17 مليون طالب وطالبة يتوجهون بداية من السبت القادم الموافق 17/9/2011 إلي المدارس الحكومية والخاصة .. وسط إعلان كثير من حركات وائتلافات وروابط المعلمين عن الإضراب العام ووضعوا شعار " عام دراسي بدون معلمين" هذا الشعار الذي إن كتب له بعض النجاح فمن المتوقع أن تشهد مصر مزيدًا من القلق والاضطراب ؛ لأن الموضوع متعلق بشكل مباشر بملايين الأسر مما يمثل عبئًا كبير علي الحكومة والمجلس العسكري ..
ولكن تعالوا نتساءل.. لماذا يضرب المعلمون ؟ ولماذا يرفعون هذا الشعار القاسي"عام دراسي بدون معلمين" ؟
تعالوا نتفق علي أن المعلم كان ولا يزال – في الدول المتقدمة – أهم عنصر من عناصر العملية التعليمية ، ولذلك يحصل علي تقدير معنوي ومادي ، يتناسب مع الدور البارز الذي يقوم به في المجتمع ، ولكن في بلدنا مصر تقهقر المعلم ليصبح آخر عناصر العملية التعليمية ؛ وهي نفسها تعاني الكثير من المشاكل .
أعتقد أن السبب الرئيس لاحتجاجات المعلمين هو عدم شعور المعلم بالمكانة المناسبة له في المجتمع؛ وبخاصة بعد قيام الثورة ، وتندرج تحت هذا السبب الرئيس عدة أسباب فرعية ، مثل : تدني الأجور ، والترقيات ، ودور النقابة ، وتثبيت المؤقتين ، وتكليف خريجي كلية التربية ، وتطهير الوزارة من الفاسدين ..الخ .
إن تدني رواتب المعلمين – شأنهم في ذلك شأن كثير من موظفي الدولة – مشكلة كبري ، ويتضح أثرها علي الطلاب بشكل مباشر ؛ حيث إن المعلم يتجه لتحسين دخله ، ويتخذ في ذلك إحدي طريقين : الدروس الخصوصية أو العمل في مهنة أخري ، وكلاهما له أثر تدميري علي الطالب والمعلم والعملية التعليمية بأسرها ؛ فالعملية التعليمية تتكون من :
معلم + طالب + منهج = مخرج تعليمي (الطالب) ، وأي خلل يصيب هذه العناصر ينعكس بدوره علي المخرج التعليمي (الطالب) ، وأهم عنصر هو المعلم ؛ فهو معنيّ بالمنهج والطالب ، ولكن هل ستحل مشاكلنا التعليمية إذا زادت رواتب المعلمين ؟! بالطبع لا ، فالموضوع معقد لأنه مرتبط بعوامل سياسية واقتصادية وثقافية ، ولكن قد تكون زيادة رواتبهم خطوة في طريق إصلاح العملية التعليمية.
وينبغي- في هذا المقام- أن نعترف بأن بعض المعلمين – للأسف – لا يستحقون أي شيء ، حتي إنهم لا يستحقون لقب معلم ، فالبعض دخل سلك التعليم مجبرًا أمام شبح البطالة المفزع ، وبعضهم غير مؤهل تربويًا أو غير صالح نفسيًا لممارسة مهنة التدريس السامية ، ولمعلجة هذا الأمر ينبغي تأهيل وتدريب هؤلاء المعلمين من خلال تدريبات حقيقية وليست تدريبات ورقية أهم ما فيها إثبات حضور وانصراف المعلم ، وأن يتم وضع معايير وشروط صارمة عند اختيار المتقدمين لمهنة التدريس.
لقد فاض الكيل بالمعلمين .. بخاصة بعد تجاهل الحكومة لمطالبهم ، وعدم تطبيق حافز 200% عليهم بشكل كامل ، وتذرعوا بحوافز الكادر الذي يحصل عليه المعلمون ، ونسوا أن المعلم بعد خمس سنوات عمل يحصل علي راتب 600ج وهو مبلغ يقل عن ما يحصل عليه العامل في بعض الوزارات الأخري وهو مبلغ لا يلبي سوي مطلب أو مطلبين من مطالب حياتنا ؛ فبالكاد يكفي لإيجار (شقة) وفاتورة كهرباء ، وماذا يفعل المعلم في باقي الاحتياجات الضرورية .. نعم .. سيتخذ إحدي طريقين كما قلت سابقًا . ولا تنصت للنسب المئوية التي يذكرها وزير التربية والتعليم علي شاشات الفضائيات 250 % و 325 % ثم يختمها بقوله: "وبذلك يكون المعلم متميز عن باقي موظفي الدولة " .. أي تميز يا سيادة الوزير ؟! تعالي واطلع علي استمارات الرواتب بمدرسة برديس التجريبية للغات، ولن أعلق علي كلامه بأكثر من المقولة الشهيرة " شر البلية ما يضحك " .
إذن .. ما الحل ... ؟ وكيف ... ؟ ومتي ..؟
من وجهة نظري .. لن يكون هناك حل جذري لإصلاح التعليم إلا إذا وجدت نية صادقة وإيمان بأهمية إصلاح منظومة التعليم لدي متخذي القرار في مصر .. أما الحلول غير الجذرية فهي : كل ما يمثل ورقة ضغط علي الوزارة ومن ثم الحكومة بما في ذلك المظاهرات أو الإضراب ( جزئي أو كلي ) أو الاعتصام .
وبقليل من التأمل للأوضاع سنجد أن هناك مؤشرات علي بداية الإصلاح بدأت تلوح في الأفق ، وهناك كثير من الوعود الجادة لدراسة مطالب المعلمين والعمل علي تحقيقها .. فليتحد المعلمون وينظمون صفوفهم ويقضوا علي السلبية التي التصقت بهم وآثرتهم وآثروها علي مدار عشرات السنين؛ لكي يكون لهم صوت مسموع ولغيرهم آذان مصغية ،وليقنعوا المجتمع بقضيتهم حتي يكسبوا تعاطفه وتأييده ، وليمنحوا الحكومة فرصة لتحقيق المطالب .. وليرفع الجميع شعار " مصر أولا "