أخطر دراسة علم نفس سياسي تفسر العدوانية الإسرائيلية

الموضوع منقول بالكامل عن جريدة الوفد

نشر الموسيقار الإسرائيلي‮ ‬والناشط السياسي‮ ‬المعارض الشهير جلعاد أتزمون‮ ‬يوم‮ ‬18‮ ‬مارس علي‮ ‬موقعه في‮ ‬شبكة الإنترنت أعمق وأخطر تحليل للهجمة البربرية الأخيرة علي‮ ‬غزة ودوافعها الحقيقية‮ ‬يصفع به كل من لازال‮ ‬يتحدث عن السلام ويلقي‮ ‬اللوم علي‮ ‬صواريخ حماس بين العرب حكاما ومحكومين‮. ‬وأتزمون البالغ‮ ‬من العمر‮ ‬45‮ ‬سنة ترك إسرائيل نهائيا ويعيش في‮ ‬منفاه الاختياري‮ ‬في‮ ‬لندن‮.‬ وتحت عنوان‮: »‬الحرب علي‮ ‬الإرهاب الداخلي‮ - ‬نهاية التاريخ اليهودي‮« ‬يقول أتزمون‮: ‬الموضوع الذي‮ ‬سأبحثه اليوم ربما‮ ‬يكون أهم ما قلته عن وحشية إسرائيلية والشخصية اليهودية المعاصرة‮. ‬خلال الأسابيع الماضية رأينا حملة إسرائيلية لإبادة الأجناس ضد مجتمع مدني‮ ‬فلسطيني‮ ‬في‮ ‬غزة‮. ‬شاهدنا أحد أقوي‮ ‬جيوش العالم وهو‮ ‬يبيد نساء وشيوخاً‮ ‬وأطفالا‮. ‬وشاهدنا تفجيرات أسلحة‮ ‬غير تقليدية تسقط فوق مدارس ومستشفيات ومعسكرات لاجئين‮. ‬لقد رأينا وسمعنا في‮ ‬الماضي‮ ‬عن جرائم حرب ترتكب‮. ‬ولكن هذه المرة كان العدوان الإسرائيلي‮ ‬مختلفا تماما‮. ‬فقد كان مؤيدا من الشعب الإسرائيلي‮ ‬كله‮. ‬فقد كان هجوم الجيش الإسرائيلي‮ ‬علي‮ ‬غزة مؤيدا من‮ ‬94٪‮ ‬من شعب إسرائيل،‮ ‬94٪‮ ‬وافقوا علي‮ ‬الغارات الجوية ضد المدنيين‮. ‬رأي‮ ‬الشعب الإسرائيلي‮ ‬الدمار علي‮ ‬شاشات التليفزيون وسمع صرخات الضحايا ورأي‮ ‬المستشفيات ومعسكرات اللاجئين تحترق ومع ذلك لم تهتز مشاعره‮. ‬لم‮ ‬يفعل الإسرائيليون الكثير لإيقاف حكامهم‮ »‬المنتخبين ديمقراطيا‮«. ‬وبدلا من ذلك أخذ بعضهم مقاعد وجلس فوق التلال المشرفة علي‮ ‬غزة لمشاهدة جيشهم وهو‮ ‬يحيل‮ ‬غزة إلي‮ ‬بحر من الدماء‮. ‬حتي‮ ‬الآن والهجوم‮ ‬يبدو في‮ ‬نهايته وقد وضحت صورة الدمار الذي‮ ‬حاق بغزة لا‮ ‬يبدو علي‮ ‬الإسرائيليين أي‮ ‬ندم‮. ‬وقد احتشد‮ ‬يهود العالم لتأييد دولتهم‮ »‬اليهودية الخالصة‮«. ‬وهذا التأييد الشامل لجرائم حرب صارخة شيء‮ ‬غير مسموع به من قبل‮. ‬فالدول الإرهابية تقتل ولكنها تبدي‮ ‬شيئاً‮ ‬من الخجل علي‮ ‬أفعالها‮. ‬فالسوفيت أيام ستالين كانوا‮ ‬يفعلون ذلك في‮ ‬مناطق جولاج معزولة‮. ‬والنازيون أيام هتلر كانوا‮ ‬يقتلون ضحاياهم من النساء والأطفال والشيوخ في‮ ‬أعماق الغابات وخلف الأسلاك الشائكة‮. ‬ولكن في‮ ‬الدولة اليهودية‮ ‬يقتل الإسرائيليون ضحاياهم في‮ ‬وضح النهار مستعملين أسلحة‮ ‬غير تقليدية ومستهدفين مدارس ومستشفيات ومعسكرات لاجئين‮.