<!--<!--<!--
<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
وجوب اشراف القضاة على العملية الانتخابية البرلمانية فيما يتعلق بتصويت المصريين المقيمين بالخارج يعد أمراً حتمياً ، و ذلك إعمالاً لصريح نص المادة (39) من الإعلان الدستوري الصادر عن المجلس الأعلى للقوات المسلحة بتاريخ 30/3/2011 ، و التي نصت في فقرتها الثانية على أنه :
" و تتولى لجنة عليا ذات تشكيل قضائي كامل الإشراف على الانتخاب والاستفتاء ، بدءاً من القيد بجداول الانتخاب و حتى إعلان النتيجة ، و ذلك كله على النحو الذي ينظمه القانون ، و يجري الاقتراع و الفرز تحت إشراف أعضاء من هيئات قضائية ترشحهم مجالسها العليا ، و يصدرباختيارهم قرارمن اللجنة العليا ".
و قد قضت المحكمة الدستورية العليا في شأن هذا الإشراف بأن :
" المشرع الدستوري – احتفاءً منه بعملية الاقتراع ، بحسبانها جوهر حق الانتخاب – أراد أن يُخضعها لإشراف أعضاء من هيئة قضائية ضماناً لمصداقيتها و بلوغاً لغاية الأمر منها ، باعتبارأن هؤلاء هم الأقدرعلى ممارسة هذا الإشراف بما جُبلوا عليه من الحيدة و عدم الخضوع لغيرضمائرهم – و هو ما تمرسوا عليه خلال قيامهم بأعباء أمانتهم الرفيعة – حتى يتمكن الناخبون من اختيار ممثليهم في مناخ تسوده الطمأنينة ....... و حيث إنه على ضوء ما تقدم ، فإن الأهداف التي رمى الدستورإلى بلوغها بما تطلبه في المادة 88 من أن يتم الاقتراع تحت اشراف أعضاء من هيئة قضائية تتحصل بجلاء – وفق صريح عباراتها و طبيعة الموضوع الذي تنظمه و الأغراض التي يُتوخى تحقيقها من هذا الإشراف ، و ما تكشف عنه الأعمال التحضيرية السالف الإشارة إليها – في إرساء ضمانة أساسية لنزاهة الانتخابات عن طريق ضمان سلامة الاقتراع و تجنب احتمالات الانحراف به عن حقيقته ، وهي أهداف تدعم الديمقراطية و تكفل مباشرة حق الانتخاب سليماً غير منقوص أو مشوه ، موفياً بحكمة تقريره التي تمثل - على ماتقدم – في أن تكون السيادة للشعب باعتباره مصدر السلطات .....". ( حكمها الصادرفي الدعوى رقم 11 لسنة 13 ق " دستورية " – جلسة 8/7/2000 ).
و ذلك الأصل الدستوري لا محيد عنه و لا مناص منه ، وقد أصدر المجلس الأعلى للقوات المسلحة مرسوماً بقانون رقم 130 لسنة 2011 بشأن تصويت المصريين المقيمين بالخارج في الانتخابات العامة و الاستفتاء ، تضمن قيام أعضاء السلك الدبلوماسي و القنصلي بالإشراف على الانتخابات و الاستفتاء خارج البلاد ، و هذا – من حيث الظاهر- يعد مخالفة صارخة و انتهاك واضح للإعلان الدستوري سالف الذكر، تهوي به في هاوية سحيقة من العوار الدستوري الذي لا مسامحة فيه ، و من شأن ذلك إذا ما عرض على المحكمة الدستورية العليا فيما بعد إجراء الانتخابات البرلمانية أن تقضي بعدم دستورية المرسوم المشارإليه سلفاً في هذه الجزئية ، و بالتبعية بطلان الانتخابات البرلمانية التي بنيت على ذلك التصويت المخالف للإعلان الدستوري .
غير أن البعض اقتراح حلاً لهذه المعضلة يتمثل في إصدار مرسوم بقانون يجيز للسلك الدبلوماسي الاشراف على ذلك التصويت للمصريين بالخارج نظراً لضيق الوقت بإجراءات معينة ، و هذا – عندي – مما لا يجوز .
