ماضيك .. حقل ألغام
بقلم الشاعر إبراهيم العمر
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اشعر أحيانا بأني أفهمك ، أيها القلب.
أنت تخشى أن تختلي بنفسك ،
تتجنب المواجهة ،
تخاف أن تغوص في أعماق ذاتك ،
تخاف أن تتزحلق على صفحات الماضي ،
وتتمرّغ بالأحرف والكلمات .
أنت لا تقوى على مواجهة عمرك الذي مضى
وربيعك الذي ضاع..
أنت تخشى أن تلتفت إلى الوراء .
ماضيك حقل ألغام ،
ماضيك أخطاء وذنوب ،
ماضيك فضائح وعيوب ،
ماضيك خوابي هم وحرمان ،
ماضيك أسرار طي الكتمان .
أنت تتمنى لو بإمكانك أن تتخلص من جلدك ،
جلدك الملوث ؛
المشبع بوساخة الطريق .
أيامك التي مضت ،
حقولك زرعتها بيدك ،
أنت الذي اختار الفصول
أنت الذي اختار الشوك الذي حصدت ،
أنت الذي دست على أزهار كثيرة من زرعك
أنت الذي تاه في عزّ النهار ،
أنت الذي اختار هذا المشوار ،
أنت الذي اختار السير تحت المطر ،
أنت الذي حففت حياتك بالمغامرة والخطر ،
أنت الذي أغراه العطر
وأغوته النزوات والأهواء،
ومشى في دروب الأضواء .
أنت الذي ارتميت في بهرجة الحياة ،
أعمتك الأطماع ،
فتهت عن الدرب ،
تهت عن الطريق ،
وغابت عنك الشمس ؛
حتى أضحيت نفسك في العتمة ،
أضحيت نفسك وسط لا شيء ،
وجدت نفسك في لا مكان؛
وعيت على نفسك بلا وعي ؛
شعرت بنفسك بلا شعور ؛
أحسست على روحك بلا إحساس وبلا روح .
تتلمس في أعماقك أشواك وجروح ؛
هل كانت حياتك كلها ألم ؟؟
قل لي يا قلبي؟
أنا لم اعد أعرفك ،
أنا لا أريد أن استعيد كل الصور
أنا لا تفارقني الكوابيس ،
أنا غالبا ما اخلط بين الأمس واليوم ،
أنا غالبا ما أصحو خائفا مذعورا ،
أنا غالبا ما اخلط بين الواقع والوهم ،
أنا لم اعد اميّز بين الخير والشر ،
أنا لم اعد افرّق بين العدو والصديق ،
أنا لم اعد اميزّ بين الأصل والتقليد ،
أنا لم اعد ادري إذا كان يجب أن أتمسك بالعتيق !
أم أبدأ حياتي من جديد !
أنا لم اعد اشعر بالدفء وسط هذا الحريق ،
أنا لم اعد اشعر بالأمان .
أنا احتاج لأن أتزّود بالتقوى
وأتسلّح بالإيمان،
احتاج أن اصلّي ...
والتمس من المولى الصفح والغفران .
ـــــــــــــــــــــــ
إبراهيم العمر .