البحيرة
البحيرة Lake حوض مائي طبيعي يقع ضمن اليابسة، وقد يرتبط بالبحر بوساطة الأنهار، ويتصف بتبادل مائي بطيء، إذ تبقى مياهه في الحوض مدة طويلة من الزمن فتتجمع فيه المواد الصلبة العالقة والمحمولة والمجروفة القادمة من خارج البحيرة ومن داخلها. وتتعرض الكتلة المائية لتبدلات ملموسة في خصائصها نتيجة للعمليات الفيزيائية والكيمياوية والحركية والحيوية داخل البحيرة. وكلما كان تصريف المياه سريعاً اقتربت في خصائصها من خصائص مياه الأنهار. والعكس يعني أن تبدلات مهمة ستعتري خصائص المياه وعالمها العضوي.
منشأ البحيرات
تنتشر البحيرات في كل العروض، وأسباب تكوّنها متنوعة ويمكن حصرها في ما يلي:
ـ البحيرات البنائية: وتكثر في مناطق الحركات البنائية والاندفاعية النشطة ولاسيّما في المناطق الجبلية وتشمل البحيرات الانهدمية والبحيرات البركانية.
ـ البحيرات الحتية: التي تكونت نتيجة لعمليات الحت المختلفة وهي متنوعة الأنماط وأهمها البحيرات الجليدية وبحيرات الأنهار والبحيرات الساحلية البحرية.
ـ البحيرات العضوية: وتشاهد في المناطق البحرية المدارية وتكونها العضويات المرجانية (الآتول).
ـ البحيرات الصنعية: وهي بحيرات السدود (بحيرتا ناصر والأسد). وهي عميقة ومتطاولة ومتعرجة كالأنهار ومساحاتها متباينة كثيراً.
ماء البحيرة
يختلف ماء البحيرة بخصائصه باختلاف مواقعه وطبيعة تربة البحيرات. ويدرَس ماء البحيرة من حيث التوازن المائي والتركيب الكيمياوي.
1- التوازن المائي: تتغذى البحيرات بمياه الهطل والتكاثف ومياه الأنهار التي تصب فيها والمياه الجوفية المتسربة إليها. وتفقد مياهها بالتبخر والجريان النهري منها والترشح الجوفي والاستثمار الاقتصادي إن وجد. ومجموع هذه العناصر تكوُّن التوازن المائي. ويمكن حذف الماء النهري الخارج من البحيرة، من هذه المعادلة إن كانت البحيرة مغلقة.
2- كيمياء البحيرة: تختلف خصائص الماء كيميائياً بشدة، وذلك لأنها نتاج التوازن الرطوبي والحراري وطبيعة التربة التي تقبع فيها ونوعية المياه الواردة إليها سطحياً وباطنياً. فتراوح ملوحتها بين 30ملغ/ل (أعذب المياه) و300غ/ل (الماء الأجاج). وتقسم البحيرات كيمياوياً إلى:
ـ البحيرات الكلورية المالحة: وهي غنية بالمركبات الملحية الكلورية، مثل كلور الصوديوم، وكلور الكلسيوم وكلور المغنزيوم وكلور البوتاسيوم. وتكثر في المناطق الصحراوية والجافة كبحيرات الشطوط في المغرب العربي وبحيرة سبخة الجبول في سورية، وبركة قارون في مصر.
ـ البحيرات الكبريتية (السلفاتية المرة ـ المالحة): ومن أبرز أملاحها كبريتات الصوديوم وكبريتات الكلسيوم وكبريتات المغنزيوم.
البحيرات الكربونية: تشاهد في المناطق الأكثر رطوبة لاسيما في السهوب وتحتوي على كميات مهمة من الصود أو المركبات الكربونية المختلفة.
العالم العضوي
متنوع ويختلف من نموذج بحيري إلى آخر. ويضم المجموعات التالية:
1- العوالق أو البلانكتونات: وهي كائنات حية مجهرية تعيش في كتلة الماء السطحي خاصة وتشمل البلانكتونات النباتية والحيوانية.
2- السابحة (النيكتون): وهي الأرقى تطوراً والأقدر على الحركة والانتقال وتعيش في كل أرجاء البحيرة وأهمها الأسماك.