‬ وهذا المستوي‮ ‬من البربرية‮ ‬يصرخ طالبا تفسيرا‮. ‬والهدف أمامنا‮ ‬يمكن تعريفه بسهولة بأنه تنفيذ لقسوة جماعية إسرائيلية‮. ‬كيف‮ ‬يمكن لمجتمع أن‮ ‬يفقد قدرته علي‮ ‬أي‮ ‬إحساس بالشفقة أو الرحمة؟ إنه الإرهاب من الداخل‮.‬ أكثر من أي‮ ‬شيء آخر فإن الإسرائيليين والجاليات اليهودية المؤيدة لهم مرعوبون من القسوة التي‮ ‬يحسون بها داخل أنفسهم‮. ‬فكلما زادت قسوة الإسرائيليين زاد رعبهم‮. ‬والمنطق في‮ ‬ذلك بسيط‮. ‬فكلما أوقع الإنسان آلاما بغيره زاد إحساسه بالقسوة المحتملة حوله‮. ‬وبصفة عامة فإن الإسرائيلي‮ ‬يفترض في‮ ‬العرب الفلسطينيين والمسلمين والإيرانيين أن لديهم نفس القسوة التي‮ ‬يشعر بها بداخله فإذا راعينا حقيقة أن القسوة الإسرائيلية قد ثبت أنها بلا حدود وبلا مثيل فإن القلق الإسرائيلي‮ ‬يماثلها تماما في‮ ‬قوته‮. ‬وكما‮ ‬يبدو،‮ ‬فالإسرائيلون مرعوبون من قيامهم بمهمة الجلاد‮. ‬فهم منغمسون في‮ ‬معركة قاتلة ضد الإرهاب في‮ ‬داخلهم‮. ‬ولكن الإسرائيلي‮ ‬لا‮ ‬يقف وحده‮. ‬فاليهود في‮ ‬الخارج الذين تضامنوا مع دولة تمطر المدنيين بالفسفور الأبيض محصورون في‮ ‬نفس الفخ المدمر‮. ‬فكونهم مؤيدين متحمسين لجريمة بشعة‮ ‬يجعلهم‮ ‬يشعرون بالرعب من فكرة أن القسوة التي‮ ‬يحسون بها في‮ ‬داخلهم قد تكون لدي‮ ‬الآخرين أيضا‮. ‬فيهود الخارج الذين‮ ‬يؤيدون إسرائيل‮ ‬يدمرهم الاحتمال المتوهم من أن مشاعر قسوة مشابهة لمشاعرهم قد تنفجر ضدهم‮ ‬يوما ما‮. ‬وهذا الرعب هو بالتحديد مضمون فكرة العداء للسامية‮. ‬فهي‮ ‬أساسا احتمال وجود القسوة الجماعية التي‮ ‬بداخلهم لدي‮ ‬الآخرين‮.‬ ليس هناك صراع إسرائيلي‮ ‬فلسطيني‮. ‬فما نراه هو تجسيد واضح لحلقة شريرة‮ ‬يقف داخلها الإسرائيلي‮ ‬ومؤيدوه مثل كرة من نار انتقامية تذكي‮ ‬لهيبها مشاعر عدائية متفجرة بداخلهم‮. ‬ومعني‮ ‬كل ذلك واضح تماما‮. ‬فحيث إن الفلسطينيين لا‮ ‬يستطيعون مواجهة العدوان الإسرائيلي‮ ‬وقدرته التدميرية عسكريا نستطيع القول أنه ليس هناك صراع فلسطيني‮ ‬إسرائيلي‮. ‬فكل ما هناك هو سيكولوجية إسرائيلية‮ ‬يتمزق الإسرائيلي‮ ‬فيها من القلق نتيجة انعكاسات قسوته الداخلية‮. ‬فالنظرة إلي‮ ‬الإسرائيليين علي‮ ‬أنهم النازيون الجدد في‮ ‬العالم تجعل الإسرائيلي‮ ‬ينظر إلي‮ ‬كل فرد من الأغيار علي‮ ‬أنه نازي‮ ‬بدوره‮. ‬وبالمثل فليس هناك صعود فيما‮ ‬يعرف بالعداء للسامية‮. ‬فالصهيوني‮ ‬اليهودي‮ ‬في‮ ‬خارج إسرائيل‮ ‬يمزقه احتمال ان هناك أحدا في‮ ‬مكان ما من العالم‮ ‬يماثله في‮ ‬القسوة وانعدام الرحمة‮.