .
3- اللعب الهادف المخطط يوفر للأطفال فرص النمو العقلي والوجداني والجسدي المنظم فتساعده على تنمية مهارات التواصل والتعاون مع الآخرين واحترام الحقوق والواجبات وتنمي الذات وتزيد من قدرته على تفهم حاجات الآخرين واكتساب العادات الاجتماعية .
4- يتكون لدى الطفل اتجاهات من نوع الاعتزاز والانتماء إلى بعض الشلل والانتماء إلى أبناء جنسه .
5- يتأثر اللعب أنماطه ومستوياته في هذه المرحلة بكثير من العوامل البيئية والوراثية والجنسية والثقافية مع أن وقت اللعب في هذه المرحلة يقل نسبياً . ( اللبابيدي ، خلايلة ،1990م)

الأدوار التربوية للعب:

1- اللعب وسيلة تعلم تربوية يتمكن الفرد بواسطتها من إحداث تفاعل مع عناصر البيئة و موجوداتها مما يؤدي إلى تنمية شخصيته التي تؤثر في سلوكه مع الآخرين .2- اللعب وسيلة تعليمية يدرك الأطفال بواسطتها معاني الأشياء ومفاهيمها فيجعلهم قادرين على التكيف مع واقع الحياة .3- اللعب أداة فعالة تساعد على معرفة الفروق الفردية لدى الأطفال للتمكن من تعليمهم حسب قدرات وإمكانيات كل منهم . 4- اللعب أداة فعالة تساعد بناء شخصية الأطفال اجتماعياً فيبتعدون عن الأنانية وحب الذات وينفتحون على حب الجماعة ويشعرون بمدى ارتباطهم بها فتقوى علاقتهم بمن حولهم ونتيجة لهذا يتعلم الأطفال قواعد السلوك والتواصل مع الآخرين والتكيف معهم فيتكون لديهم نظام أخلاقي قيمي من خلال ذلك ويكتسب الأطفال معايير السلوك الاجتماعية المقبولة .5- ليس اللعب أداة تواصل فيما بينهم فحسب بل بغض النظر عن لغاتهم وثقافتهم وبيئاتهم بل انه أداة للتواصل والتفاهم مع الكبار أيضاً .6- اللعب وسيلة بناءة لنمو شخصيات الأطفال وتوازنها داخلياً لأنها تلبي رغباتهم وتُشبع ميولهم إلى حب المعرفة والإطلاع ، مما يساعد على فهم شخصياتهم والكشف عن قدراتهم عقلياً ونفسياً وثقافياً والعمل على تطوير هذه الشخصيات وتوازنهم الانفعالي والعاطفي وإكسابهم بعض المفاهيم والقيم التي تساعدهم على التكيف مع البيئة وتنمية مهاراتهم وقدراتهم .7- اللعب وسيلة علاجية تساهم في الكشف عن الاضطرابات النفسية والعقلية والعاطفية لدى الأطفال ومساعدتهم على التخلص من المؤثرات والانفعالات لإعادة التوازن إليهم كما يساعد اللعب المربين على إيجاد طرق علاجية لحل مشاكل الأطفال واضطراباتهم حسب مدرسة التحليل النفسي عند فرويد . 8- اللعب رياضة وصحة لأجسام الأطفال فهو المساعد الأول على تطويرها ونموها وتشكيل أعضائها وإنضاجها وإكساب الأطفال المهارات الحركية المختلفة التي تساعد على تحقيق العديد من الأهداف التربوية . ( ياسين ، 2006م) نظريات اللعب :-

هناك عدد من النظريات في علم النفس تناولت اللعب والأنشطة المرتبطة به لدى الأطفال بالدراسة والتفسير منها :-
1- النظرية المعرفية في تفسير اللعب : من علماء مدرسة علم النفس المعرفية "جان بياجيه" الذي ارتبطت نظريته عن اللعب بتعريفه للذكاء حيث يعرفه بأنه: ( تنظيم الواقع على مستوى الفعل أو الفكر لا مجرد نسخه ) ، ولكي تتم عملية تكيف الطفل مع محيطه الطبيعي والاجتماعي والتي تتم بطريقة تدريجية ، يسلم بياجيه بوجود عمليتين أساسيتين هما : الاستيعاب " التمثل " والتلاؤم . وعملية الاستيعاب أو التمثل هي التغيير من خصائص الشيء حتى تتناسب مع الصورة الموجودة في الذهن . أما التلاؤم فهو تغير المعاني الداخلية لتتمشى مع المثيرات الجديدة ، مثال ذلك عندما تعلم الأم ابنها كلمة قطة ، فإذا رأى كلباً قال عنه قطة وهذه هي عملية التمثل وعندما تعلمه أمه أن هذا كلب وليس قطة فإنه يتعلمها فتكون هذه هي المواءمة . ( عاشور ، 1998م) .
ويؤكد بياجيه أهمية تحقيق التوازن والتناسق بين العمليات العقلية والظروف المحيطة بالإنسان أي التوازن بين الاستيعاب والمواءمة ولكن في حالة عدم وجود الاتزان هذا فإن بياجيه يقول إن الاستيعاب بشكله الخالص ، حيث "هكذا" لا يكون متوازناً بعد التلاؤم مع الواقع ، ليس سوى اللعب . أما المواءمة بدون توازن مع الاستيعاب فإنه يسمى محاكاة أو تقليداً وبذلك يكون اللعب والمحاكاة جزأين مهمين لنمو الذكاء . ( عاشور ،1998م).
