هلوسه
بعد أن قضى في دراساته وأبحاثه العلمية ما يقرب من عشرين عاماً .. أخيراً بلغ إلي الشئ الذي اخذ منه هذا العمر وأخذ منه رفاهية الحياة والاستمتاع بالجماليات الكونية .. بحلق المخترع في المادة الشيطانية التي توصل إليها كما يقول بعد رحلة عناء جم ..
يا له من حبـــــور . . . ود أن يجرب التجربة النهائية علي نفسه ولكنه تقاعس ملياً وبحث عن آخر فلم يعثر.. جاء إليه الصديق الحميم الساخر قائلاً :
- لقد ضيعت عمرك في هذا الاختراع .. ما هذا الاختراع وماذا يزيد للبشرية ؟
- قال له وهو ينظر إليه عبر زجاج نظارته الشاحبة :
- إنني فكرت كثيراً أن الإنسان يموت عندما يأمر الله عزرائيل بأخذ روح فلان .. دار في عبقريتي نحن لا نعرف شكل عزرائيل ولكنه يعرفنا جيداً .. قلت لا بد من البحث عن المادة الشيطانية التي تساعدني علي أن أشعر بقدوم عزرائيل الّي في كل وقت وأي مكان حتى أهرب منه فوراً .. بل لا يستطيع أن يراني بالعين المجردة ..
رد الصديق متعجباً :
- إن الله عليم خبير .. كيف أتهرب من عزرائيل - ما دامت الحياة مستمرة فالبحث عن المعرفة مستمر .. أود أن أصل إلي حافة العلم .. أود أن يظل العمر معي حتى أتعلم كل اللغات .. كل المهن .. كل الأعمال .. كل شئ ..ولكن .. ؟
- ( مقاطعاً ) لن يتعلم يا عزيزي الإنسان أكثر مما كتبه الله له.
- معك حق ..ولكن علـّي بالبحث في كل ثانية حتى ولو مت .. أموت علي قدر كبير من العلم .. أخشى أن يمتلكني الجهل ..
- بجدية سأله الصديق :
- وهل توصلت بالفعل لاكتشاف المادة التي تجعلك تهرب من عزرائيل .. - نعم توصلت .. وها هي .. أريد أن أجربها علي أي إنسان.
هب في أعماق الصديق الفزع قائلاً :
- إلا أنا يا صديقي .. وداعاً .. أراك وقت أخر ..
خرج صديقه في عجالة.. رنا المخترع لنفسه قائلاً في المرآة:
- كنت رفيقي طوال السنين المؤلمة .. هل تسنح لي الفرصة أن أعطيك هذه المادة تتناولها حتى أعرف نتيجة كفاحي .. أعرف انك حرمت من الحياة.. حرمت من الاستمتاع بالهواء وأقطنت نفسك في هذا الجب الضيق تبحث من أجل البشرية ومن أجل أن يطول عمري وأتعلم أكثر .. خذ .. خذ المادة ولا تخاف .. أود أن لا أندم علي الماضي المنصرم ..لا محيص من التجربة علـّي .
و تناول المادة بعد أن خلطها بالماء .. شعرت بالحيوية والانتعاش .. عم الهدوء .. صرخت الفرحة في أعماق كينونته .. هرول الي الطرقات بخطوات جنونية في سعادة عارمة.. رفع يداه للسماء .. بحلق في كل مكان .. في كل انسان في كل المخلوقات والكائنات المختلفة .. نبرته اخترقت الآذان وهو يقول :
- ها أنا .. ها أنا يا عزرائيل هل تراني .. هل تسمعني هل تستطيع أن تمسك بي .. الناس متعجبون.. منهمكون في كريزة الضحك .. سقط علي الارض .. اتسخت ملابسه .. انكسرت نظراته .. نزف من أنفه وهو مستمراً في النداء .. يا عزرائيل هل تراني ؟
= تمت =قصة قصيرة من مجموعتى(كبرياء في سماء الحب)
ساحة النقاش