أشرف سعد الدين عبده - المحامي بالإسكندرية - مصر

<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->

يشرفني و يسعدني كثيراً جداً أن أقدم هذه الكلمة لفضيلة شيخناً الكبير / ياسين رشدي رحمه الله تعالى – إمام و خطيب مسجد المواساة بالإسكندرية سابقا - ، و التي جعلها تقدمة لكتابه القيم و الهام ( التربية في الإسلام ) ، و رغم كونها كلمة وجيزة في حجمها ، إلا أنها حاوية و مبينة من حيث ما حوته من مضامين ، و ينبغي على مسئولي الدولة النظر بعين العناية و الإهتمام بما ورد بالكتاب المشار إليه سلفاً و بتلك المقدمة ، إن أردنا حقاً أن نخطوا خطوات صادقة نحو الإصلاح الحقيقي في مناهج التربية و التعليم .... و هاكم مقدمة شيخنا :

 

"  أما بعد ،،

فقد أدب الله – تبارك و تعالى – نبيه صلى الله عليه وسلم بما يرتضيه لأحب خلقه إليه ،  و تأدب الأصحاب ( رضوان الله عليهم ) بأدب رسول الله صلي الله عليه و سلم ، فتتبعوا سنته فحفظوها ، و عملوا بها ، إيماناً منهم بأن السنن كما هي مبينة للفرائض ، فهي مكملة لها .. و قد حرصوا على نقلها إلى التابعين : قولاً ،  و عملاً ، و خلقاً ،  و سلوكاً ، فكان الأدب ملازماً للعلم ، و مقدماً عليه ،  و استمر الحال على ذلك ، فكان الشيوخ يهتمون بتربية مريديهم قبل اهتمامهم بتعليمهم ، لأن العلم كالماء ، ينزل صافياً من السماء ، فتأخذ منه النباتات على قدر طعومها :  فيزداد الحلو حلاوة ، و يزداد المر مرارة .. و قلوب الناس محل الأخلاق ، فإذا كان القلب متصفاً بالأخلاق الفاضلة زاده فضلاً و نوراً..  و إذا كان القلب متصفاً بالأخلاق الرذيلة زاده العلم سفالة و انحطاطاً ، و أصبح العلم مطية للجهل و الجهالة ، و وسيلة للحصول على متاع الدنيا الزائل من : مال ، أو جاه ، أو سلطان ، فيجترئ الصغير على الكبير ، و اللئيم على الكريم ،  و يغتر المتعلم بعلمه : فيجادل العلماء ، و يماري السفهاء ..  و صدق الله تبارك و تعالى إذ يقول : ( و إذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيماناً ، فأما الذين ءامنوا فزادتهم إيماناً و هم يستبشرون "   "  و أما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجساً إلى رجسهم و ماتوا و هم كافرون ) سورة التوبة الآيتان 124 ، 125 .

 

و قد كان العلم ينتقل من صدور العلماء و قلوب الحفاظ إلى صدور و قلوب المتعلمين مشافهة ، و بتدرج يتلائم مع استعداد المتعلمين ، و درجة استيعابهم ، و مقدار تأدبهم بأدب الشيوخ ،    و لا يجلس المعلم مجلساً للتعليم إلا بعد إجازة شيوخه له ،  و تصريحهم له بذلك ...  و جاءت مرحلة التدوين و أصبحت العلوم المختلفة مسطورة في كتب يتداولها الناس و يقرؤونها دون عناء :   فمنهم من عمل بما علم ، و منهم من أخذ العلم ليتكلم به ، و يتباهى به دون أن يعمل به ،    و افتقد المتعلمون تاديب الشيوخ و تربيتهم ..    و لكن البيوت و المدارس كان فيها بقية من مناهج الشيوخ :    فكان المدرس يهتم بغرس القيم النبيلة في نفوس التلاميذ ،   و كانت أغلفة الكراريس تُحلى بتوجيهات يقرؤيها التلميذ من أول يوم له في المدرسة فتعلق بذاكرته ..  و كان الآباء و الأمهات لا يملون من توجيه الأبناء و تربيتهم على الأخلاق الكريمة ، و السلوكيات السليمة ..  ثم تغير الزمان ،  و أصبحت المدارس مكتظة بالأعداد الغفيرة ،  و صار المعلم أداة لحشو رؤس التلاميذ بالمعلومات في ساعات الدرس ،  و لتحميلهم بأعباء الواجبات المنزلية ،  و خرجت الأم للعمل ،  و انشغل الأب بلقمة العيش في عالم قد امتلأ بالماديات ، و أصبحت الكماليات فيه ضروريات ..

 

و ضاع أطفالنا بين إهمال البيت ، و بين انعدام مناهج التربية في المدارس بعد ما أصبحت وزارة التربية و التعليم وزارة للتعليم دون التربية ..  و ظهر في الأفق مُوجّه خطير له تأثير السحر على الجميع ، ألا و هو جهاز ( التلفاز) فجلس الجميع أمامه متسمرين مبهورين ،  و افتقدت الأسرة الترابط بين أفرادها ، و أصبح الناس يتناولون طعامهم و هم أمام هذا الجهاز ، و يتزاورون لا للتوادد و التراحم و التواصل و تبادل المنافع ، و لكن للإجتماع حول هذا الجهاز الخطير للتلقي دون نقاش ، و التقليد دون تفكير..  و ظهرت تجارة الإعلانات المليئة : بالغش ، و الخداع ، و الكذب ، و الميوعة ..  كما ظهرت الأفلام و المسلسلات التي تلهي الناس ، و تهدم القيم المتوارثة ،  و التقاليد العريقة المستمدة لجذورها من مفاهيم الدين ..  حتى شهر رمضان المبارك – شهر العبادة و الصيام و القيام – أصبح مجالاً لتنافس المتاجرون بعقول الناس ،  و مفاهيمهم ، و أوقات فراغهم ..

 

كل ذلك كان سبباً في ظهور أجيال من الشباب وقعوا فريسة الانحلال ، أو الإدمان ، أو التطرف الذي أخذ من الدين شكله دون المضمون ..  و ظهرت فئات من العوام و أنصاف المتعلمين تُكفر المجتمع و تدينه ، و تعتبر أن ما تراه على الشاشة الصغيرة هو سلوك المجتمع كله دون تمييز بين أفراده الرافضين ، و بين الراضين ، و المقلدين ، و المشجعين ..  و ضاعت أصوات العلماء الآمرين بالمعروف و الناهين عن المنكر وسط ضجيج الأدعياء من جانب ،  و تقصيروسائل الإعلام من جانب آخر .. ".

 رحم الله شيخنا و جزاه عنا خيرالجزاء و أسكنه فسيح جناته ،  و ألهمنا الصبر و السلوان .

 

أشرف سعد الدين المحامي بالإسكندرية

0126128907

 

 

المصدر: كتاب التربية في الإسلام للشيخ / ياسين رشدي رحمه الله
lawing

أشرف سعد الدين المحامي بالإسكندرية 0126128907

  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 252 مشاهدة

ساحة النقاش

أشرف سعد الدين عبده - [email protected]

lawing
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,950,300

راسلنا على الاميل

نرحب بكل الزائرين للموقع ، و نتمنى لهم أن يجدوا ما ينفعهم و يحتاجون إليه ، و لمن أراد التواصل معنا أوالاستفسارأو تقديم الاقتراحات الخاصة بالموقع و محتوياته ، عفلى الرحب و السعة ، و ذلك على الاميل الخاص بالأستاذ / أشرف سعد الدين المحامي :
[email protected]