3- القاعية (البنتوس): وهي عضويات القيعان والأعماق، وهي نباتية وحيوانية، تضم الديدان والرخويات والفطور والأشنيات والبكتريا، والنباتات اللازهرية. ويمكن لبعضها أن يرتفع بفعالية نحو الأعلى.
الأحوال الحرارية
تكون شديدة الاختلاف بسبب مواقع البحيرات نطاقياً ومحلياً. ويؤثر هذا الاختلاف بشدة في عمليات التبخر والتجمد المائي وعلى فعالية الهطل والنشاط البيولوجي وفعالية العمليات الكيمياوية والفيزيائية في الماء. وتكون التغذية العضوية في البحيرات الدافئة والحارة غير المالحة جيدة والتكاثر والنمو عاليي الوتيرة، لأن الأحوال الحرارية ملائمة لذلك. أما في البحيرات الباردة فالفعاليات الحيوية تنشط في أوقات الدفء في حين تكون محدودة النشاط تبعاً لاختلاف درجات الحرارة.
واعتماداً على اختلاف الأحوال الحرارية قسم العالم فوريل البحيرات إلى عدة أنواع هي:
1- البحيرات القطبية: وحرارة مياهها أدنى من +4 دائماً ويسيطر فيها التطبيق الحراري المعكوس، إذ تتزايد الحرارة في الأعماق وكذلك الكثافة.
2- البحيرات شبه القطبية: وهي كالسابقة، تطبقها الحراري معكوس ولكن حركة المزج الصيفية فعّالة وقد تمزج ماء البحيرة كاملاً.
3- بحيرات العروض المتوسطة: تشبه في تطبقها وكثافتها البحيرات السابقة شتاءً، ولكنها تتسخن في الصيف في الأعلى أكثر من الأسفل، لذا فإن تطبق الحرارة مباشر. أي إن قيم الكثافة تتزايد في الأسفل على خلاف الحرارة. ولكن الربيع والخريف يشهدان عملية مزج مائيّة وحرارية فعّالة.
4- بحيرات العروض شبه المدارية: حرارتها أعلى من +4 دائماً، لذا يسيطر فيها التطبق الحراري المباشر، ولكن فصل الشتاء يشهد مزجاً مائياً قد يكون فعالاً.
5- البحيرات المدارية والاستوائية: حرارتها لا تقل عن 20درجة عادة والتطبق فيها مباشر دائماً، ولكن قد يشهد الشتاء بعض الاضطراب في حركة الماء.
حركة الماء
أبرز حركات الماء في البحيرات هي:
1- الأمواج: وهي نتاج تأثير قوة الريح المحتكة بسطح البحيرة والدافعة جزيئات الماء في حركة دورانية حول السطح الأفقي لماء البحيرة. وتسعى قوة الثقالة إلى إعادة الجزيئات المرتفعة إلى وضعها الاتزاني السابق. ويختلف ارتفاع الأمواج بحسب سعة البحيرة وعمقها وسرعة الرياح وديمومتها ولكن ارتفاعها لا يزيد على نصف متر عادة.
2- التيارات: وتكوِّنها الرياح في الطبقة السطحية خاصة، كما تكوّنها كذلك الأنهار الواردة إلى البحيرة أو الخارجة منها، ويمكن أن يكونها هطول الأمطار العنيف في جزء من البحيرة، وفي جميع هذه الحالات يختلف مستوى ماء البحيرة من مكان إلى آخر فتجري المياه ببطء إلى المكان المنخفض.
أما تيارات الكثافة فتكوّن التيارات المائية الباطنية صعوداً أو هبوطاً حسب تبدل قيم الكثافة بين السطح والقاع، وكثيراً ما تغوص مياه الأنهار الباردة إلى الأسفل لارتفاع كثافتها.
3- ظاهرة السيش Seuche (أو المد البحري): وهي ظاهرة تذبذب مستوى سطح مياه البحيرات. تظهر في البحيرات الكبرى كالبحيرات الكبرى الأمريكية بسبب اختلاف مستوى سطح البحيرة من مكان إلى آخر وذلك بتأثير اختلاف قيم الضغط الجوي في أنحاء البحيرة أو الهطل والرياح. وتعرف النقطة التي يختلف فيها مستوى سطح البحيرة بعقدة السيش.
شاهر جمال آغا
ساحة النقاش