من حيث المبدأ يجب أن نقرر حقيقة شرعية هامة، بأن صيام رمضان لا يجب على الطفل الصغير حتى يبلغ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلاثَةٍ: عَنْ الْمَجْنُونِ الْمَغْلُوبِ عَلَى عَقْلِهِ حَتَّى يفِيقَ، وَعَنْ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنْ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ) رواه أبو داود (4399). ومع ذلك، فينبغي أمر الصبي بالصيام حتى يعتاده، و الله يثيبه على الأعمال الصالحة التي يفعلها، وهذا من فضل الله وكرمه.
و السن الذي يبدأ الوالدان بتعليم أولادهما الصيام هو سن الإطاقة للصيام، وهو يختلف باختلاف بنية الولد، وقد حدَده بعض العلماء بسن العاشرة. و ممن ذهب إلى أنه يؤمر بالصيام إذا أطاقه: عطاء و الحسن و ابن سيرين والزهري وقتادة والشافعي.
ولقد كان هذا هو هدي الصحابة الكرام رضوان الله عليهم مع أولادهم، يأمرون من يطيق منهم بالصيام، فإذا بكى أحدهم من الجوع دفعت إليه اللعب ليتلهى بها. لكن لا يجوز الإصرار عليهم بالصيام إذا كان يضرهم بسبب ضعف بنيتهم أو مرضهم. بل إذا ثبت من الناحية الطبية أن هذا الصوم يضر بالطفل فإنه يمنع منه، وإذا كان الله سبحانه وتعالى منعنا من إعطاء الصغار أموالهم خوفا من الإفساد بها، فإن خوف إضرار الأبدان من باب أولى أن نمنعهم منه، ولكن المنع يكون بالإقناع لا بالقسوة.
و يمكن للوالدين تشجيع أولادهم على الصيام بإعطائهم هدية في كل يوم، أو بتذكية روح المنافسة بينهم وبين أقرانهم.
و يمكن تشجيعهم على الصلاة أيضا بأخذهم إلى المساجد للصلاة فيها، و بخاصة إذا خرجوا مع الأب و صلوا في مساجد متفرقة في كل يوم.
و كذلك يمكن تشجيعهم بمكافأتهم على ذلك، سواء كانت المكافأة بالثناء عليهم و مدحهم، أو بإخراجهم للتنزه أحيانا، أو شراء ما يحبون و نحو ذلك.
و للأسف يوجد تقصير عظيم من بعض الآباء والأمهات تجاه أولادهم في هذا التشجيع، بل تجد في بعض الأحيان الصد عن هذه العبادات. و يظن بعض هؤلاء الآباء والأمهات أن الرحمة و الشفقة تقتضي منعهم من الصيام و الصلاة، وهذا خطأ محض من حيث الشرع، ومن حيث التربية.
و يمكن للوالدين شغل أوقات أولادهم بقراءة القرآن و حفظ جزء يسير منه، و كذلك بقراءة كتب تناسب أعمارهم، و إسماعهم أشرطة متنوعة كالأناشيد التي تجمع بين الفائدة و المرح، و إحضار الأشرطة المرئية المفيدة لهم.
ساحة النقاش