صدى مصر sada misr

رئيس مجلس الإدارة : بكرى دردير رئيس التحرير: منى منصور

بقلم / محمد سعيد أبوالنصر 
إن الدين بالنسبة للمسلمين ليس ضمانا للآخرة فحسب بل هو سياج الدنيا وضمانة البقاء فيها  ومن ثم فإني أنظر إلى المستهينين بالدين في هذه الأيام على أنهم يرتكبون جريمة الخيانة العظمى، إنه دروا أو لم يدروا ولعل من نتائج الاستهزاء بالدين موت الضمير وإطعامنا لحوم الحمير ،وقديما قرأت في كتب التاريخ أن الناس أكلوا لحوم الحمير والكلاب بسب الهزيمة السياسية ،والسقوط الاقتصادي ، وخراب الذمم وانعدم الضمير وموت الاخلاق ، وعند قِرَاءَتِي لهذا الكلام ما صدقته قيد أنمله وكنت أتندر من الذين كتبوه من المؤرخين وأقول :لماذا يُصر هؤلاء على نقل الهزيمة النفسية إلى حضارتنا ... والحقيقة أن الإنسان لا يستطيع أن يتنصل من تاريخه ولا من واقعة ، لقد جاء الواقع في هذه السنوات العجاف ليؤكد لنا أن ما كُتب في التاريخ عن أكل لحوم الحمير ممكن أن يصدق ، ولا ينبغي أن ننكره وإن كرهناه لأنه الحقيقة المرة ..وها هو التاريخ يعيد دورته من جديد ليحكي لنا حكاية موت الضمير وأكل لحم الحمير بلا وازع من دين ولا رادع من إيمان أو خلق . فلقد غزت الحمير الأسواق لتباع على أنها لحم حلال زلال بواسطة تجار فجار أشرار باعوا دنياهم بآخرتهم ، باعوا ضمائرهم من أجل المكسب السريع حتى ولو على حساب دينهم وعقيدتهم ،وحتى ولو أفضى هذا الفعل لقتل أخيه الإنسان ، وفي الفترة الأخيرة توالى سقوط المتهمين بذبح الحمير بشكل شبه يومي، ما أفقد المواطنين الثقة في اللحوم المطروحة في المحلات والمطاعم، أهي لحوم حلال من البقر والأغنام وغيرها مما حلل الله أم هي لحم الحمير المحرم ، وهو الأمر الذي سبب الفزع للناس وما لهم لا يفزعون وبأكل هذا اللحم يهلكون ، ولصحتهم يفقدون ، ولدينهم يتركون فيا أيها الجزارون ..لحم الحمير حرام أكله ،و استمعوا إلى هذا النور النبوي وهو يقرر لكم حرمة لحم الحمير .
1-عن أَبِي ثَعْلَبَةَ، قَالَ: حَرَّمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لُحُومَ الْحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ"
 الحمر والبغال كانت حلالاً في أول الإسلام، ثم حرمت في سنة سبع، واستقر الأمر على تحريم هذه الْحُمُر الأَهْلِيَّة ، والمراد بالْحُمُر الأَهْلِيَّة :الحمر التي تركب وينتفع بها في الركوب وفي الحمل عليها ونحو ذلك، والحمار الأهلي ينتفع به في الركوب، وذلك لأنه يصبر على الركوب، وقد يكون سيره أسرع من سير الإبل أو قريباً منها، وإن كان لا يحمل عليه الأثقال الكبار، ولا يركب إلى البلاد البعيدة؛ لكونه لا يحمل شيئاً كبيرًا غير الراكب ونحوه، ولكن هو مما سخره الله للركوب كما في قوله: { وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً } [النحل:8]، ولكن ورد ذم صوته قال تعالى { إِنَّ أَنكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ } [لقمان:19] وفي هذا ذم له من هذا الوجه، وورد أيضاً ذمه في آية أخرى في قوله: { كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً } [الجمعة:5] فالحمار معروف أنه لا يستفيد من حمل الأسفار يعني: من حمل الكتب، فجعله مثلاً للذين { حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا } [الجمعة:5] وهذا يفهم منه أنه مذموم من هذا الوجه ؛ فلأجل هذا ورد تحريم أكل الحمر الأهلية، وذلك أنهم لما كانوا في غزوة خيبر في أول سنة سبع من الهجرة، وحاصروا خيبر، أصاب بعضهم جوع، فلم يجدوا أقرب من هذه الحمر فذبحوها، ونصبوا القدور في ليلة مظلمة، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم: "ما هذه القدور؟ أو قال: على أي شيء توقد هذه القدور؟ قالوا: على لحم الحمر الإنسية، فقال: أهريقوها واكسروها ونادى المنادى في تلك الليال: "إن الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر الأهلية فإنها رجس "، وفي رواية: ( ركس )،
وَفِي حَدِيث أنس بن مَالك : " فَأمر رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَبَا طَلْحَة فَنَادَى  فِي النَّاس: " إِن الله وَرَسُوله ينهيانكم عَن لُحُوم الْحمر ، فَإِنَّهَا رِجْس أَو نجس "وقوله: (فإنها رجس)، الرجس هو النجس الذي وصف الله به بعض المحرمات كقوله تعالى: { إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ } [المائدة:90] 