2- نظرية التحليل النفسي في تفسير اللعب : تشير نظرية التحليل النفسي إلى مجموعة من الفرضيات ، منها فرضية "فرويد" التي تؤكد على القوى البيولوجية التي تشكل مستقبل الكائن الإنساني ومن بين هذه القوى الغريزة ، حيث يولد الطفل مزوداً بمجموعة من الدوافع الغريزية اللاشعورية التي تحرك السلوك وتوجهه . ويؤكد فرويد على أهمية اللعب وعلاقته بالنشاط الخيالي للطفل حيث يفترض أن السلوك الإنساني يقرره مدى السرور أو الألم الذي يرافقه أو يؤدي إليه ، وأن الإنسان يميل إلى السعي وراء الخبرات الباعثة على السرور واللذة والمتعة وتكرارها أما الخبرات المؤلمة فيحاول المرء تجنبها والابتعاد عنها . ( عاشور ،1998م)
ويمكن استخلاص مبادئ اللعب التي تؤكد عليها نظرية التحليل النفسي وهي :-
v الربط بين عملية اللعب والنشاط الخيالي والإيهامي للطفل .
v يعبر الطفل عن رغباته ومشاعره من خلال اللعب.
v يخفف اللعب من التوتر النفسي للطفل ويساعده في حل مشكلاته .
v يمكن دراسة نفسية الطفل من خلال اللعب.
v يهرب الطفل من خلال عملية اللعب من عالم الواقع إلى عالم الوهم والخيال الحر.
v اللعب أداة تواصل بين الطفل والمحيطين به . ( الحيلة ، 2005م)
3- نظرية الإعداد للحياة في تفسير اللعب : يؤكد أنصار هذه النظرية وفلاسفتها أن فترة الطفولة الطويلة للإنسان تساعد طفله على التدرب من خلال اللعب على جميع المهارات التي تلزمه في مرحلة الرشد ، وذلك من أجل تحقيق تكيفه والمحافظة على بقائه ، ولذلك فإن اللعب يرتبط بصراع البقاء . ويأخذ اللعب عند الإنسان أشكالاً مختلفة منها : ألعاب المقاتلة والمنافسة الجسمية والعقلية مثل ألعاب الصيد ، ومنها الألعاب المرتبطة بنشاطات ودية وألعاب التقليد والمحاكاة والدراما وأخيراً الألعاب الاجتماعية . وقد أكدت هذه النظرية على هدف اللعب ووظيفته وعلى تأثر اللعب بالبيئة ونوعية الحياة الاجتماعية والثقافية . ( الحيلة ، 2005م)
كما تعني هذه النظرية أن الأطفال يلعبون ليقوموا بالأدوار التي يقوم بها الكبار والتي يطلب منهم القيام بها مستقبلاً عندما يكبرون وأن الطبيعة قد زودتهم بالميل للعب للتدريب على المهام والوظائف المختلفة التي يقوم بها الكبار فالولد يلعب بالسلاح أو الحصان أو الطائرة ليتدرب على دور المقاتل ، والبنت تلعب بعروستها وتصفف شعرها وتحيك لها الملابس وتهدهدها لتتدرب على دور الأمومة وهكذا . وهناك اعتراض على هذه النظرية هو أن هناك كثير من الألعاب التي يقوم بها الأطفال يتقمصون فيها أدواراً مختلفة لا يمكن أن يقوموا بها في حياتهم المستقبلية إما لتعددها وذلك أن الطفل قد يقوم بدور الشرطي والمحامي والمهندس بينما هو في الواقع المستقبلي لا يمتهن إلاّ دوراً واحداً ، وإما لتضاربها كدور الشرطي واللص أو المدرس والتلميذ ، وإما لعدم أخلاقيتها كاللص أو المنحرف ، وإما لاشتقاقها من بيئات أخرى أو شريحة اجتماعية مغايرة تكون دون شريحته في الرتبة .(حنوره ، عباس ،1996م)
4- نظرية التنفيس والتهيئة : تعود هذه النظرية إلى العالم "كار" Cart ومضمون هذه النظرية يتلخص في أن النظم الاجتماعية تقيد كثيراً من الغرائز لدى الإنسان فيحاول كبتها مما يؤدي إلى اضطراب في نفسه ويعد اللعب أحد أهم الوسائل لإخراج هذا الكبت وللتخلص من الاضطراب( عاشور ،1998م).
كما يرى أصحاب هذه النظرية أن الطفل يلعب لينفس عن شيء مكبوت وليخفف من صراعاته النفسية وليتغلب على مخاوفه الداخلية ، فإذا كان يخاف من العفريت قام بدور العفريت أو أحضر العفريت لخصمه ومن يكرهه ، وإذا كان يكره تناول الدواء سقاه للدمية ، وإن كان يخشى الطبيب لعب دور الطبيب وإن كان يخشى الشرطي يلعب دور الشرطي أو يحضره للانتقام من الدمية وهكذا . غير أننا لو حللّنا ألعاب الأطفال لا نجدها تقع كلية في بؤرة الإسقاطات النفسية فمن الأدوار التي يقوم بها الطفل ما هو محبوب وما هو مكروه ومنها ما هو في موقع وسط بين الحب والكراهية وما دامت النظرية قد عجزت عن تفسير بعض جوانب الظاهرة " وهي بعض اللعاب هنا " فهي لا تصلح أساساً لتفسيرها . (حنوره ، عباس ، 1996م)
5- نظرية الطاقة الزائدة : تعني هذه النظرية أن الطفل لديه فائض من الطاقة وهذا الفائض يبحث عن طريقة مشروعة لتصريفه وهذه الطريقة هي اللعب وهناك اعتراضان على هذه النظرية هما :-
أ- أن هناك كثير من الألعاب لا تتطلب بذل مجهود كبير كالتخطيط والرسم على الرمال أو فك وتركيب بعض الأشياء أو الألعاب اللغوية .
ب- أن الطفل قد يلعب بعد بذل مجهود مضني استنفذ طاقته أو يلعب وهو متعب ويرى في اللعب راحة له ، إذن ليس لديه طاقة زائدة تبحث عن تصريف لها في اللعب .
