يقال إذا ذكرت الذئب فأعد له العصا، وأقلل طعامك تجد منامك، وإن الجواد قد يعثر..
قيل من التوقِّي (الحِرْصُ) ترك الإفراط في التوقّي، وقال بعضهم: إذا لم يكن ما تريد فأرِدْ ما يكون، وقيل:
قـــــــــدَرُ الـلَّـــــــه واردٌ حِــين يُقضـــــــَى ورودُه
فـــــــأرِدْ مــا يكـــون إنْ لم يكــــن مـا تـريـــــدُهُ
قيل لأعرابيّ في شَكَاتِه: كيف تُجدُكَ؟ قال: أجِدُني أجِدُ مالا أشتهي وأشتهي ما لا أجد، وأنا في زمان من جاد لم يَجِد، ومن وَجَدَ لم يَجُدْ. وقيل لابن المقفّع: ألا تقول الشعر؟ قال: الذي يجيئني لا أرضاه، والذي أرضاه لا يجيئني.
وقال بعض النُّسَّاك: أنَا لما لا أرجو أرجَى مني لما أرْجو.
وقال بعضُهم: أعجبُ من العجَب، تركُ التعجُّب من العَجَب. وقال عمر بن عبد العزيز لعَبد بني مَخزوم: إني أخاف اللَّه فيما تقلَّدتُ، قال: لستُ أخاف عليك أن تخاف، وإنّما أخاف عليك ألاّ تخاف. وقال الأحنف لمعاوية: أخافك إن صدَقْتُكَ، وأخاف الله إن كذَبْتُكَ.
وقال ابن ربْعٍ الهُذَلي:
أعَيْن ألاَ فابكـي رُقَـيبــة إنّــهُ وَصُولٌ لأرحام ومِعْطاءُ سـائِلِ
فأُقســم لو أدركـتُه لحـمَـيْتُـه وإنْ كان لم يَترُك مقالاً لقائلِ
الحِرْصُ : شدّةُ الإرادة والشَّرَه إِلى المطلوب. وقيل الحِرْصُ الجَشَعُ، وقد حَرَصَ عليه يَحْرِصُ ويَحْرُصُ حِرْصاً وحَرْصاً وحَرِصَ حَرَصاً؛ وقول أبي ذؤيب:
ولقد حَرَِِصْت بأَن أُدافعَ عنهمُ، فـإِذا المَنيّةُ أَقْبَلَـتْ لا تُدْفَـعُ
عدَّاه بالباء لأنه في معنى هَمَمْتُ، والمعروف حَرَصْتُ عليه، وقول العرب حَرِيصٌ عليك معناه حَرِيصٌ على نَفْعِك، و الأفصح حَرَصَ يَحْرِصُ، أما حَرِصَ يَحْرَصُ فلغة رديئة، قال: والقُراء مُجْمِعون على: «ولو حَرَصْت بمؤمنين»؛ ورجل حَرِيصٌ من قوم حُرَصاءَ وحِرَاصٍ وامرأة حَريصةٌ من نسوة حِرَاصٍ وحَرائِصَ.
إبراهيم بن المهدي:
قد شابَ رأسي ورأسُ الحرص لم يشب
إن الحريص على الدنيا لفي تعبِ
ما لي أراني إذا طـــــــــالبـت مــــرتبـةً
فنلتهــا طمحــت عــيني إلى رتــبِ
قد ينبغــــي لي مع ما حــزت من أدبٍ
أن لا أخــوضَ في أمـــرٍ ينقــص بي
لو كـــان يصـــدقني دهــري بفكــرته
ما اشتد غمي على الدنيـا ولا نصبي
أســعى وأجهــدُ فيما لســت أدركـــهُ
والموتُ يكدحُ في زندي وفي عصبي
باللــه ربــك كــم بيـتٍ مـــررت بـــه
قـد كـان يغمـرُ باللــذات والطـربِ
طــــارت عبابُ المــنايا في جوانبـــه
فصــارَ من بعـدها للويــل والحربِ
فامسك عنانكَ لا تجمع به طلعٌ
فلا وعينكَ ما الأرزاقُ بالطلبِ
قد يرزقُ العبدُ لم يتعب رواحلهُ
ويحرم الرزقَ من لم يوفَ من طلبِ