آراء العلماء في أكل الحمر الاهلية
يمكن صياغة آراء العلماء في هذه المسالة في أربعة أقوال 
الأول: التحريم , وهو رأى الجمهور.
الثاني : الكراهة المغلظة وهو قول للمالكية .
الثالث : :الإباحة وهو قول عند  المالكية وابن عباس وعائشة، والشعبي. وسعيد بن جبير و عاصم بن عمر بن قتادة وعبيد بن الحسن وعبد الرحمن بن أبي ليلى ومن تبعهم.
الرابع: أنه تقيد للإباحة .
 وهذه الآراء الأربعة شروحها طويلة واكتفي بذكر رأي الجمهور ، ويمكنك مراجعة كتابي سلطة ولي الأمر في تقيد المباح وتجد الآراء الأربعة مشروحة بأدلتها ، لكن ما يهمني في هذا المقال هو عرض رأي الجمهور وما اتفقت عليه الأمة وجماهير العلماء من السلف والخلف وصحابة النّبيّ صلى الله عليه وسلم على القول والفعل بتحريم لحوم الحمر الأهلية :
أدلة تحريم لحم الحمر الأهلية :
يرى جمهور العلماء أن لحوم الحمر الأهلية أكلها حرام وهذا رأى الحنفية  والإمام مالك في الموطأ ومذهب الشافعية والحنابلة ومذهب الظاهرية 
قال النووي "جماهير الصحابة والتابعين ومن بعدهم قالوا بتحريم لحوم الحمر الاهلية
 وقال أيضا "لحم الحمر الأهلية حرام عندنا وبه قال جماهير العلماء من السلف والخلف قال الخطابي هو قول عامة العلماء
وقال ابن بطال " فقهاء الأمصار مجمعون على تحريم الحمر"
 ونقل ابن قدامة : أنّ الإمام أحمد قال : إنّ خمسة عشر من أصحاب النّبيّ صلى الله عليه وسلم كرهوا الحمر الأهليّة ، وأنّ ابن عبد البرّ قال : لا خلاف بين علماء المسلمين اليوم في تحريمها
 وذكر ابن حزمٍ أنّه نقل تحريم الحمر الأهليّة عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم من طريق تسعةٍ من الصّحابة بأسانيد كالشّمس ، فهو نقل تواترٍ لا يسع أحداً خلافه
 قال ابن حزم "وَرُوِّينَا تَحْرِيمَ الْحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ طَرِيقِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى، وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَأَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ، وَالْحَكَمِ بْنِ عَمْرٍو الْغِفَارِيِّ: وَسَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ، وَابْنِ عُمَرَ بِأَسَانِيدَ كَالشَّمْسِ.
وَعَنْ أَنَسٍ وَجَابِرٍ كَمَا ذَكَرْنَا، فَهُوَ نَقْلُ تَوَاتُرٍ لا يَسَعُ أَحَدًا خِلافُهُ."
 وذكر صاحب الشرح الكبير "ان أكثر أهل العلم يرون تحريم الحمر الأهلية قال أحمد خمسة وعشرون من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كرهوها
وجاء في فتاوى الازهر "الحمار الأهلي غير مأكول اللحم عند الحنفية والشافعية والحنابلة،.
واستدلوا على ذلك بهذه الأدلة :
1- عن أَبِي ثَعْلَبَةَ، قَالَ: حَرَّمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لُحُومَ الْحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ
22-وعن عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهى عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ يَوْمَ خَيْبَرَ، وَعَنْ أَكْلِ الْحُمُرِ الإِنْسِيَّةِ
3-وعن ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: نَهى النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَكْلِ لحُومِ الْحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ
44-وعن الْبَرَاءِ وَعَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى، أَنَّهُمْ كَانُوا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَصَابُوا حُمُرًا فَطَبَخُوهَا، فَنَادَى مُنَادِي النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَكْفِئُوا الْقُدُورَ وقوله أكفئوا القدور ، يقال : كفأت القدر : إذا قلبتها وكببتها ، وكذلك أكفأتها.
55- وعن سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَأَى نِيرَانًا تُوقَدُ يَوْمَ خَيْبَرَ قَالَ: عَلَى مَا توقَدُ هذِهِ النِّيرَانُ قَالُوا: عَلَى الْحُمُرِ الإِنْسِيَّةِ، قَالَ: اكْسِرُوهَا وَأَهْرِقُوهَا قَالُوا: أَلاَ نُهَرِيقهَا وَنَغْسِلُهَا قَالَ: اغْسِلُوا
من حكم التحريم للحم الحمير :
1-أنها حمولة الناس 