6- النظرية التلخيصية : وتعني هذه النظرية أن الفرد من لحظة مولده إلى لحظة اكتمال نضجه يمرّ بمراحل شبيهة بالمراحل التي مرت بها البشرية منذ وُجد الإنسان على الأرض وحتى الآن . وتنطلق هذه النظرية من افتراض توريث الصفات المكتسبة والمهارات والخبرات الثقافية من الأجيال السابقة للأجيال اللاحقة ويرجع أحد أنصار هذه النظرية " ميل الأطفال للعب بالماء واستمتاعهم به إلى المرحلة السمكية في تطورهم ، أي عندما كان أسلافهم أسماكاًَ تسبح في البحار ويفسر إصرارهم على تسلق الأشجار والحواجز والجدران واستمتاعهم بذلك على أنه يرتبط بالمرحلة القردية كما يرجع ميل الأطفال سن 8-12 سنة إلى ممارسة أعمال الصيد والبناء –بناء البيوت والقلاع – وركوب المراكب والآليات إلى استعادة أنماط الحياة البدائية التي عاشها الأسلاف عبر التاريخ ". ونحن لا يمكن أن نقبل القول بنظرية تزعم أن الإنسان كان في يوم ما من الماضي السحيق سمكة أو قرداً ، بل إن الإنسان خلق إنساناً بدءاً بآدم وحواء . ومع هذا فهناك اعتراضان على هذه النظرية هما :-
أ – يرى كثير من علماء الوراثة أن المهارات والخبرات والصفات المكتسبة لا تورّث وأن الخبرات والمهارات التي تعلمها جيل من الأجيال لا يمكن أن يرثها الجيل الذي يليه ، وإنما فقط يمكن أن يتعلمها .
ب – إن كانت هناك بعض ألعاب الأطفال يمكن أن ترد إلى فترات من حياة البشرية كما يرى بعض علماء النفس ، كالربط بين حب الأطفال واللعب بالماء واعتماد الإنسان البدائي على البحر كمصدر لطعامه أو الربط بين حياة الإنسان البدائي في الغابات وبين حب الأطفال لتسلق الأشجار والتأرجح على الأغصان إلاّ أن هناك بعض الألعاب لا يمكن الربط بينها وبين مراحل التطور البشري كاللعب بالهاتف والسيارات والقطارات والصواريخ والطائرات وركوب الدراجات واللعب بالكمبيوتر وغير ذلك .
7- نظرية الاسترخاء : يرى أصحاب هذه النظرية أن الطفل بعد إنهاكه في العمل الجاد ومواجهة الكبار يحتاج إلى راحة الأعصاب واسترخاء العضلات والتحرر من قيود الواقع ، ويرون أن اللعب يحقق له كل ذلك . ولكن هناك كثيراً من الألعاب يحتاج بذل مجهود نفسي وبدني وعقلي فترقب الفوز أو الهزيمة مجهود نفسي ، والجري أو حركات أعضاء الجسد مجهود بدني ، وعمل خطط الدفاع والهجوم أو الإيقاع بالخصم أو دقة التصويب أو عمل خطة تضع في الاعتبار جميع الاحتمالات التي تتوقع من المنافس مجهود عقلي ونفسي .
8- نظرية اللعب جزء من فعالية الطفل : يرى أصحاب هذه النظرية أن الطفل يلعب ليجرب معطيات النمو وما طرأ على استعداداته من تقدم ، كالقدرة على التصويب والإمساك بالأشياء والمراوغة من المنافس وضبط حركة أعضائه أو إعادة التوازن فيحرك عضلات يديه أو قدميه أو عنقه بعد فترة سكون طويلة .
وبذا تكون كل نظرية مما سبق تفسر جانباً من جوانب اللعب ولا تقوى بمفردها على تفسير الظاهرة .(حنوره ، عباس ،1996م)


أنواع اللعب :-
1- اللعب البدني : من أكثر أنواع اللعب شيوعاً لدى الأطفال ، ويمكن ملاحظة هذا النوع من اللعب يتطور من البسيط والتلقائي والفردي إلى الألعاب الأكثر تنظيماً وجماعية على النحو التالي :-
- اللعب الحسي الحركي : إن بدايات نشاطات اللعب تبدأ مع الطفل في شهوره الأولى حيث يكون اللعب نشاط حر وتلقائي يقوم به الطفل ويتفوق به ويتوقف عنه متى رغب وهو نشاط فردي في معظمه . وتكون نشاطات اللعب غالبيتها استكشافيه واستطلاعية يحصل فيها الطفل على البهجة والمتعة في استثارة حواسه ومعالجة الأشياء وتناولها بأطرافه ، وينزع الطفل في اللعب الاستطلاعي إلى تدمير الأشياء بجذبها بعنف أو الإلقاء بها بعيداً . (الحيلة ،2005م) ويمكننا أن نقسم اللعب الحسي الحركي إلى :-
أ- الحركات غير الهادفة التي تسبق التحكم الإرادي الكامل .
ب- الأنشطة الفجائية غير الهادفة أو ذات الأهداف غير الواضحة .
ج-الأنشطة المتكررة التي تشمل الممارسة التلقائية للحركات بدءاً من الحركات المتكررة الإجبارية إلى المشي والتسلق والحركة الهادفة التي يقوم بها أطفال سن السنتين أو الثلاثة وانتهاء بالحركات المدروسة المحسوبة التي يقوم بها الرياضيون من الكبار .( ميلر ،1987م)
- ألعاب السيطرة والتحكم : في مرحلة ما قبل المدرسة يتحول الطفل إلى الاهتمام بنشاطات أكثر تقدماً وتعقيداً تُعرف بألعاب السيطرة أو التحكم والتي تمكنه من تعلم مهارات حركية جديدة كالتوازن والتآزر الحس حركي ويسعى الطفل لاختبار مهاراته هذه بالعاب متعددة تدعى ألعاب المهارة حيث يهتم الطفل بالسير على الحواجز في الشوارع والقفز من أماكن مرتفعة والحجل على قدم واحدة والتقاط الكرات برشاقة ...الخ .