ذلك أن قاعدة تدرج القوة الإلزامية للقواعد القانونية ، و هي قاعدة دستورية و قانونية مجمع عليها ، تعنى " أن التشريع يتدرج درجات ثلاث ، هي الدستورثم التشريع العادي ثم التشريع الفرعي أو اللائحي ، و هذا التدرج في القوة ينبغي أن يسلم منطقاً إلى خضوع التشريع الأدنى للتشريع الأعلى " ( نقض في الطعن رقم 30342 لسنة 70 ق – جلسة 28/4/2004 ) ، و يكون لزاماً و أمراً مقضياً- تبعاً لذلك – كون القاعدة الدستورية ، سواء وردت في الدستورأم في الإعلان الدستوري ، تتوسد في النظام القانوني مكاناً علياً ، و تحتل مقام الصدارة على ما دونها من القواعد القانونية الأدنى منها مرتبة ، في صورة تشريعات عادية أو فرعية ، فقد قضت المحكمة الدستورية العليا بأن :
" المقرر أن الدستور هو القانون الأساسي الأعلى الذي يرسي القواعد و الأصول التي يقوم عليها نظام الحكم ، و يحدد السلطات العامة و يرسم لها وظائفها و يضع الحدود القيود الضابطة لنشاطها ، و يقرر الحريات و الحقوق العامة و يرتب الضمانات الأساسية لحمايتها ، و من ثم فقد تميز الدستوربطبيعة خاصة تضفي عليه السيادة و السمو بحسبانه كفيل الحريات و موئلها و عماد الحياة الدستورية و أساس نظامها ، و حق لقواعده ان تستوى على القمة من البناء القانوني للدولة و تتبوأ مقام الصدارة بين قواعد النظام العام باعتبارها أسمى القواعد الآمرة التي يتعين على الدولة التزامها في تشريعاتها و في قضائها و فيما تمارسه من سلطات تنفيذية ، دون أية تفرقة أو تمييز- في مجال الإلتزام بها – بين السلطات العامة الثلاث التشريعية و التنفيذية و القضائية ، و إذ كان خضوع الدولة بجميع سلطاتها لمبدأ سيادة الدستورأصلاً مقرراً و حكماً لازماً لكل نظام ديمقراطي سليم ، فإنه يتعين على كل سلطة عامة أياً كان شأنها و أياً كانت وظيفتها و طبيعة الاختصاصات المسندة إليها أن تنزل على قواعد الدستور و مبادئه و أن تلتزم حدوده و قيوده ، فإن هي خالفتها أو تجاوزتها شاب عملها عيب مخالفة الدستور.... " .
( حكمها الصادرفي الدعوى رقم 25 لسنة 22 ق " دستورية " – جلسة 5/5/2001 )
و يكون بالتالي إعمال نص مرسوم بقانون يجيز إشراف أعضاء السلك الدبلوماسي و القنصلي على انتخابات المصريين بالخارج – أياً كانت الأسباب، تسليطاً لنص أدنى في مدارج التشريع على نص أعلى – الإعلان الدستوري - بما ينقض الأسس الجوهرية التي يقوم عليها النظام القانوني في البلاد ، و تعطيلاً للضمانة القضائية المنصوص عليها في المادة (39) من الإعلان الدستوري سالفة الذكر، و ما يتصل بها من حق الإشراف القضائي على تلك الانتخابات ، لأن القواعد التي ينتظمها الإعلان الدستوري هي التي يتعين ترجيحها دائماً متى عارضتها قاعدة قانونية أدنى نزولاً ليس فقط على مبدأ التدرج التشريعي ، بل و نزولاً على مبدا خضوع الدولة للقانون ، و من شأن إصدارمثل ذلك المرسوم المقترح أن يرتب ذات النتيجة التي نتخوف من حصولها و المتمثلة في بطلان الانتخابات البرلمانية .
