جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
بقلم : السعداوى الكافورى
كنت أظن – وبعض الظن إثم- أن الرؤى والأفكار والممارسات فيما يتعلق بحياتنا اليومية قد تغيرت إلى الأفضل بعد الثورة ولكننى للأسف قد أدركت مؤخرا كم أننى كنت واهما ومخدوعا بل ومضحوكا عليه فقد حدث أن أعلنت جريدة المساء عن مسابقة أدبية بين المبدعين المصريين تتعدى جوائزها مائة وخمسين ألف جنيها اعتمادا على تمويل سخى من وزارة الثقافة حيث تتكفل الجريدة بالإعلان عن المسابقة وتلقى الأعمال من المتسابقين وتشكيل لجان التحكيم وإعلان النتائج على أن تقوم وزارة الثقافة بتحمل كافة تكاليف سفر وإقامة وإعاشة الفائزين العشرة فى رحلة إلى ايطاليا مدتها عشرة أيام , وهذا بلا شك جهد مشكور للوزارة لو أن الأمور قد سارت فى مسارها الصحيح ولم ينحرف بها القائمون عليها إلى مسارات أخرى تكرس للمجاملات والمحسوبية وتحصر هذا الجهد الرائع للوزارة فى نطاق مصالح شخصية وأهداف ذاتية بعيدة كل البعد عن الإبداع والمبدعين وتدور فى فلك الشللية والمصالح وتباعد –فى ذات الوقت – بين المسابقة وبين الأهداف النبيلة التى أقيمت من أجلها . حيث فوجبىء الوسط الأدبى بنتيجة المسابقة والتى أشارت بوضوح إلى كم التلاعب الذى حدث من قبل المشرف عليها بطريقة أكدت على أن هذا المشرف لا يزال يفكر بعقلية العهد البائد ويصر على انتهاج سياساته فكرا وممارسة وكأنما الزمن قد توقف به عند الرابع والعشرين من يناير عام 2011 حيث جاء معظم الفائزين من بين الأعضاء المؤسسين لحزبه ضاربا بذلك عرض الحائط بكل معانى النزاهة والعدالة والموضوعية التى يجب أن تسود مثل هذه المسابقات متناسيا تما ما غايات وأهداف نبيلة جاءت المسابقة من أجلها بالرغم من أن هذا المشرف لا يكل ولا يمل عن التشدق بعبارات من قبيل العدالة والنقاء والطهارة الثورية كلما واتته الفرصة لذلك فى ازدواجية غريبة تعكس البون الشاسع بين أقوال المثقفين وبين أفعالهم وتكشف عن السر الغامض وراء حالة الانفصام بين الجماهير وبين المثقفين بل وتقدم إجابة منطقية لسؤال الساعة عن تراجع دور التيارات المدنية وتقهقرها أمام تقدم الاسلامويين وتغولهم لاسيما وأن المشرف على المسابقة يؤكد دائما – كما يظهر جليا على مدونته المحلقة فى الفضاء السايبرونى – بأنه كاتب كبير وشاعر عظيم ورئيسا لحزب تحت التأسيس تلك المدونة التى تضم بين قوائم أسماءها سعداء الحظ من السادة مؤسسى للحزب والذين هم أنفسهم الذين حصدوا الجوائز بالرغم من أن تاريخهم الأدبى لم يذكر أن اى منهم قد فاز من قبل بأى جائزة – ولو حتى جائزة فكر ثوانى واكسب صوانى التى كنا نتابعها عبر التلفزيون المصرى ونعيش أحداثها مع الإعلامية القديرة نجوى إبراهيم . الأغرب من ذلك أن المشرف على المسابقة قد اثر أن تعم بركات حزبه على آخرين لم يشاركوا من الأساس فى تلك المسابقة مختصما جائزتين من العشر جوائز ومنح لنفسه واحده ولا غبار فى ذلك فهو الزعيم الروحى للحزب وكيف يسافر جسد الحزب إلى روما تاركا روحه بالقاهرة وهذا بالطبع مكروه كراهية التحريم كما قدم الثانية إلى زميلته ومساعدته بالعمل وليس هناك مانع من ذلك فالسيدة تسعى بجد وإخلاص لكى تتبوأ منصب الأمانة العامة للحزب المزعوم والرجل لديه مبرراته لذلك فالاثنين سوف يسافرا مع الفائزين إلى روما باعتبارهما مشرفين على الرحلة وكأن هؤلاء المبدعين الفائزين لا يزالوا تلاميذ بمرحلة الروضة وفى حاجة لمشرفين لرعايتهم والحفاظ عليهم أثناء تجوالهم بين كنائس ومتاحف روما حتى لا تتكرر حادثة ضياع البنت كما شاهدنا ذلك فى أحد أفلام الأكشن لنور الشريف ....... الأدهى والأمر من ذلك كله أن المشرف على الرحلة – أقصد المسابقة – قد منح رئيس تحرير الجريدة التى يعمل بها – والمعين بعد الثورة- جائزة أيضا بالرغم من أنه لم يشارك بأى عمل ابداعى فى المسابقة المزعومة كما لم يعرف عنه أنه قد مارس الكتابة الأدبية طيلة حياته فى سابقة تعد الأولى من نوعها وتصلح للدخول الى موسوعة جينيس من أوسع أبوابها ولكن يبدو أن السيد رئيس التحرير قد حضر القسمة وبالتالى من حقه أن يقتسم فهو ليس أقل شأنا ممن حصلوا على الرحلات –الجوائز –حتى وان كانوا قد بذلوا جهدا كبيرا فى عملية تأسيس الحزب وامتلأت قائمة مؤسسيه بأسماء أشقائهم وشقيقاتهم وزوجاتهم فهو الكبير ومن حق الكبير يدلع كما تقول المطربة نواعم فى احدى أغنياتها المحتشدة بالإثارة والغنج ولا يهمه بعد ذلك أن كانت هذه الأموال هى أموال الشعب المسكين الذى يقضى جل وقته منتصبا فى الطوابير ويقضى معظم ليله يضرب أخماسا فى أسداس تحايلا على المعاش ...... لهذا كله أضع الأمر بين يدى السيد وزير الثقافة الذى تم توريطه مطالبا إياه أن يبرىء ذمته من هذه المسابقة المشبوهة خاصة وأنها لا تخدم الثقافة المصرية ولا تعمل على تشجيع المبدعين بل تدور فى فلك الشخصنة والنرجسية والبحث عن الزعامة وتأسيس الأحزاب والتكتلات وأن يصدر أوامره بتجميد نتائج هذه المسابقة متجاوزا أفاعيل الصغار ومتخطيا طرق الثعالب الصغيرة التى تفسد الكروم