- اللعب الخشن : يعد هذا النوع من اللعب أكثر شيوعاً لدى الأطفال الذكور خاصة في مرحلة الطفولة الوسطى والمتأخرة حيث يعمد الأطفال إلى اختبار قدراتهم البدنية عن طريق ألعاب تتصف بالخشونة مثل المصارعة والاشتباك بالأيدي وقذف الكرات . وغالباً ما يرافق هذا النوع من اللعب الانفعالات الحادة كالصراخ والكيد للآخرين والإيقاع بهم .( الحيلة ، 2005م)
- اللعب الجماعي : يبدأ اللعب الجماعي في وقت مبكر والرأي الذي يتقبله الجميع بالنسبة للتتابع الزمني الذي يسير فيه نحو الارتقاء مع التقدم في السن هو أن اللعب الانفرادي يعقبه لعب المحاذاة "الموازي" ثم لعب المشاركة وأخيراً اللعب التعاوني .(ميلر ،1987م) ، أي أنه يتماشى تطور اللعب الجماعي عند الطفل وفق نمو سلوكه الاجتماعي على النحو التالي :-
أ- اللعب الفردي : و فيه يلعب الطفل مستقلاً وحده دون أن يلتفت للآخرين من حوله.
ب- اللعب المشاهد : وفيه يكتفي الطفل بمشاهدة ألعاب الآخرين .
ج- اللعب الموازي : نشاطات لعب متشابهة يقوم بها طفلان أو أكثر بنفس الطريقة والمكان نفسه ولكن دون حدوث أي تفاعلات اجتماعية فيما بينهم .
د- اللعب المشترك : وفيه يتفاعل الأطفال معاً في اللعب بما فيها تبادل أدوات اللعب والتحدث مع بعضهم البعض لكن يضل كل واحد منهم يقوم بلعبة واحدة .
هـ- اللعب التعاوني : وفيه يعمل الأطفال معاً ويساعدون بعضهم بعضاً لإنتاج شيء ما كما يتبادلون أدوار اللعب فيما بينهم .(الحيلة ،2005م)
2- اللعب التمثيلي أو الإيهامي: يرتبط بقدرة الطفل على التفكير الرمزي وهذا يتضح بقيام الطفلة بإرضاع دميتها أو وضعها في العربة والتجوال بها ، وفي نشاطات اللعب التمثيلي يقوم الطفل بتقمص شخصيات الكبار ويعكس نماذج الحياة الإنسانية والمادية من حوله ،ويمكن تلخيص فوائد اللعب التمثيلي على الشكل التالي :-
أ-عقلية : تعلمه التفكير ألابتكاري.
ب-اجتماعية : تعلمه الدور والإعداد للحياة .
ج- نفسية :تعويضية علاجية .
ويعد اللعب الرمزي من أشكال اللعب التمثيلي حيث يستخدم الطفل الدمى كرموز تمثل وتقوم مقام الأشياء والموضوعات الأخرى .(الحيلة ،2005) كما أنه يمثل فيه رمزياً أولئك الذين يود أن يكون مثلهم سواء أكان تمثيلاً لأشخاص أو أحداث ،ويتمثل هذا النوع في الألعاب التي تعتمد على الخيال الواسع ، ويرى الباحثون أن هذا اللعب سائد في بداية الطفولة المبكرة نظراً لنمو القدرة على التخيل في هذه المرحلة . وكلما تقدم الطفل في العمر واندمج في مجتمع المدرسة فإنه يبتعد عن اللعب الإيهامي ، ويحقق اللعب الإيهامي وظائف كثيرة منها :-
1- ينمي قدرة الطفل على تجاوز الواقع والغوص في الخيال مما يساعد على تنمية التفكير ألابتكاري .
2- يُمكّن الطفل من تحقيق رغباته وحاجاته بطريقة تعويضية مما يخفف القلق والتوتر عنده .(عقل ، 1998م)
3- اللعب الإنشائي أو التركيبي : في سن السادسة من العمر يبدأ الطفل باستخدام المواد بطريقة محددة وملائمة في البناء والتشييد ، وينمو اللعب التركيبي مع مراحل نمو الطفل من مرحلة الطفولة المبكرة حيث يركز على بناء النماذج مثل عمل العجينة وتشكيلها واستخدام المقص واللصق والألوان وجمع الأشياء . أما في مرحلة الطفولة المتأخرة فيتطور اللعب التركيبي ليصبح نشاطاً أكثر جماعية وتنوعاً وتعقيداً ومن المظاهر المميزة لنشاط الألعاب التركيبية بناء الخيام ، الألعاب المنزلية ، عمل نماذج الصلصال ..الخ (الحيلة ، 2005م) حيث أنه غالباً ما يكون تشكيل هذه الأشياء في بداية اللعب صعباً حيث يضع الطفل الأشياء بجوار بعضها ، ولكن بعد الخامسة يأخذ بتجميع الأشياء وتركيبها في شكل أصيل ويشعر بسعادة غامرة لهذه الإنتاجية . ومن خصائصه العودة إلى الواقع وأنه ينمي مهارات التصنيف والعلاقات بين الأشياء وينمي القدرة المكانية.( عقل ، 1998م)
4- الألعاب الفنية : تتمثل في النشاطات التعبيرية الفنية التي تنبع من الوجدان ، والتذوق الجمالي والإحساس الفني مثل الموسيقى الرسم حيث تعدّ رسومات الأطفال بأنها :-
أ – أداة تعبير عن المشاعر والأحاسيس والتطورات .
ب- وسيط للابتكار والإبداع وعمل التصاميم والأشكال .
