دولة "المتاريس" تغزو ميدان التحرير.. أوحى بها "شفيق" و تبناها "طنطاوي" و دعمها "كاطو" بحرق من داخلها
الجدار العازل في شارع الشيخ ريحان
من النازية وبعدها الصهيونية نشاهد الآن و بكل أسف وحسرة جنرالات العسكرية المصرية يبنون الجدار العازل وراء الآخر.
سلك شائك و متاريس و مقاطف المونة و الأسمنت، كل هذا بسواعد مصرية و ملابس عسكرية لمحاصرة الميدان و تحويله لمدينة معزولة.
نفس الثقافة العنصرية التي بدعها النازيين والصهاينة ينفذها المجلس العسكري الآن، بدأها أمام السفارة الإسرائيلية و قبلها أمام السفارة الأمريكية و بعدها لشارع محمد محمود ، أخر المحطات الحالية هى شارع ريحان والقادم يأتي بالتأكيد، فبعد قليل تصبح مملكة وسط البلد ـ التي تكسوها الحياة ـ مقاطعة فصل عنصري و تصبح شوارع "طلعت حرب ـ عابدين ـ شامبليون" تحت الحصار لا تعرف ما يحدث خارجها و تنتظر أي هجوم مباغت فلا تنتشر غير رائحة الدم.
وبالتاكيد الثقافة لم تبدأ منذ تولي العسكري المسئولية ولكن من قبلها حين قال الجنرال المباركي "أحمد شفيق" :"خليهم قاعدين في التحرير زي ما هو عايزين و إحنا هنبعتلهم بنبون"، كل الرؤوس تحت بيريه الجنرال تفكر بنفس الطريقة، يأخدوا الميدان و يشبعوا به، قالها اللواء "محسن الفنجري" أيضاً للمصابين نهاية أكتوبر الماضي: "عايزين جدول زمني لمطالبكم روحوا خدوه من التحرير"، و لأن كما تسمع و تشاهد البئر شكله من غير قرار لذا لم يكن من الغريب أن يقول اللواء "عبد المنعم كاطو" :"أن الناس اللي فى التحرير يستاهلوا يتولع فيهم في مكانهم" إذاً حاصروهم و أقتلوهم لأنهم لم يوافقوا أن تخطفوا أحد شبابهم وتضربون حتى القتل لأنه فكر أن يواجه إحدى سيارات الخطف السوداء التي اعتادت أن تحوم حول الميدان و شبابه.
قد يختلف من يختلف معهم حول طريقتهم في الرد على ما يحدث بهم من مآسي و لكن أثبت الجنرالات أن طريقتهم فى الاختلاف واحدة تبدأ بالملاحقة بالرصاص الحي وتنتهي ببناء جدران العزل.
شركة المقاولون العرب بعد محاولتها التدخل في الميدان خلال أحداث محمد محمود تراجعت سريعاً و تبرأت،حيق قال رئيسها المهندس "إبراهيم محلب" : "كنا نرفع الحجارة فقط أي بناء الجدران مسئولية الإدارة الهندسية بالقوات المسلحة".
الأديب الكبير "صنع الله إبراهيم" ـ صاحبة كلمة "لا" في وجه جائزة مبارك التقديرية ـ حاول أن يعلق مندهشاً مما يجري فقال: "لا أصدق ما وصلنا إليه، فمن ناحية ثقافة الجدران التي يتبعوها تضع في مواجهتك سريعاً جدار العزل بالضفة الغربية فهل نحن الأعداء ؟!!" ، و من ناحية أخرى فتطور المشهد من سحل وشد شعور إلى بناء جدران هو مثال صارخ على حالة "همجية" غير مفهوم مصدرها ، أضاف "صنع الله": "الأدب المصري تناول كل أنواع القمع سواء بشكل تاريخي أو فانتازيا، فلم يصل خيال الأدباء لما وصل له المجلس العسكري من ثقافة العزل".
أضاف "عاصم الدسوقي" - أستاذ التاريخ جامعة عين شمس - :"هي فكرة فمعية قديمة لكنها طالما بقت بعيدة عن دول القمع في مصر لم يستعرها من التجارب الغربية إلا من يجلسون في الحكم الآن، و قال : "التاريخ مصري لم يشهد بناء الحكام الأجانب جدارن حول أهلها،فقط كان يتم بناؤها في مواجهة العدو الخارجي".