جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
لا أخفي إعجابي برئيس وزراء تركيا "أردوغان" وأجمل ما أعجبني فيه ولاحظته عليه هو الاعتدال ، أي عدم التعصب ..
المشكلة التي أخشاها من وصول أي طائفة الي الحكم هي التعصب ؛ فالمتعصب لا يقبل الآخر وإذا اتيحت له الفرصة سيقضي علي من يخالفه الرأي .. وهناك العديد من الطوائف علي الساحة الآن ، سواء كانت سلفية أو إخوانية أو ليبرالية أو شبابية أو أبريلية .. ، وأبرز أسباب التعصب هو نظام التربية والتعليم الذي نشأنا فيه .. فاليبراليين قد يقصون من يخالفهم فكرهم ، ومن يطلق عليهم الإسلاميين – بعضًا منهم - أكثر الناس تعصبًا ، وقد يقومون بالقضاء علي من يخالفونهم الرأي ، إذا ما أتيحت لهم الفرصة ، مع أن ديننا الإسلامي دين التسامح وقبول الآخر ولنا في قصص الأنبياء وسير العلماء أكبر دليل .. كما أن كثيرًا منهم يفتقد إلي الإلمام بالثقافة العامة والتفكير النقدي البناء ، نعم .. قد تكون لديه معرفة جيدة للكثير من المعلومات والمفاهيم والقضايا الدينية ، ولكن هذا لا يكفي .. فالنظرة الدينية وحدها للأمور هي نظرة قاصرة ، فعلي سبيل المثال : يرفعون شعار " إسلامية إسلامية " وهو شعار يدل علي حب الدين والتمسك به ولا ضير في ذلك ، ولكنه وفي نفس الوقت ينم عن تعصب وعدم إدراك لحساسية المرحلة التي يرفع بها هذا الشعار . ومثال آخر لأحد مرشحي الرئاسة والمحسوب علي تيارات إسلامية حديثة العهد بالعمل السياسي يصرح بأنه في حال فوزه بالرئاسة سيدعو إلي فرض الحجاب بالتدريج .. ما هذا التعصب ؟ كان يجدر به أن يقول : سأحبب لبس الحجاب لبناتنا ونسائنا بدلا من قوله : (سأفرض) ففرض الشريعة لا يكون بالقوة وإن طبق بالقوة فسيكون التغيير شكلاً فقط أما الباطن أو الجوهر فسيظل كما هو . فالإسلام جوهر قبل أن يكون منظر ؛ وما أكثر المناظر التي تذكرك بالإسلام ؛ بداية بالنقاب زي اللون الأسود والذي يطلقون عليه زي الصالحات ، وكأن باقي الأزياء هي للفاجرات ،انتهاءًَا باللحي الكثيفة بأشكالها وأحجامها المختلفة ، ولكن ماذا عن الجوهر ؟! وأؤكد عل أن النظرة إلي الأمور بدون ربطها بالدين هي أيضًا نظرة قاصرة .
إن مصر – في رأيي – تحتاج إلي دولة مدنية وتكون مرجعيتها الإسلام .. وأري في التجربة التركية مصدر إلهام لنا .. نأخذ منها ما يناسبنا .. وأبرز ما في هذه التجربة هي هذا التوافق والتناغم الجميل بين الدين من ناحية ، والعلمانية – بمفهومها المعتدل- من ناحية أخري .
لا أريد طائفة تحكم مصر وتطبق فكرها وتقصي فكر الآخرين ، لا أريد فتنة في مصر ، أريد مصريين سواء كانوا مسلمين أو مسيحيين ، رجالًا أم نساءًا ، شبابًا أو شيوخًا ...المهم أن يخلوا من آفة التعصب .. وأن يتميزوا بالاعتدال وبالثقافة الواسعة والمعرفة المتنوعة ، وبالحب الشديد لهذا الوطن وتحمل المسئولية ، فنحن الآن نحتاج إلي عقل يحكم أكثر من احتياجنا إلي قلب . كفانا تعصبًا .