ج- أداة للتذوق والاستمتاع الجمالي .
د- أداة تشخيص للاضطراب النفسي ووسيلة للمعالجة .( الحيلة ، 2005م)
5- الألعاب الثقافية : يقصد بها تلك النشاطات المثيرة لاهتمام الفرد والتي تلبي احتياجاته وحب الاستطلاع لديه والمتمثلة في الرغبة في المعرفة واكتساب المعلومات والتعرف إلى العالم المحيط به وهذه النشاطات غالباً ما تكون نشاطات ذهنية كالمطالعة أو مشاهدة البرامج المسرحية أو التلفازية ، كما وتساعد الألعاب الثقافية على اكتساب المعارف والخبرات وتنمي آفاق الطفل وقدراته الفكرية وبذلك فإنها تُعدّ وسيطاً لتربية الأطفال والحفاظ على الهوية الثقافية للمجتمع .(الحيلة ، 2005م)
6- الألعاب الرياضية والترويحية : وتتمثل في ألعاب التخفي والمطاردة والسباقات مع الآخرين وألعاب الكرة وبعض الألعاب الأخرى التي تمتاز بأنها اجتماعية وليست فردية وأن لها قواعد ونظم تحددها وتعتبر هذه الألعاب ذات أهمية كبيرة في النمو الاجتماعي فهي تنمي روح التعاون والتنافس بين الأطفال وتمكنهم من القيام بأدوار القائد أو التابع . كما أنها وسيلة لمعرفة الفرد بنفسه ، وتسود هذه الألعاب في مرحلة المدرسة الابتدائية وما بعدها . ( عقل ، 1998م)
7- الألعاب الإلكترونية : وهي نمط جديد من الألعاب ظهرت حديثاً في القرن العشرين حيث تمارس هذه الألعاب بأجهزة معقدة ، وقد أشارت بحوث عديدة أن هذه الألعاب تنمي التفكير وحلّ المشكلات عند الطفل ، وتزيد من قدرته على التركيز والانتباه ، ولكنها في مقابل ذلك تزيد من توتر الطفل وتقلل من فرص التفاعل الاجتماعي والاندماج مع الآخرين . وتتدرج هذه الألعاب من حيث التعقيد بما يتناسب مع مراحل النمو .(عقل ،1998م)


اللعب التركيبي :-
ينمو اللعب التركيبي مع مراحل نمو الطفل المختلفة, فهو في البداية يقوم بعملية التركيب أو وضع الأشياء بجوار بعضها, وإذا ما شكلت هذه الأشياء نموذجا مألوفا فانه يشعر بالسعادة والبهجة. لكن في مرحلة متقدمة يقوم باستخدام المواد بطريقة محددة ومعينة وملائمة في البناء. ويتطور اللعب التركيبي لديه ليصبح نشاطه أكثر جماعية وتنوعا وتعقيدا. ركن البناء والتركيب يحتاج إلى مكان فسيح ومحدد بحدود لكي يشعر الطفل انه موجود في المنطقة.
ويعتبر الاهتمام بألعاب التركيب جانباً هاماً من لعب الأطفال ، وكثيراً ما يكون في عمر خمسة أو ستة أعوام مستخدماً فيه عامل الصدفة في اللعب ، فهو يضع الأشياء بجوار بعضها البعض بدون خطة مسبقة. وإذ مثلت نموذجاً مألوفاً لديه فإنه يبتهج لما حققه ، ويلجأ أطفال السادسة إلى استخدام المواد بطريقة محددة وملائمة في البناء والتشديد ، ومع تطور النمو تنمو قدرة الطفل على التمييز بين الواقع والخيال ، ثم يصبح اللعب أقل إيهامية وأكثر بنائية ويختلف الأطفال في قدرتهم على البناء والتركيب(الهنداوي ، 2003م).
يتحول لعب الأطفال في سن (8-12) سنوات إلى ألعاب مخططة وهادفة هي الألعاب التركيبية والحركية والألعاب الثقافية ، ويعود هذا التحول إلى طبيعة التغيرات النمائية التي تطرأ على الأطفال(الحيلة ، 2005م).
ويعد اللعب التركيبي من المظاهر المميزة لنشاط اللعب في مرحلة الطفولة المتأخرة ( 10-12 ) ويتضح ذلك في الألعاب المنزلية وتشييد السدود. فالأطفال الكبار يضعون خطة اللعبة ومحورها ويطلقون على اللاعبين أسماء معينة ويوجهون أسئلة لكل منهم حيث يصدرون من خلال الإجابات أحكاماً على سلوك الشخصيات الأخرى ويقومونها. ونظراً لأهمية هذا النوع من الألعاب فقد اهتمت وسائل التكنولوجيا المعاصرة بإنتاج العديد من الألعاب التركيبية التي تتناسب مع مراحل نمو الطفل كبناء منزل أو مستشفى أو مدرسة أو نماذج للسيارات والقطارات من المعادن أو البلاستيك أو الخشب وغيرها( www.kids-psychology. com/syco /sy9 .htm).
ويأخذ هذا اللعب بصفة عامة شكل العمل ، ويتحقق ارتباط الأطفال بلعبهم خارج المنزل ، وعند البنات اللعب التركيبي يتضح في عمل الدمى من الورق وعمل ملابس لها وفي التلوين والرسم والعمل بمعجونة الصلصال ، وتميل البنات إلى تشكيل مناظر أكث هدوءً للحياة اليومية وذلك من خلال اللعب بالمكعبات ، أما الأولاد فيكون بناؤهم للمكعبات أكثر تنوعاً في طرقه ، ويركزون أكثر على المناظر خارج المنزل(الهنداوي ، 2003م).
