COMcasT

مصدر موثوق، حائز على جوائز دولية - تحليلات وتقارير متخصصة وفق مؤشرات عالمية - Al-Monitor

د. إبراهيم جلال فضلون

جميع العلاقات تمر بتقلّبات. لكن كيف تصبح سامّة؟

لا تمتلئ علاقات الحب دائمًا بالحب، بل يمكن أن تكون سامةً أيضًا. في حالتي، بدأَت القصة كإحدى أجمل قصصي، مع امرأة بدأت في البداية لطيفة ومتدينة وذات أصل ومهتمة. عشنا في منزلٍ في الغابة أوقاتًا من الشغف اعتقدتُ أنها ستدوم. لكن في أحد الأيام، ولأسبابٍ أجهلها، تحوّلت تلك الأفعى بتقلباتها المزاجية وعنادها القاتل إلى رجل في صورة أنثى معذّبة ومذلّة ومعنّفة ومتعجرفة بكبرياء وغرور، وأصبح البيت الأحمر بيت رعبٍ وبؤسٍ فقدتُ فيه كرامتي وذاتي وهويتي. من أنا؟ أصبح سؤالًا يدور دائمًا في بالي. استغرقني البحثُ عن إجابةٍ له سنتَين. حيثُ لم يرها من ما يقارب 3.9 مليار رجل في العالم. هذه النسبة تمثل حوالي 50% من إجمالي سكان العالم. ولم يهتم بها أحد تتقرب إليه إلا وأخذ ما أراد ورماها، أو لم ينظر إليها من أكثر من 56.7 مليون ذكر في مصر. أي  نسبة حوالي 106 ذكر لكل 100 أنثى، ولم يرها إلا سلعة جاءته سهلة، حينها، وجدتُ القوة كي أقتلع نفسي من براثن الوحشية الذكورية في شكل امرأة متصنعة الأصل والفصل والجمال والذي كنت الوحيد الذي أراه لكن الأن خلعت النظارات من عيني لأراها مترنحة على الفراش الرجال.

عندما نسمح ببعض الأشخاص السامة بالدخول إلى دائرتنا و ما إن نعطي لهم الأمان في الصداقة أو العلاقة دون حتى أن نتخذ حذرنا في بداية الأمر حتى يبدأون في بث سمومهم تدريجيا دون أن نشعر، فالعلاقات السّامة ليسَت رومانسيةً فحسب، بل يمكن أن تكون مجتمعيةً أيضًا، عندما لا يكون لعاشقَين الحقّ في أن يكونا معًا، أو عندما يصبح الضغط الاجتماعي والتلاعب بمشاعرنا أقوى من أن نصدّهما، أو عندما لا يُقبل الاختلاف بيننا، ما يغيّر نظرتنا إلى أنفسنا ويجعلنا نشكّك في ذواتنا ويجبرنا على الابتعاد عن العالم وعزل أنفسنا.

وغالبا ما يتم خلق خيالا لشخص ما بدلا من أخذه على حقيقته فتبقى معلقا بخيط اللهفة والشغف، الشغف تجاه المحبوب، تؤمن في هذه الأيام برفرفة الفراشات في المعدة -كما يقول المثل الإنجليزي- نعطي لهذه اللحظات كل أوقاتنا واهتمامنا دون أن نعي أن كل هذا يسحب من روحنا تدريجيا، العلاقات الغير سليمة غالبا ما تنتج عن روابط غير صحية والاختلالات النفسية وهو ما رأيته منها عندما قالت لي أنني خاصمت أبي وأمي لأكثر من أربعة سنوات وقبل طلاقي لأنهما يجبراني على العودة لزوجي الأول، فهل تلك امرأة سوية، وهنا تأكدت من أنها تُعاني من النرجسية و الأنانية كما وتريد السيطرة على شخصيتي وتتعمد حدوث الضرر بي وقد يكون دون قصد فتغمض عينيك عن هذه الأعراض فتتمادى في الضغط على روحك، لتبدأ العلاقة في أن تتأكل من الداخل فتظهر وكأنها مازالت مثالية من الخارج لكن في الحقيقة هي أكثر هشة من بيت العنكبوت، إذاً العزلة هي إحدى الهدايا المسمومة لضحايا الأشخاص السّامين. أذكر أنّي كنت وحدي، غارق وليس بيدي أيّ حيلة... كأنّي دُفنت على قيد الحياة في بركةٍ لزجةٍ منعتني عن رؤية ما وراء المشكلات، وبناء تصوّرٍ واقعي للعالم. كنتُ في الظلام، تائهةً ووحيدة.