"فالرسول عندما رأى أن الحمر وسيلة من وسائل النقل ينقلون عليها حوائجهم نهى عن ذبحها  حفاظا على هذه الوسيلة وذلك فيه دفع للحرج والمشقة والحاجة هي التي بررت التقيد السلبي للمباح " روى الطحاوي بإسناد صحيح عن ابن عباس قال" نهى رسول الله يوم خيبر عن أكل لحوم الحمر الأهلية إلا من أجل أنها ظهر 
 وفي الصحيحين عن ابن عباس قال لا أدري أنهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم من أجل أنه كان حمولة الناس فكره أن تذهب حمولتهم أو حرمه في يوم خيبر لحوم الحمر الأهلية والحمولة من الدواب : التي تحمل عليها الأثقال. "وهذا النص يبين أن ابن عباس علم بالنهي لكنه حمله على التنزيه توفيقا بين الآية وعمومها وبين أحاديث النهي قال الطحاوي "قال قوم: إنما نهى رسول الله عنها إبقاء على الظهر ليس على وجه التحريم. وعن ابن عمر قال: « نهى رسول الله عن أكل الحمار الأهلي يوم خيبر، وكانوا قد احتاجوا إليها » .
2-أو من أجل أنها تأكل العذرة
هذه الأحمرة كانت سائبة تجوب القرية فتتناول الأوساخ والقاذورات فلا يكون لحمها طيب  قال سعيد بن جبير وبعض المالكية إنما منعت الصحابة يوم خيبر من أكل لحوم الحمر الأهلية لأنها كانت جوالة تأكل القذرات فكان نهيه لهذه العلة وجاء عند ابن بطال "قال آخرون: إنما منعوا منها لأنها كانت تأكل العذرة، ورووا في ذلك حديث شعبة عن الشيباني قال: « ذكرت لسعيد بن جبير حديث ابن أبى أوفى وأمر النبي - - صلى الله عليه وسلم - - بإكفاء القدور يوم خيبر، فقال: إنما نهى عنها، لأنها كانت تأكل العذرة » قال القاضي إكفاء القدور أي قلبها 
 وفى سنن أبى داود عن غالب بن أبجر قال أصابتنا سنة فلم يكن في مالي شئ أطعم أهلي إلا شئ من حمر وقد كان رسول الله صلى الله عليه و سلم حرم لحوم الحمر الأهلية فأتيت النبي صلى الله عليه و سلم فقلت يا رسول الله أصابتنا السنة فلم يكن في مالي ما أطعم أهلي إلا سمان حمر وانك حرمت لحوم الحمر الأهلية فقال أطعم أهلك من سمين حمرك فإنما حرمتها من أجل جوال القرية "
والمراد  بجوال القرية : الجوال جمع جالة ، وهي التي تأكل العذرة ، والجلة مستعارة لها ، يقال : جلت الدابة الجلة ، وهي البعير ، واجتلتها ، فهي جالة وجلالة : إذا التقطتها ، 
3- خشية فناء الحمر
إن إقبال الصحابة على لحوم الحمر في تلك الفترة أصبح يهدد هذا الجنس من الحيوان والرسول بوصفه إماما وراعيا لمصالح المسلمين نهى عن تناولها حماية للأحمرة من الانقراض فيكون هذا الإجراء منه بادرة متقدمة في حماية البيئة وتحقيق التوازن البيئي والاقتصادي" فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَهُ جَاءٍ فَقَالَ أُكِلَتْ الْحُمُرُ فَسَكَتَ ثُمَّ أَتَاهُ الثَّانِيَةَ فَقَالَ أُكِلَتْ الْحُمُرُ فَسَكَتَ ثُمَّ أَتَاهُ الثَّالِثَةَ فَقَالَ أُفْنِيَتْ الْحُمُرُ فَأَمَرَ مُنَادِيًا فَنَادَى فِي النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يَنْهَيَانِكُمْ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ فَأُكْفِئَتْ الْقُدُورُ وَإِنَّهَا لَتَفُورُ بِاللَّحْمِ "الناظر في هذه العلل قد يلاحظ أن الرسول قد راعى كل هذه العلل وغيرها "وكلنا مع رأى الجمهور نردد قول الله { وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً } [النحل:8]،".فهي قد جاءت للركوب والزينة وقد أغني الله في هذا العصر بألوان من اللحوم تكفينا عن الحمير، وكل نفس مستقيمة تتمتع بالعزة والكرامة تأبى أن تطعم لحم الحمير ويكفينا فخرًا قول نبينا فيما رواه أبو داود والترمذي بسند حسن عن المقداد ابن معد يكرب، رضي الله عنه، أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: " ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه ألا يوشك رجل شبعان على أريكته يقول عليكم بهذا القرآن فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه وما وجدتم فيه من حرام فحرموه، ألا لا يحل لكم الحمار الأهلي ولا كل ذي ناب من السبع " "كما إن هذه اللحوم وصفت في حديث انس بأنها رجس وأمر النبي بأكفاء القدور التي طبخت فيها لحومها "

luxlord2009

صدى العربية Sada Arabia

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 244 مشاهدة
نشرت فى 10 مايو 2017 بواسطة luxlord2009

ساحة النقاش

صدى الأخبار العربية

luxlord2009
Sada Arabic News شعارنا الشفافيه »

صدى العربية

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

410,556

صدى العربية

 شارك في نقل الحـدث