ماذا سيحل باليمن والعالم في المستقبل؟
بقلم/ خالد مطهر العدواني
سؤال يفكر فيه، بل ويطرحه الكثير من أبناء اليمن وغيرهم ومن مختلف المستويات الثقافية والاجتماعية، ويسعى الجميع إلى معرفة ذلك وكيف ستكون النهاية في ظل هذه الأوضاع والحروب، ونجد العجب العجاب في محاولة معرفة ذلك!!.
إن التطلع إلى المستقبل والتشوق إليه وإلى معرفتة أمر مفطور في النفوس جميعاً، فليس من البشر أحد إلا وهو يتطلع ويشتاق إلى معرفة ماذا سيكون له أو لبلاده وأمته أو لغيرة، وهذا أمر ركبّه الله سبحانه وتعالى في النفوس وهو من حكمة الله عز وجل.
لذلك نجد أن الناس تنوعت مصادرهم في محاولة معرفة المستقبل، وقد تباينوا واختلفوا في هذا اختلافاً عظيماً، فإن هذه الحاجة الفطرية في النفوس لمعرفة الغيب؛ دفعت كل أحد إلى أن يسلك طريقاً لمعرفته بحقٍ أو بباطل فاختلط الحق بالباطل أو الحابل بالنابل كما يقال في قديم الدهر وحديثة.
فالناس تنقسم مصادرهم لمعرفة ما سيحدث لليمن أو للعالم في المستقبل إلى ثلاثة مصادر بحسب الحق والباطل الذي فيها.
فالنوع الأول من تلك المصادر هي مصادر باطلة قطعاً وما توصل إليه فهو باطل، وهو إدعاء الغيب عن طريق الكهان والتنجيم والسحر، ولها أشكالها وطرقها وعلومها المختلفة، وما أكثرها في زماننا فنجد النبوءات وتتناقل الأخبار عن السحرة والمشعوذين عما سيحدث في اليمن أو غيرها من بلدان العالم.
ونجد تلك الأمور منتشرة على صفحات الفيسبوك والواتساب، بل نجد لها قنوات فضائية متخصصة، يطل من خلالها السحرة ومن يدعي الغيب فيخبر الناس بما سيحدث وما سيكون في المستقبل وما من مسلم والحمد لله إلا ويعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من أتى عرافاً أو كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أُنزل على محمد).
ومع ذلك فإن هذا واقع موجود وأشهر من أن نذكر له أمثلة ونماذج، وخاصة عند الفرق الظالة كأصحاب (الجفر والجامعة)، وتلك الروايات المزعومة التي تتحدث عن ما سيحدث لليمن وكيف ستكون الحروب فيها، ونتائجها ... وغيره.
والمصدر الثاني من مصادر معرفة الغيب هو المصادر الظنية وهي ليست باطلة ولا يقينية ولكنها ظنية، ومنها الرؤى والمنامات، فمنها ما هو حق ومنها ما هو أضغاث أحلام، ولا يستطيع أحد أن يجزم بأن تأويلها كذا، ولا يصح ولا يمكن لأحد أن يدعي أن تأويلاته للرؤى صحيحة وسليمة 100%.
وقد انتشرت الرؤى على صفحات وسائط التواصل الإجتماعي، فذلك يدعي رؤية النبي، وأخر يرى ما سيحدث وما سيكون، وثالثة ترى رؤيا تبشر بها هذا الطرف بأنه سيتغلب على الطرف الأخر، وهكذا... وما أكثر تلك الرؤى.
ومن المصادر الظنية أيضاً هي الدراسات العلمية والتي تسمى "الاستنباط العقلي" أو الاجتهاد بالنظر في سنن الله الكونية التي تحكم قيام الدول وسقوطها وحياتها وثمارها...
فهذا النوع لا يدخل في الغيب ولا التنجيم ولا الكهانة، ولكن أيضاً ليس يقينياً وليس بوحي، إنما استنباط من الواقع فقد يصلون لشيء من الحق وقد يكون خطأ.
وقد كثر المحللون السياسيون والعسكريون وغيرهم على جميع وسائل الإعلام يستنبطون ويتوقعون ما قد يحدث وماذا سيحل بهذا أو ذاك، فيختلفون في تحليلاتهم وتوقعاتهم بحسب فهمهم للواقع وبحسب خلفياتهم الفكرية والدينية والتعليمية، وقد يصيبون وقد يخطئون في ذلك.
أما المصدر الثالث من مصادر معرفة الغيب؛ وهو المصدر الحق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وهو ما جاء في كتاب الله وسنة رسوله.
فقد أخبر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم الناس بما كان وما سيكون ومما يحتاجون إليه في دينهم ودنياهم، فأخبر بذلك بعضها تفصيلاً وبعضها إجمالاً أو إشارة وكل ذلك بمقتضى الحكمة ومقتضى الرحمة.
فقد أخبر بالافتراق والفتن لينذرهم ويحذرهم منها ويلزمهم باتباع السنة، اتباع السراط المستقيم الذي لا إعوجاج فيه ولا افتراق عنه، ولا يجوز التفرق فيه، ومن أراد معرفة ما سيكون فيرجع إلى السنة وسيجد ما يشفي غليله.
إلا أنه يجب عند تفسير أحاديث الفتن التي وردت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الإلتزام بالقواعد العلمية، والمنهج الصحيح من العلم ومن اللغة وكلام العلماء ومن دلائل الواقع، وأن لا يفسرها بهواه فيظل كما ظل الكثير في القديم والحديث بسبب اتباعهم أهوائهم في تفسير الأحاديث.
وفي الختام نقول ان الله قد بين لنا أصلاً كلياً عظيماً من أصول هذا الدين، التي يجب على كل مسلم أن يعتقدها، وهو أنه لا يعلم الغيب إلا الله (قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله)، فعلم الغيب لله وحده، وإن أطلع عليه أحد من الأنبياء أو الصالحين فبيده وحده، وله في ذلك حكمة وقدر.