‬ وباختصار فإن السياسة الإسرائيلية وأنشطة جماعات الضغط الصهيونية‮ ‬يجب النظر إليها علي‮ ‬أنها لا تزيد علي‮ ‬عقيدة جماعية وعقدة نفسية من تضخيم الذات لدرجة تصل إلي‮ ‬حافة جنون العظمة الكاملة‮.‬ فهل هناك وسيلة لانقاذ الصهيوني‮ ‬من هذا الطريق الدموي؟ هل هناك وسيلة لتغيير مسار التاريخ لإنقاذ الإسرائيليين ومؤيديهم من هذا الدمار الأخلاقي‮ ‬الكامل؟ ربما تكون أفضل طريق لصياغة هذا السؤال هي‮ ‬أن نسأل هل هناك وسيلة لانقاذ الإسرائيلي‮ ‬والصهيوني‮ ‬من نفسه؟ وكما‮ ‬يستطيع القارئ أن‮ ‬يفهم فأنا لست بالتحديد مهتما بإنقاذ الإسرائيليين والصهيونيين ولكني‮ ‬أدرك أن إنقاذ الصهيونيين من عدوانيتهم قد‮ ‬يعني‮ ‬احتمال تحقيق السلام لفلسطين والعراق وربما لنا جميعا‮.‬ ولمن لا‮ ‬يري‮ ‬هذا الرأي‮ ‬أقول إن إسرائيل هي‮ ‬مجرد قمة جبل الجليد الطافية‮. ‬ففي‮ ‬النهاية فإن أمريكا وبريطانيا والغرب كله هم الآن تحت وطأة نوع من‮ »‬سياسات الخوف‮« ‬الناتجة مباشرة من إيديولوجية المحافظين الجدد القاتلة التي‮ ‬وقفت وراء العدوان العسكري‮ ‬الغربي‮ ‬حول العالم‮.‬ وإلي‮ ‬هنا‮ ‬ينتهي‮ ‬مقال جلعاد أتزمون الذي‮ ‬تغلغل في‮ ‬عمق أعماق النفس العدوانية الشريرة للإسرائيليين والصهيوني‮ ‬إلي‮ ‬درجة لم‮ ‬يسبقه إليها أحد علي‮ ‬حد علمنا‮. ‬وإذا راعينا ان هذا الرجل خدم في‮ ‬صدر شبابه في‮ ‬صفوف الجيش الإسرائيلي‮ ‬ثم لم تحتمل نفسه استمرار المشاركة في‮ ‬أعمال العدوان الشريرة لهذا الجيش ضد شعب شبه أعزل ففرض علي‮ ‬نفسه المنفي‮ ‬الاختياري‮ ‬في‮ ‬بريطانيا بقية عمره هربا من جحيم‮ »‬الشعب المختار‮« ‬في‮ »‬أرض الميعاد‮« ‬لأدركنا كم هي‮ ‬ساذجة‮ - ‬أو بمعني‮ ‬أدق مريبة‮ - ‬أقوال هؤلاء الذين‮ ‬يصدعون رؤوسنا ليلا ونهارا بالحديث عن السلام مع الجار الإسرائيلي‮.‬

المصدر: جريدة الوفد
  • Currently 64/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
19 تصويتات / 338 مشاهدة
نشرت فى 23 مارس 2011 بواسطة jamalflowers

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

173,720