الوسواس القهري هو من أمراض العصر الشائعة والتي يصاب فيها جميع الأفراد من كبار أو صغار على إختلاف جنسهم
ويعد الوسواس القهري من الأمراض العصبية التي تتجسد في مجموعة من الأفكار الوهمية التي تسيطر على مريض الوسواس القهري ويكون على علم بأنها وهمية ولا تشكل شيئاً من الصحة وقد يتجسد الوسواس في طقوس معينة حركية أو مستمرة يقوم بها الشخص المريض مع أنه على يقين بتفاهة الامر الذي يفكر فيه وأحياناً لا يعي ذلك .
ويزداد ظهور حالة الوسواس القهري في أعمار مبكرة ويكون عادة إضطراب يؤدي إلى سيطرة بعض الممارسات والسلوكيات القهرية المتكررة على الطفل نفسه ويمكن السيطرة على بعض الحالات وإعادة المريض المصاب إلى حالته الطبيعية بطريق علاج جديدة .
فقد تلاحظ بعض الامهات بعض التصرفات والسلوكيات الغربية على أطفالهن مما يوقعهن في حيرة في كيفية التعامل مع هذا الطفل ذي السلوك الغريب , فمثلاً من الممكن ان تلاحظ الأم على طفلها مجموعة ممارسات متكررة كالطقوس اليومية كأن يمشي بالغرفة ثم يجثو على ركبيته ويزحف ومن ثم يعيد الكرة ويعمل نفس الأفعال في الغرف الأخرى وإذا ما طلبت الأم من صغيرها التوقف ستتفاجأ بإجابته بأنه لا يستطيع التوقف , وهذا الأمر يدفع بالأم نحو الحيرة والأكتئاب خاصة مع شعورها بالعجز تجاه طفلها في فعل أي شيء حياله .وإذا ما عرضت الامر على طبيب متخصص في علم النفس ستجد ان طفلها يعاني من إضطراب الوسواس القهري .
وقد يتلاحظ بعض الامهات رغبة أطفالهن في ترتيب ألعابههم بطريقة مرتبة كان يصف الطفل سيارته على شكل طابور وبترتيب معين والويل ثم الويل إذا ما تعثر أحد بها أو غير من ترتيبها , كان يجلس يبكي طوال الوقت حيال هذا الامر أو أن يرجع من جديد ويرتبهم وكأن الحياة توقفت عند طابور السيارات الذي قام بترتيبه .
أن هذا الإضطراب النفسي والذي يتميز بالعديد من الأفكار القهرية المتكررة والمربطة في ذات الوقت , وهؤلاء الأطفال يستجيبون لهذه الأفكار بالقيام بسلوكيات تقلل من قلقهم وتسرهم بصفة مؤقتة وتريح بالهم من الوسواس والتفكير , لكنهم سرعان ما يقعون ضحية لسلسلة من الممارسات الرتيبة عندما تعاودهم نفس الأفكار المحزنة , فالطفل الذي يخاف من السارق مثلاً أو العصابة التي تقف خلف البيت يستيقظ وبشكل لا إرادي طوال الليل مرة تلو الأخرى ليتأكد من أن باب الغرفة مقفل والشباك لم يتعرض للكسر وان إياً من أفراد العائلة لم يصبه مكروه .
تشير الدراسات في مجال تشخيص هذا الإضطراب والذي كان نادراً حدوثه بين الاطفال أن الوسواس القهري هو من بين الأمراض العقلية المنتشرة في سن الطفولة إىل جانب الكآبة وإضطراب ضعف الإنتباه , وتقدر الأحصائيات الحديثة من الاكاديمية الأمريكية للأمراض النفسية للاطفال والبالغين أن هذه الحالة تصيب واحداً من كل 200 طفل وهو مايعادل في مجموعة مليون حالة في أمريكا .
ويعزو الاطباء النفسيون إلى أن طبيعة هذا الأضطراب له أساس عضوي عصبي يرجع سببه الى خلل في السيروتونين , وهو الناقل العصبي الكيميائي والذي يساعد الخلايا العصبية في الدماغ على الإتصال ببعضها , إلا أن أسباب الوسواس القهري ما زالت تعتبر غير معروفة نسبياً مع انه يوجد بعض الدراسات التي أشارت إلى وجود قابلية وراثية مسبقة لدى الشخص المصاب , بل أن الوسواس القهري قد يحدث للطفل منذ سن الثانية ولكن أغلبية الاطفال لا تظهر لديهم الأعراض إلا عندما يبلغوا سن الخمسة سنوات على الأقل .
سلوكيات متنوعة
أن سلوكيات الأطفال غالباً ما تتغير مع الوقت , الامر الذي يسهم في صعوبة تشخيص المرض , فعلى الوالدين أن يلاحظا نمط السلوكيات التي تظهر على الطفل , أثناء تنشئته ففي حالة الوسواس القهري تؤدي هذه الأفكار إلى رغبة ملحة لعمل شيء ما وهذا النمط إنما يعكس تغيراً في وظيفة الدماغ ويشير إلى وجود إضطراب فيها , فقد يعتاد الطفل وهو مريض بالوسواس القهري على طريقة معينة للنوم أو للأستحمام إذا ما صار خلل في طريقة النوم أو الأستحمام التي أعتاد عليها تجده ينخرط في بكاء طويل ولا تستطيع الأم أسكاته وكلما تقدم بالعمر كلما بدات معه أشياء جديدة في سلوكياته كهاجس التلوث والجراثيم والأوساخ فتظطر امه إلى غسل ملابسه عدة مرات وبشكل منفرد عن باقي أفراد العائلة وقد يصل به الوسواس إلى غسل يديه المرة تلو الأخرى .
كيف تعالجين طفلك المصاب بالوسواس القهري ؟
يمكن علاج الأطفال المصابين بالوسواس القهري بطريقة العلاج السلوكي الإدراكي أو الدواء , أو بهما معاً وفي العلاج السلوكي الادراكي يتعرض المصاب إلى المثير الذي يبرز للعيان الهواجس التي تستحوذ على تفكير المصاب وتستبد به , ثم تشجيعه على الإمتناع عن القيام بالممارسات المرتبطة به . ومع الوقت فإن الحالة التي تبعث على القلق تصبح أقل حدة فمثلاً الطفل المعقد من الأوساخ يطلب منه الجلوس لفترة بجانب شيء ملوث مثل فردة حذاء ولا يسمح له بغسل يديه , وبعد ذلك يطلب منه أن يمسكها حتى يتمكن من التغلب على الدافع الذي يحفزه على الغسل , وهذه الطريقة تحظى بالإستحسان بين اطباء الصحة العقلية , فهي تنجح في أغلب الأحيان إذا ما اتبعت جيداً , وهي تهدف لإقناع الطفل بأنه مجبر على ما يقوم به وليس هناك خطأ من جانبه .
وأحد اكبر مزايا العلاج السلوكي هو انه يمنح الاطفال وسيلة يمكن إتباعها للعلاج على المدى الطويل , فإذا اجادها مبكراً سيكون لديه فرصة للتغلب والتخلص من الوساوس القهرية التي قد تظهر في المستقبل .
ساحة النقاش