وفيما يتعلق باختيار مواد اللعب يبدي الأطفال العاديون أو ذوي المستويات الأعلى في الذكاء تفضيلاً لمواد اللعب التي تعتمد كثيراً على النشاط التركيبي البنائي بدرجة أكبر من الأطفال ضعاف العقول ، كما يبدي الأطفال العاديون والأذكياء ثباتاً أكبر في طول فترة اهتمامهم بمواد اللعب التي يختارونها(اللبابيدي وخلايلة ، 1990م).
وتؤثر نوعية اللعب ومواده وإمكانياته المتاحة إلى حد كبير في نشاط اللعب وفي مباشرته لدوره الهام في بناء الأطفال. فإذا زودنا الطفل بألعاب معينة فإنه سوف يستخدمها وبالتالي فإن نشاط لعبه سوف يتأثر بها. فإذا كانت إمكانيات اللعب المتاحة ذات نماذج تركيبية بنائية مثل المكعبات والرمال والأجهزة التي يقوم الطفل بفكها وتركيبها فإن اللعب بطبيعة الحال سوف يأخذ هذا الطابع التركيبي البنائي . ( اللبابيدي وخلايلة ، 1990م).
ويتصف اللعب التركيبي بخاصية أساسية هي أن عالم الظواهر المحيطة بنا يعكسه الطفل في نواتج مادية، مثل تشكيل آلة من أجزاء مختلفة، وعمل مبنى أو رسوم تعبيرية، وينطوي كثير من الألعاب التركيبية على استثارة قدرات الطفل العقلية والمعرفية، وعلى تكوين مهارات حركية لديه ، كما يمكن ربط هذا النوع من اللعب بأشكال اللعب المختلفة( الهنداوي ، 2003م).
وللعب أثر في المجال المعرفي الإدراكي للتعلم لدى الطفل، نرى أن اللعب يحتاج إلى فهم وحفظ قواعد اللعب وقوانينه البسيطة والمعقدة وتطبيقها ويحتاج إلى قدرة الأطفال على التحليل والتركيب والابتكار في نطاق اللعب وقواعده، كما يحتاج إلى قدرة الطفل على تكوين صور عقلية للأشياء والحركات وخاصة في نطاق الألعاب التي تتطلب تصور الموقف وتوقع حركات أو نقلات الخصم ، كما يتمثل في ألعاب التركيب والبناء "تصور الشكل قبل بنائه" وألعاب الدومينو والشطرنج والكرة، وألعاب التمثيل وغيرها من الألعاب التعليمية والتربوية التي يمارسها الأطفال وتعتبر جماعة اللعب مجتمعاً مصغراً يتعلم الطفل من خلال التفاعل معها قواعد السلوك والأخلاق والقيم والعلاقات الاجتماعية، فيكتسب مفاهيم التعاون والمحبة والقيادة والدوام والثبات وتقبل الفشل والمسؤولية إلى غير ما هنالك من مواقف واتجاهات يعتبر اللعب خير وسط لتعلمها ( بلقيس ، مرعي 1987م).
ويتم من خلال هذا النوع من اللعب تحويل وتطويع شخصية الطفل من قبل الطفل نفسه، وذلك محاولة منه ليتكيف مع الدور المطلوب منه أو الذي يقوم به، فهذا النوع من اللعب يأخذ مكانه في نتصف الطريق بين اللعب والتقليد مما له دور كبير في التطور العقلي وصياغة الأفكار والأولويات، وهذا قد يكون انطلاقة مشابهة للتفكير المطلوب في المراحل الدراسية اللاحقة(التركيت ، 2003م).


خصائص اللعب التركيبي :-
ومن أبرز خصائص اللعب " التركيبي ":-
1- تساعد على التفكير الإبداعي وتشجع على الابتكار من خلال عمليات التجريب التي يمارسها الأطفال على مواد الألعاب التركيبية فعن طريق اللعب بالرمل يتعلمون الكتابة والرسم، و تطوير المفاهيم وتفريغ انفعالاتهم وعن طريق المعاجين يصبغون أفكارهم بطرق رمزية ويكتسبون مهارات حركية أدائية كالإتقان والدقة والسرعة والإنجاز وتطوير عضلات أجسامهم وإنضاج أجهزتهم العصبية وإكسابهم مهارات خاصة.
2- تمثل الألعاب التركيبية بصورة عامة مختبراً غنياً يساعد الأطفال على اختبار أفكارهم وتصوراتهم وخيالهم ورغباتهم التي تتلاءم مع احتياجاتهم النفسية ومتطلباتهم النمائية وقدراتهم العقلية وزيادة وعيهم لأشياء كثيرة في واقعهم البيئي.
3- وسيط تربوي فعال يساعد الأطفال على إنماء العمليات العقلية التي تتمثل في التخيل والتصوير والتفكير والإبداع والتذكر والإدارة والاحتمال والصبر وزيادة إدراكهم لمفاهيم الأشياء وطبيعة المواد وخصائصها وصفاتها وبالتالي التمكن من استخدامها في حل مسائل حياتية. كما يتعلم الطفل من خلاله مهارات ذات علاقة لتنمية تفكيره العلمي مثل: المقارنة, التنبؤ, الملاحظة والتحليل, ومفهوم مبدأ التوازن. كذلك يميز الطفل التشابه والاختلاف بين الأشكال ويبتكرون أنماطا من البناء.
3- تساعد الأطفال على إنماء العمليات العقلية وزيادة إدراكهم لمفاهيم الأشياء وطبيعة المواد وخصائصها وصفاتها وبالتالي التمكن من استخدامها في حل مسائل حياتية. فيتعلم الطفل مفاهيم أساسية في الرياضيات, مثل التصنيف, التسلسل, الأطوال, المساحة, الإعداد والأجزاء.
4- تساعد الأطفال على النماء العقلي وتطوير القدرات الحركية وقدرة التخيل والتصور الإبداعي. ويسهم في النمو اللغوي والاجتماعي للطفل, فتزيد مقدراته اللغوية وتتطور مهارته في المحادثة والحوار (الحيلة ،2005م).
