جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
كنت قد قررت سابقًا بألا أشارك في جولة الإعادة ؛ اعتراضًا مني علي كلا المرشحين ، ولم إعلن ذلك حتي لا يتأثر بي أحد .. وشاء القدر أن تتصل بي أختي اليوم لكي أصطحبها بالسيارة كي تدلي بصوتها .. ولكن عندما دخلت اللجنة شعرت بشئ غريب .. شعرت بشوق إلي أن أمسك بالقلم وأشارك في مستقبل بلدي ..
ثم دارت مناقشة سريعة بيني وبين أحد مندوبي المرشحين ثم خرجت من اللجنة لأعيد أختي إلي البيت ..
وأنا في طريق العودة شعرت وكأن الوطن يناديني وتجسدت أمام عيني دماء الشباب الطاهر وهي تسيل يوم 28 يناير ونظرات المصابين ونحن نحملهم إلي المستشفي الميداني يوم 29 يناير .. وتذكرت محادثتي لأقاربي من الميدان عندما كنت أقول لهم : إننا هنا نصنع المجد والتاريخ ، وزوجتي عندما كانت تحدثني باكية خائفة .. وكانت تقول لي تعالي واترك ما أنت فيه من أجل ابننا الرضيع .. كنت أقول لها : أنا هنا من أجل ابني .. من أجل أن يجد مستقبلا مشرقا ينعم فيه بالعدل والعلم والحرية وتذكرت أحداث الأيام القليلة الماضية ؛ من حل مجلش الشعب وإصدار قانون يمنح العسكريين من توقيف المدنيين وضبطهم قضائيًا ، وتذكرت أزمات البنزين والبوتاجاز .. وام أفق إلا علي صوت أحدهم وهو يقول لي بصوت مرتفع ووجه متجهم : (مش تفتح ) وقد كنت علي وشك الاصطدام به .. اعتذرت له وقلت (معلش) ومررت علي مزلقان البلدة ، ثم اتجهت شمالا حيث تقع لجنتي الانتخابية وصعدت إلي الدور الأول ولم يتبق علي انتهاء الوقت سوي ساعة ، ووقفت في طابور وخلال عشر دقائق دخلت اللجنة وأعطاني الموظف ورقة الترشيح وإذا بي أمام وجهين .. لم أتوقف أمامهما طويلا فأحدهما لا يؤمن بالثورة ولا شبابها ولا شهدائها ويعني استمرار النظام السابق بشكل أو بآخر .. والثاني - رغم كل الملاحظات التي تؤخذ عليه - يؤمن بالثورة بل كان مشاركًا فيها كما أنه يعني التغيير وأن الثورة ما زالت مستمرة .. وبالطبع هذا كان اختياري ، رغم توقعاتي بعدم استقرار البلد واشتعال الموقف بعد فوز أي من المرشحين . ولكن فعلت ما يمليه علي ضميري .. وبعد أن خرجت من اللجنة ركبت السيارة وعدت إلي منزلي وأنا أشعر بارتياح شديد .