جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
قال ابن المعتز
اغار عليك من قلبي إذا ما رآك، وقد نأيت وما أراك!
الغيرة
غريزة فطرية يولد بها الإنسان، وهي شعور غامض ملئ بالأسرار، والغيرة عندما تكون موجودة تجعل الحب في حالة مستمرة ولكن بصورة غير مقلقة، فما أحسن الغيرة في حينها وما أقبحها عندما تكون في كل حين! فالغيرة الزائدة وبصورة مرضية هي نقص احترام من نحب، فالشك في المرأة إهانة، والغيرة عليها بحدود أمان، وهناك علاقة عكسية بين الغيرة والحب فكلما زاد الحب زادت الغيرة، وعلى العكس كلما قل الحب تراجعت الغيرة، ولكن الإنسان الذي يظهر الغيرة بصورة
واضحة وملحوظة هو إنسان عديم الثقة بنفسه وتظهر الغيرة بوضوح بين الزوجين حيث يشعر الرجل بأنه يمتلك الزوجة،
وهكذا فقد تتحول الغيرة بينهما إلى ظاهرة مرضية تحطم كل ألوان الحب لأنه من الخطأ ان يعتقد الزوجان ان الغيرة عامل
مهم لاستقرار الحياة الزوجية فتظل المرأة تنظر للرجل على أنه صياد مهمته مطاردة المرأة حتى يحقق مآربه ثم يبدأ في البحث
عن أخرى!!
، ونظراً لأن المرأة عليها التزامات كثيرة من حمل وولادة وأعباء أخرى، لذا فغيرتها أشد من الرجل، وإذا كانت تلك الغيرة
في محلها فهي تقوي الحب إذا تدخل العقل بلا شك، أما إذا جن العقل فمصيرها الطلاق لأن غيرة المرأة هي مفتاح طلاقها!
وبغض النظر عن الغيرة بين الزوجين فهناك أنواع كثيرة من الغيرة، كالغيرة من الوظيفة المهمة أو المنصب أو البيت الراقي
ذي الحدائق الجميلة، أو القصر الكبير الذي يعيش فيه أصحابه! أو السيارة الفارهة وهو أشبه بالحسد والغبطة، وهناك الغيرة
غير الطبيعية بين الصديقات في المدرسة كأن تغار الطالبة على صديقتها الجميلة وتخشى عليها من الأخريات! أو أن تعشق
طالبة معلمة فصلها فتغار عليها من عيون الأخريات!!، وغيرها من الأمور الشاذة والغريبة والدخيلة على سلوكياتنا المحتشمة
والطبيعية نتيجة تداخل بعض السلوكيات الخاطئة عند حالات كثيرة، لكن من أصعب وأشد أنواع الغيرة هي الغيرة القاتلة
والمدمرة، فهي قيود لابد من المرء أن يتحرر منها وإذا ازدادت مشاعر الغيرة فإنها تؤثر على المرء بشكل سلبي وعلى حياته
وعمله، فمشاعر الغيرة متعبة فهي مزيج من الخوف والقلق والتوتر والضيق والعقد والارتباك مما يقود إلى الإحباط النفسي
بين كل اثنين أو بين الزوجين!، فمثلا قد يكون الزوج مصابا بجحيم الشك والغيرة المدمرة فيحاسب زوجته على كل صغيرة
وكبيرة، فيراقبها في الدخول والخروج، ويتنصت عليها في الهاتف لأنه قد يكون أساسا من المخابرات وظروف عمله اثرت
سلبا على خلايا فكره، فأصبح دائم الشك وخائفا من الجوال الذي تقتنيه ومن تكلم ومن تصاحب ومن يتصل بها ومن يرسل
مسجات بين فترة وأخرى!! وعدا عن الهاتف يفتش في دولابها وأغراضها وحاجياتها الشخصية فتصبح تلك الزوجة في حالة قلق لا نهاية لها!
فمسلسل الشك يتكرر هو نفسه في كل يوم وكل ساعة وكل دقيقة! وفي كل مرة تجده يحدق في وجهها وعيناه مرعبتان يلسعها
بتلك النظرات القاتلة المرعبة وهو يتمايل على رؤوس قدميه وفجأة يقترب منها ويصرخ قائلا: أين كنت مساء أمس؟! هيا
قولي الحقيقة ماذا تفعلين قولي؟! من هذا الذي يتصل بك ولا يجيب هيا تكلمي؟! ماذا تفعلين عند والدتك؟! وما الذي يدفعك
للاستحمام بشكل يومي؟! ومن ومن ومن؟! ومن ثم يأخذها بين ذراعيه وهو ينهرها بعنف ويتابع بإلحاح وهو يشد على كتفيها
أجيبي؟! كان هذا المسلسل المرعب يتكرر في كل مرة حتى ضاقت منه ذرعا المسكينة فأجابته أخيرا: انك غيور بشدة والشك
وسواس يلازمك، الأفضل ان نتطلق وبذلك تكف عن الغيرة وترتاح وتريحني في آن واحد؟! لم يتحمل الرجل الشكاك كلامها فتلقاه كالرصاص في قلبه فرمى نفسه من فوق الشرفة وسقط صريع الشك والغيرة!
في الختام نقول: إن كنت محبا غيورا فليكن ذلك دافعا لك لأن تزيد عواطفك وتغلفها بسماء المشاعر والثقة والاحترام وتحكم مشاعرك فيها فلا يوجد حب من دون غيرة ولكن شتان بين الغيرة السليمة والغيرة القاتلة المدمرة! فاحذر أن تكون أسيرا للهواجس المخيفة والمميتة.
المصدر: منقول
ساحة النقاش