و قد سبق للمحكمة الدستورية العليا أن قضت بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة 24 من القانون رقم 73 لسنة 1956 بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية – قبل تعديله بالقانون رقم 13 لسنة 2000 – فيما تضمنه من جواز تعيين رؤساء اللجان الفرعية من غير أعضاء الهيئات القضائية ، و أكدت فيه من المبادئ ما يؤيد وجهة نظري المتقدمة ، حيث أوردت الآتي :
" و إذ يقوم النص الدستوري سالف الذكرعلى ضوابط محددة لا تنفلت بها متطلبات إنفاذه و مقتضيات إعماله ، فقد تعين على المشرع عند تنظيمه حق الإنتخاب أن ينزل عليها و ألا يخرج عنها ، بما مؤداه ضرورة أن يكفل هذا التنظيم لأعضاء الهيئات القضائية الوسائل اللازمة و الكافية لبسطهم إشرافاً حقيقياً و فعالاً على الاقتراع ، و لا محاجة في القول بتعذر رئاسة أعضاء الهيئات القضائية للجان الفرعية لعدم كفاية عددهم ، ذلك أنه إذا تطلب الدستورأمراً فلا يجوز التذرع بالاعتبارات العملية لتعطيل حكمه بزعم استحالة تطبيقه ، سيما و أنه لم يستلزم إجراء الانتخاب في يوم واحد ؛ و إلا غدا الدستوربتقريره هذه الضمانة عابثاً ، و لانحلت القيود التي يضعها سراباً ".
( يراجع مشكوراً : حكم المحكمة الدستورية العليا رقم 11 لسنة 13 ق "دستورية " – جلسة 8/7/2000 )
كما لايغيرمما تقدم استناد البعض إلى القياس على حالة إدلاء المكفوفين بأصواتهم في الانتخابات ، إذ أنها إجراءات تتعلق بالناخب فقط و لا تخص طريقة و أسلوب الانتخابات ذاتها و التي تظل خاضعة للنظام الذي نص عليه الاعلان الدستوري ، لاسيما و الاعلان الدستوري لم يستثن من الإشراف القضائي أية حالة ، و من ناحية أخرى فإن السند المذكورمصدره القانون ، و هو سند لا يقوى على مخالفة أحكام الاعلان الدستوري لما سبق بيانه ، و إنما يلزم لصحة إشراف أعضاء السلك الدبلوماسي و القنصلي على انتخابات المصريين بالخارج ، أن يصدر إعلان دستوري يجيز ذلك ، فهنا يكون السند المجيزلإشراف السلك الدبلوماسي من ذات قوة السند الملزم للإشراف القضائي ، و تنتفي حينئذ قالة المخالفة الدستورية .
وقد كان المجلس الأعلى للقوات المسلحة على بينة دستورية من ذلك كله ، و لذلك فقد أصدرقبل إصداره المرسوم بقانون المشار إليه سلفاً ، إعلاناً دستورياً بتاريخ 19/11/2011 أجاز فيه تنظيم تصويت المصريين المقيمين بالخارج في الانتخابات و الاستفتاء عن طريق قانون خاص يصدر في هذا الشأن ، و هو القانون الصادربالمرسوم سالف الذكر، و هذا هو نص الإعلان الدستوري المذكور سلفاً :
إعلان دستوري
المجلس الأعلى للقوات المسلحة
بعد الإطلاع على الإعلان الدستوري الصادرفي 13 من فبرايرسنة 2011 ؛
و على الإعلان الدستوري الصادرفي 30 من مارس سنة 2011 ؛
و على الإعلان الدستوري الصادرفي 25 من سبتمبرسنة 2011 ؛
قـــــرر :
( الأولى الأولى )
تضاف مادة جديدة برقم 39 ( مكرر) للإعلان الدستوري الصادر في 30 من مارس سنة 2011 نصها الآتي :
" استثناء من أحكام المادة (39) من هذا الإعلان ، تنظم بقانون خاص أحكام تصويت المصريين المقيمين خارج البلاد في الانتخابات و الاستفتاء ".
( المادة الثانية )
ينشر هذا الإعلان في الجريدة الرسمية ، و يعمل به اعتباراً من اليوم التالي لتاريخ نشره .
المشير/ حسين طنطاوي
رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة
و بذلك فقد أضحى المرسوم بقانون الذي أجاز إشراف أعضاء السلك الدبلوماسي و القنصلي على انتخابات المصريين المقيمين بالخارج صحيحاً من الناحية الدستورية بلا مراء .
أشرف سعد الدين المحامي بالإسكندرية
ساحة النقاش