بعد مرور خمسة أشهر علي ثورة 25 يناير 2011.. تصادف وجودي مع أحد الأصدقاء القدامي ، وهو ضابط شرطة ، وجدير بالذكر أن صديقي الضابط كان من أنصار توقف المظاهرات والاعتصام وبقاء مبارك لكي ينفذ الاصلاحات التي تعهد بها في خطبه أثناء الثورة ، ولم يكن يومًا من الضباط المتعجرفين الذين كانوا يشعرون ويُشعرون من حولهم بأنهم طبقة أخري غير طبقات هذا المجتمع .
جلسنا وتبادلنا أطراف الحديث عن الأوضاع في البلد .. وقد خرجت بنتائج من هذا الحوار وإليكم ملخص للحوار الطويل الذي دار بيننا مع التركيز علي رأي صديقي بصفته ضابط شرطة ...
ــ يعترض وبشدة علي المتحدثين الجدد في الإعلام ويقول ( كانوا فين من زمان )
متشائم جدًا بشأن مستقبل البلد
ــ من أنصار مقولة " إن الشعب المصري شعب فرعون" ولابد من استعمال الشدة في السيطرة عليه
ــ يري أن أمامنا مالا يقل عن 30 سنة لكي نبدأ نتقدم
ــ متعاطف جدًا مع الشرطة وما حدث وما يحدث لها من اعتداءات
ــ يجد مبررات كثيرة لعدم عودة الشرطة الي الشارع والسيطرة علي الانفلات الأمني
ــ يكره القوات المسلحة كرهًا شديدا
واليكم تعليقي علي الحوار ..
ــ ضباط الشرطة هم أكثر فئة كرهت ومازالت تكره الثورة ؛ فالثورة ببساطة قضت علي هيبة الشرطة المعتادة ووضعهم الاجتماعي ، بل وعلي مصالح البعض منهم مع رجال الأعمال ، فكثير من رجال الشرطة يتصل بشكل أو بآخر بنظام ( التظبيط ) أو ( الكوسة ) وكانت هذه الممارسات تدر عليهم دخلا إضافيا في صور مختلفة ، وخصوصًا أن رواتبهم متوسطة فالضابط الحديث راتبه من 800 الي 1000ج وهي رواتب لاتكفي ، الضباط وبالرغم من عدم رضاهم بأوضاعهم المادية بفترة ما قبل الثورة ، إلا أنهم شديدو الندم علي تلك الفترة بسبب كرامتهم التي بعثرت بعد الثورة ؛ فلا يمر يوم إلا ونسمع عن إهانة أو اعتداء علي الشرطة ، ولذلك عندما تجلس مع أحد الضباط تسمع عبارات كثيرة تشكك في الثورة والثوار، وعبارات مثل ( سلملي علي الثورة ) ( كل ثورة وانت طيب ) ( البلد خربت ) الي آخر هذا العبارات التي توحي بالضيق وعدم الرضا عن الأوضاع الحالية في وجه نظرهم .
ــ إن الشرطة تحتاج إلي تغيير في الفكر .. وأن يتم اقصاء القيادات التي لاتؤمن بمطالب الثورة ( الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية ) ، وذلك ينطبق علي أي هيئة أو مؤسسة في الدولة .
ــ يجب عقد دورات تدريبية للضباط للتعامل مع المواطنين بروح جديدة وفكر جديد.
ــ علي الضباط الذين دخلوا الشرطة من أجل ( الفشخرة) والخيلاء أو من أصحاب ال 50 % والذي دفع له والده 50000 جنيه لكي يدخله الشرطة ،أو الذين دخلوا الشرطة رغمًا عنهم ويشعرون بأنهم غير مؤهلين للعمل كضابط شرطة حقيقي ، عليهم أن يتقدموا باستقالتهم فورًا ، أعتقد أن ذلك أشرف وأفضل لهم .
ــ أن يتم منح الضباط الشباب المخلصين المؤمنين بمطالب الثورة الفرصة لتولي مناصب قيادية ،والتخلص من نظام (الترقية وفق الأقدمية ) العقيم ، وأن يتم رفع رواتب الضباط حتي لا يلجأوا الي رجال الأعمال وأصحاب المصالح ( الذين خربوا البلد ) وذلك ينطبق علي جميع مؤسسات الدولة أيضًا .
ــ ينبغي العمل وبسرعة شديدة لبناء الثقة بين المواطنين والشرطة وفق أسلوب جديد .. ولن يتم ذلك إلا بتغيير في فكر وممارسات ضباط الشرطة ورؤسائهم ..
وفي النهاية .. أقول لأخي ضابط الشرطة : اترك الممارسات والأفعال الخاطئة التي كنت أو ما زلت تفعلها .. اجلس مع نفسك وافتح صفحة جديدة كلها صدق مع النفس ومع الناس وقريبًا ستزول الغمة وستبني علاقة جديدة مبنية علي معرفة كل طرف بحقوقه وواجباته في دولة يسودها القانون والعدل .