وهذا النوع من اللعب يساعد على تنمية قدرة الطفل على التخطيط, لان هذه الألعاب تساعد الطفل على الانتقال من مرحلة البناء العشوائي إلى مرحلة التخطيط لأعمالهم. عند إشراك الطفل مع مجموعة أثناء اللعب فانه يتعلم العديد من المهارات الاجتماعية كالمشاركة, التعاون واحترام عمل الآخرين. وينمي شعور الطفل بالانجاز أثناء اللعب ينمي ثقته بنفسه ويعزز صورته الايجابية عن ذاته.

اللعب التركيبي وجوانب نمو الطفل :-
1- اللعب التركيبي والنمو العقلي: تبدأ ألعاب البناء عندما ينجح الطفل مصادفة في وضع جسمين أحدهما فوق الآخر ، أما البناء باستخدام الطوب أو المواد الأخرى وعمل أبنية معقدة كبيرة فهي من الأنشطة التي يمارسها الأطفال وخصوصاً الذكور مدة طويلة حتى سن العاشرة ، وتتيح مواد البناء الصلبة التي تحتفظ بشكلها مجالاً لأن يبدع الطفل في تكوين أشكال جديدة معقدة وإن كانت أقل مرونة من الصلصال والرسم بالألوان ويستمر استمتاع الطفل بالرسم مدة أطول من ممارسته البناء ، وقد أظهر كثير من الدراسات التي أجريت في الثلاثينيات أن هم الطفل الأول عندما يبدأ في ممارسة الرسم هو أن يظهر شكلاً واضح المعالم يسهل التعرف عليه مثل ملامح شخص أو شكل منزل أو أشجار, ويستخدم الطفل الألوان في مرحلة تالية متأخرة حقاً إن الأطفال الصغار يتعرفون على الأوان ويحبونها ولكنهم يعجزون عن تخصيص الانتباه الكافي لاستخدام الألوان عند الرسم ، وكلما كبرت سن الطفل وارتفع مستوى ذكائه زادت قدرته على إبراز التفاصيل والعناية بالنسب المختلفة في الرسم وزيادة تعقيد الرسم وإضفاء معنى ومفهوم عليه ( ميلر ،1987م).
ومن الألعاب المسلية والمفيدة في نفس الوقت هو استخدام الطفل للألوان المختلفة والتعرف إلى طريقة تركيبها وخلطها ودمجها لتكوين أنماط جديدة وألوان مختلفة ، كما أن استخدام التلوين يكون له فوائد عديدة يمكن حصرها في : " الابتكار – الإبداع – العمل الفردي أو الجماعي – تعليم الطفل الهدوء – تنمية خيال الطفل – التعبير عن الذات – استكشاف مواهب كامنة – تقليد الآخرين – خلط ودمج الألوان – استخدام جميع أنواع الخامات المتوافرة وتجريبها من ألوان وقصاصات وصلصال وخامات متنوعة – استخدام الطفل يديه ورجليه في التشكيل والتصميم "( التركيت ،2003م).
2- اللعب التركيبي والنمو اللغوي : من الألعاب التي قد نعتبرها لغوية أو تساعد على اكتساب اللغة والتعبير عن الذات أحواض الرمل والماء والتي تكون مصحوبة بأدوات وألعاب صغيرة تشجع على المشاركة اللغوية وتعلم المفردات الجديدة ، كما أن اللعب بالرمل يعتبر أساسياً في تنمية عقل الطفل لما له من فائدة في معرفة الفرق بين الجاف والرطب ، وتكوين الأشكال كالبيوت والقصور والحيوانات والمجسمات المختلفة الموجودة في الطبيعة. كما أنها تسهم في تمييز الفرق بين الكبير والصغير، أما اللعب بالماء فيساعد الطفل على معرفة الأوزان والأثقال والمكاييل وحركة عجلات الماء، أيضاً يمكن أن يتعرف الطفل إلى حالات الماء الموجودة في الطبيعة وإلى المياه الصالحة للشرب والمياه الملوثة ونوعيات التلوث المختلفة من طين وألوان ونشارة الخشب أو المواد العضوية. إن بساطة ركن الرمل والماء لا تعني أن المعلومات التي يتلقاها الطفل بسيطة بل هي معقدة لدرجة أن تدخل المعلمة أو الكبار يكون مطلوباً في معظم الأحيان للتأكد من صحة المعلومات التي يتلقاها الطفل بنما هو يعتقد بأنه يلعب ويستمتع( التركيت ، 2003م).
3- اللعب التركيبي والنمو الاجتماعي: " الرسم والتلوين والتصوير الفوتوغرافي " تكمن أهمية هذه الأنشطة في السماح للطفل بتغيير أشكال الأفراد والمجسمات والحيوانات حسب مشاعره الداخلية نحوها، فيستطيع الطفل إظهار غضبه باستخدام اللون الأسود أو تلوين الشخصيات المكروهة عنده باللون الأحمر بينما يعبر عن سعادته وامتنانه لبعض الشخصيات برسمها أو تشكيلها بالألوان الزاهية. وتستخدم هذه الألعاب الاجتماعية بكثرة مع الأطفال الذين لا يحسنون استخدام المفردات اللغوية بطلاقة(التركيت ، 2003) ، وهناك مثال قديم يتمثل في أسلوب لوفنفيلد Lowenfeld المسمى بـ " صورة العالم " "World picture" وتتكون مادة هذا الاختبار من نماذج مصغرة طبق الأصل لأناس وحيوانات وأسوار ومنازل وأشجار وجسور وما إلى ذلك ، ثم يوضع ذلك في متناول الطفل مع الماء والصحاف المملوءة بثلاثة أنواع من الرمل، ويطلب منه أن يلعب بهذا كله كما يشاء ويحب، ومن الممكن أن ينشأ عن العجائن الناتجة عن ذلك " عوالم " مصغرة تشتمل على جبال ووديان ومنظر مليئة بالناس أو الحيوانات أو ربما تكون نتيجة ذلك نماذج واقعية مصغرة لمدن صغيرة ذات صفوف صغيرة من المنازل الأنيقة أو ربما تكون صور خيالية تحتوي على الحيوانات المتوحشة التي تزحم المكان برمته، أو قد لا تضم أناساً أو حيوانات على الإطلاق ويطلب من الطفل أن يشرح للمعالج هذا " العالم " الذي صنعه كأنه يشرحه لشخص يجهل الموضوع تماماً وأن يخبره بما سيحدث بعد ذلك( ميلر ، 1987م).
