بستان الأدب العربي

مجلة لنشر كل أنواع الأدب العربي من شعر ونثر وقصة ومقالات وخواطر

هل هناك كرامة للانسان ؟

............................

بقلم : سيدمحمد الياسري

 

قد تدل هذه الحكاية التي سأرويها لكم ، على مسيرة التقاليد والجهل الذي لم ينفك ، ويتكرر عبر التاريخ لعصرنا الحالي ، يحكى ان قاضيا في مدينة ، تتملق له الناس ، وقد كانت له زوجة متكبرة ، ان حضر احد من المدينة لاتستقبله ولاتنهض له او تمد يدها ولو بإيماء ، وكان لها نعال خاص ، ترسله اذا مات احد من المدينة ، ويستقبله صاحب المأتم والناس بحفاوة كأن زوجة القاضي هي التي جاءت ، ثم يبقى ثلاثة ايام للعزاء بعدها يرسل بأبهة لزوجة القاضي مع الهدايا والعطايا والامتنان والشكر الجزيل ، جاء يوم الذي لا مفر منه ، ومات القاضي ، وانتهت بموته سلطتها ، فعزتها الناس بما عزتهم  ، ان كل عائلة ، شمرت بساعدها ، ورمت بنعال احد افراد الاسرة في بيت القاضي ، وقيس كم كان عددها ، وكم نعال سقط على رأس زوجة القاضي ، .....

لربما ان التملق للسلطان واصحاب الجاه والقضاة واصحاب السلطة والبرلمان والوجهاء والشيوخ وووو لازال في مجتمعنا ، بعيدا عن اي تأثير ديني او على الاقل اخلاقي يظهر على وجه الانسان بالكرامة، الدين الاسلامي بكل مذاهبه شدد على كرامة الانسان وكل الديانات ركزت على كرامة الانسان وتفاعله نحو الهدف ، الذي رسم لاجله ، والسؤال : هل لازال المجتمع تحت تلك التأثيرات على الرغم من التطور ؟ نعم ، لازال المجتمع يسير سيرته الاولى ، وتقديراته للانسان على اعتبارات دنيونية رذيلة ، بعيدا عن الدين كمتدين مع كل الاسف ، وهذا مانراه ممن يدعون الدين او يلبسون لباسه او انه على الاقل يرمز له مجتمع مسلم او فرد مسلم اليس من الاسلام ان تكون اخلاقك هي القائدة لعملك ؟ اليس من الاسلام التعامل على الخلق ؟ فاي خلق انك تحترم من يحترقك،.. كما انه كانسان كذلك لازال يتبع نفس الاسلوب ، وكأن الله لم يصنع بروحه العزة ، مشكلتنا اننا لازلنا نمشي بمعايير اجتماعية خاطئة ، ونرفض اننا نقول عنها خاطئة ، فعلى سبيل المثال نرى ان فقيرا لم يزره احد او يحضر جنازته ، على الرغم انه كان يحضر لكل الناس وانه خدم الناس باسلوب مباشر ، كأن يخدمهم بالتعاون ، او باسلوب غير مباشر كأن يخدمهم للاجرة بالعمل ، بالمقابل نرى ان الذي لايستقبل الناس او يساعدهم بل يعتاش ويمص بدمهم ، نراه اكثر تقديرا وخاصة اذا احتقرهم اذا لايستقبلهم ولاينهض للسلام عليهم تكبرا، وعجبا ان قبل ١٤٠٠ سنة ((عجبت لقوم اذا احترمتهم احتقروك واذا احتقرتهم احترموك )) ولهذا قتل علي بن ابي طالب بمحرابه ، وخان الجيش الحسن ع وبسبب هذا المجتمع حدثت الطف ، لانه  مجتمع لايعي مايريد بسب الضبابية من النفس التي اعتادت ان تكون ذليلة ورذيلة، مجتمع نراه في زمن التطور لازال ينحط اكثر فاكثر اليس على المجتمع ان يحتقر من يحتقرهم كي يكون عبرة لغيره او لاولاده الذين طالما اصبح المجتمع يتوارث الوجاهة والسلطة والمشيخة والملك ؟ اليس على المجتمع ترك الذي يتكبر عليهم ولا يبجلونه على الاقل في موته؟ مجتمع نراه يتذمر ويتكلم بانه متكبر ذاك الشخص الا اننا نراه يجتمع حوله كالجراد ويبكي عليه تملقا ، من دون سبب ولا سلطة تجبرهم بل انغماس لتقليد توارثوه ، حقا عجيب ذلك المجتمع ، وليس المجتمع العربي فقط الذي تلتف حوله الغرابة ، كما يتصور البعض ، بل حتى باوربا وامريكا التي تدعي التطور ، لكن باسلوب واسماء مختلفة ، كرئيس شركة او مؤسسة او سلطة او .... بكل تطور لا يتطور الانسان كأنسان ، بل تتطور الآلة ويتحول اكثر عدد من البشرية الى عبيد بوهم انهم احرار ، وهم لايملكون اي قرار غير الانغماس بالملذات الطافية تحت نعال زوجة القاضي ، الذي رد الواجب لها لكن في زمننا مات القاضي وظلت الناس تهيب وتحترم وتقبل  نعال زوجته...

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 190 مشاهدة
نشرت فى 19 أكتوبر 2016 بواسطة jousryeleow

بستان الإبداع العربي

jousryeleow
مجلة تهتم بالأدب العربي ورعاية المواهب »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

171,499