authentication required


وائل قنديل

 

تتبنى جماعة الإخوان، والمجلس العسكرى فى نزاعهما المفاجئ على مناطق النفوذ سياسة حافة الهاوية، حيث يتم الدفع بالصراع إلى أعلى وأقرب نقطة قبل الصدام، فتلمس جموحا فى التصريحات واشتعالا فى الحروب الكلامية، بالتوازى مع استمرار المفاوضات السرية.

 

ومن واقع ما جرى أول أمس فى لقاء المشير وقيادات الأحزاب، حسب المعلن من التصريحات، فإن ما يفعله كلا الطرفين ــ العسكرى والجماعة ــ هو محاولة اقتطاع كل طرف مساحات أكبر فى رقعة الدستور الجديد، وليست التصريحات النارية، ولغة التهديد والوعيد إلا أدوات دبلوماسية لتدعيم المواقف التفاوضية.

 

ولو راجعت تصريحات القيادى بالجماعة فى الإسكندرية حمدى حسن التى وجه فيها رسالة صريحة إلى «العسكرى» بأن رئيسهم فى السجن وقد يلحقون به، وقبلها رسالة «آدمن العسكرى» إلى الجماعة مهددا ومتوعدا ومتحدثا عن جناح مسلح داخلها، ستكتشف أننا أمام ما يشبه «الحرب الباردة» التى ستظل باردة دائما، كون المعركة بين الطرفين ليست صراع وجود، وإنما صراع على الحدود.

 

وما يلفت النظر فى التصريحات الصادرة بعد الاجتماع أن اللقاء تجاهل مدنية الدولة المصرية، وقفز على هذه المسألة الرئيسية بكلام عن دولة «وطنية ديمقراطية» ومن المثير للانتباه هنا أن حزب الحرية والعدالة وحزب النور كانا فى طليعة الموافقين على هذا البيان المقتضب، فيما تحفظت أحزاب العدل والمصريين الأحرار والتجمع والكرامة والسلام.

 

ولعل فى هذا ما يكشف عن أن الطرفين يسلكان وكأنه لا يوجد غيرهما على الساحة، وأنهما متفاهمان ومتوافقان على الكلى ومختلفان على الجزئى، متفقان على الأصل ومتجاذبان على الفرع، وبتعبير المقرب جدا من الاثنين المحامى القدير محمد سليم العوا متحدثا مع الكابتن هادى خشبة فى برنامج «كورة على الهادى» فإن «مشكلة الإخوان والمجلس العسكرى ظاهرها كبير ولكن حقيقتها غير ذلك».

 

وعلى هذا يمكنك اعتبار أن النزال الحاصل على أرض الملعب «مباراة ودية» وليست حقيقية، على الرغم من الخشونة والحماس وزئير الجماهير هنا وهناك.

 

ومن الواضح أن هذا السجال يدور على أرضية تقديم تنازلات جزئية، فيما يخص تكوين الجمعية التأسيسية للدستور بالتوافق بين العسكرى وقوى الإسلام السياسى، بحيث يخرج كلاهما رابحا، حيث تجرى الآن لعبة الحصص، من خلال تنازل الإخوان والنور عن عشرة وخمسة عشر من مقاعد العضوية فى الجمعية لصالح آخرين من على دكة البدلاء ( وبالمناسبة القائمة الاحتياطية تضم طبيبا وصهره يرتبط أحدهما بعلاقات بيزنس قديمة مع قيادة إخوانية شهيرة قبل أن يهاجر إلى الولايات المتحدة).

 

إن خلو الدستور من كلمة «مدنية الدولة» هو غاية مراد الذين اختطفوا تشكيل لجنة صياغته، وقد سقطت «المدنية» عمدا من البيان الصادر عن الاجتماع، بعد ساعات من حديث قيادات الجماعة عن «وضع خاص للمؤسسة العسكرية» فى الدستور.

 

والسؤال الآن: هل ستكتفى القوى الوطنية والثورية بالفرجة، بعضها من المقصورة الرئيسية، ومعظمها عبر شاشات التلفزيون؟

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 73 مشاهدة
نشرت فى 31 مارس 2012 بواسطة kalamtha2er

عدد زيارات الموقع

415,762

تسجيل الدخول

ابحث