العلاقات الضّارة موجودةٌ في كل مكان؛ بين الأزواج، في العمل، في المدرسة وبين الأصدقاء... نحن جميعًا ضحايا مُحتملين لهذا النوع من الكائنات المفترسة. لكنّ إحدى الطرق لتجنّب الوقوع في شِراكها هي أن نتمسّك بنظرتنا إلى العالم، كي لا نراه من خلال عيونها المشوّهة.

الخطوة الأولى لتحرير ذاتك من هذه العلاقات السامة هي إدراكك أنك في المكان الغير سليم مع الشخص الآخر فيجب أن تشعر بذلك بعد أي اجتماع مع هذا الشخص المعين أنك حزين من الداخل، مُرهق، طاقتك مُستنزفة فهذا يكفي لان تدرك أن قد جلبت السموم إلى حياتك، حينها انت فقط تحتاج لأن تقف وقفة حازمة مع ذاتك لتتخذ خطوات ملموسة للتحرر.

ولكن كن حذرا عند إنهائك مثل هذه العلاقة التي كنت اعتدت عليه فترة من عمرك فلن تشعر بالسعادة أو الرضا بشكل فوري، فأنت –بلا شك- تحتاج إلى بعض الوقت لكي تلاحظ التغيرات الإيجابية التي ستعود عليك ولكن العملية لن تكون سهلة أو سريعة.

فلمثل هذه التجربة الصادمة أثار جثيمة على أحدهم فيسصاب في بداية الأمر بجروح وندوب نفسية كبيرة تستمر لفترة يشعر بها بالإرهاق والضياع كأنه في وسط غابة لا يعرف كيف يخرج منها، خياره الوحيد في هذه الفترة أن يظل ساكنا هادئا حتى تلتئم جروحه ويظهر له طريق للخروج من هذه الغابة.

أفضل شىء يمكنك القيام به هو إعطاء فرصة لنفسك للقيام بهذه الرحلة بمفردك لاستعادة ثقتك وهويتك والتعرف على احتياجاتك النفسية في هذه الفترة.. فلا يمكن لأي شخص أن يتعافى بالدخول في علاقة جديدة فورا فالقيام بذلك ليس جيدا وسيضر أكثر مما ينفع فالشريك الجديد ليس بمسكن لتداوي به الجروح.

فالعلاقات الصحية الحقيقية هي واضحة كنور الشمس لا تلاعب بها ولا زيف، بل تزيدها الأيام تماسكا وترابطا أكثر بين الطرفين لتصبح علاقة داعمة و تدفع كلا الطرفين لتحقيق أهدافهم دون ضغوط، فلنفسك عليك حق تستحق علاقة صحية أكثر مليئة بالحب و الاحترام.. فاحذر تلك المرأة السامة وشباك الموت بين أنفاسها.

مع تحيات الإعلامي والكاتب إبراهيم جلال فضلون

 

السيناريو

تقدم المقالة "العلاقات السامة: كيف تتجنبها والتعافى منها" للكاتب إبراهيم جلال فضلون رؤية حول طبيعة العلاقات السامة وكيف تتطور من بدايات تبدو طبيعية إلى أشكال مؤذية ومدمرة للذات. يشارك الكاتب تجربته الشخصية مع علاقة وصفها بأنها سامة، مبرزًا كيف يمكن أن تتجلى هذه السمية في سلوكيات مثل التقلبات المزاجية، الأنانية، والرغبة في السيطرة. كما يناقش تأثير العلاقات السامة على الصحة النفسية، مثل العزلة والشعور بالضياع، ويقدم نصائح للتعرف على هذه العلاقات والتحرر منها. يؤكد النص على أهمية التعافي الذاتي بعد إنهاء علاقة سامة والحذر من الدخول في علاقات جديدة بسرعة.


ibrahimgalal

DR . IBRAHIM GALAL

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 192 مشاهدة

ساحة النقاش

ibrahim galal ahmed fadloun

ibrahimgalal
Al-Monitor.com مصدر مستقل موثوق به وحائز على جوائز لأخبار وتحليلات الشرق الأوسط حائز على جائزة رواد الإعلام الحر »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

100,953