4- اللعب التركيبي والنمو الحسي : من الألعاب التي تنمي الجانب الحسي لدى الطفل وتكون مسلية في نفس الوقت اللعب بالماء والرمل وما به من فائدة تعود على الطفل في تطوير الناحية الحسية لديه من الإمساك بالمحسوسات واللعب بها ومعرفة الحار والبارد والأوزان والأثقال ، والرسم والتلوين الذي يستطيع به الطفل تنمية حواسه حيث يتعرف بالنظر إلى أنواع الألوان وتسميتها وكيفية خلطها واستخداماتها( التركيت ، 2003م).
الطفل في عمر يتراوح ما بين اثني عشر شهراً أو خمسة عشر شهراً يستطيع أن يلاءم بين أحجام الأشياء فيثبت العصا المصمتة في عصا أخرى مجوفة ويضع المكعبات المفرغة داخل بعضها البعض مراعياً التدرج في الحجم. وقد أشار رجروز إلى الآثار المدهشة التي قد تنجم عن خوض الطفل في بركة من الطين فما يدرك الطفل ما يحدثه من آثار على المواد المختلفة بأعماله حتى يقوم بتكرار هذه الأعمال عدة مرات إلا إذا عجزت قدراته عن التعامل مع طبيعة المادة التي يجرب فيها أعماله فركل المياه بقدمه وصب الماء في إناء آخر والقبض على حفنة من الرمال ثم فتح الأصابع لتركها تتسرب من بينها أو نقل كمية من الرمال من مكان إلى آخر كل ذلك لا يتطلب مهارات أو متطلبات كبيرة ولكنها تتسبب في إحداث تغيرات ظاهرة بشكل مستمر وفوري (ميلر، 1987م).
5- اللعب التركيبي والنمو الحركي : تعليم الطفل تآزر العضلات والتوازن والسيطرة على الجسم وتحركاته( التركيت ، 2003م).


خطوات إعداد الألعاب التربوية :-
يذكر روميسوفسكي عدة خطوات لتصميم وإعداد لعبة تربوية وهذه الخطوات هي :-
1- اختيار الموضوع أو المحتوى أو الأفكار الرئيسية والثانوية التي تتضمنها اللعبة .
2- تحديد الأهداف التعليمية بشكل يوضح ما يمكن أن يفعله الطلبة بعد دراستهم اللعبة ، ولم يكن يفعلونه من قبل .
3- تحديد الوقت اللازم لدراسة اللعبة ، وتبيان إستراتيجيتها الرئيسية .
4- تحديد خصائص الفئة المستهدفة ، وتبيان أدوار اللاعبين .
5- تحديد المصادر التي ستستخدم في اللعبة من أدوات وأجهزة ومواد تعليمية .
6- تحديد قوانين اللعبة ، وتبيان كيفية تفاعل اللاعبين مع بعضهم بعضاً ، حيث تصاغ أحداث اللعبة بشكل متسلسل ، وتوضح الأدوار التي يجب أن يقوم بها اللاعب لتحقيق الهدف ، وتبين نوع حركات اللاعب واتجاهاتها ، والعوائق التي قد تصادفه في اللعب .
7- توضيح كيفية فوز فريق من اللاعبين على الفريق الآخر ، ومتى يكون ذلك ، أي هل الوصول إلى هدف محدد وإتقانه أولاً يعني الفوز؟ أو هل يعتمد ذلك على نوعية مقدار تحقيق الأهداف ؟
8- وصف وتحديد المواد والأجهزة والإمكانات المتوافرة لتنفيذ اللعبة ، ويمكن هنا تحديد الأثاث اللازم للعبة مثل لوحة اللعبة ، وإمكانية توافر موادها أو شرائها أو إنتاجها وتوافر أماكن جلوس الطلبة وتحيديها بالكيفية التي تنفذ فيها اللعبة .
9- تجربة اللعبة على عينة من الطلبة بغرض حلّ المشكلات التي قد تطرأ أثناء تطبيقها .
10- إعداد اقتراحات للمناقشة بعد الانتهاء من اللعبة ويتضمن ذلك عناصر حول :-
أ- الإدراك الأولي للعبة ، أو النظرة العامة عن طبيعة وأهمية اللعبة .
ب- نموذج اللعبة ( تصميم اللعبة بشكل عام ) .
ج- إجراءات وخطوات تنفيذ اللعبة ومدى أثر كل خطوة في تقدم الطلبة نحو تحقيق الأهداف .
د- نتائج اللعبة ذاتها .
هـ- انجاز التعلم .
و- التغذية الراجعة عن اللعبة كنظام متكامل ، وذلك لتحسينها وإثارة الرغبة لإنجاز أعمال أخرى ناجحة ناتجة عن تنفيذ اللعبة . ( حنورة ، عباس ، 1996م)


 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 1901 مشاهدة
نشرت فى 22 فبراير 2014 بواسطة magedAboarb

ساحة النقاش

magedAboarb
أخصائي تأهيل نفسي وتخاطب بمجال رعاية ذوي الإحتياجات الخاصة »

أقسام الموقع

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

58,181