السلام عليكم يا اخوان ، أنقل هذا الموضوع الذى أعجبنى ، فهو يشير إلى سماحة وطهارة ورقى واخلاق الاسلام ، وياريت تتطابق أقوالنا مع أفعالنا ونحترم بيئتنا ونقدرها فهى المكان الذى نتفاعل معه ويتفاعل معنا ، المقالة منقولة من جريدة الاهرام
ــــــــــ
44422السنة 132-العدد2008يوليو2118 من رجب 1429 هـالأثنين
حوارات معاصرة
البيئة في ميزان الإسلام
بقلم: د. فوزي محمود
جامعة القاهرة
* بمناسبة توافق دول العالم حول العام الحالي2008 وجعله عام البيئة العالمي والمحافظة عليها وبهذه المناسبة انهالت الدراسات والندوات والمؤتمرات والاجتماعات وتداعي إليها ناشطو المحافظة علي البيئة والهيئات العلمية ومنظمات وجمعيات المجتمع المدني في شتي الدول بل والمنظمات المعنية في هيئة الأمم المتحدة حتي المؤتمرات السياسية للأقطاب الكبري والدول الصناعية الكبري والعظمي جعلت المحافظة علي البيئة موضوعا أساسيا علي جدول أعمالها بل وتأصل وبدأ يتجذر الاهتمام بالبيئة لدي المواطن العادي.
* والمحافظة علي البيئة وسلامتها قيمة إنسانية سامية لها جذور ضاربة في أعماق قيم وتعاليم وأوامر ونصوص وتراث الإسلام الذي يدين به قرابة ربع سكان العالم فشمولية الإسلام من عقيدة وعبادة ومعاملات وآداب وسلوكيات مع وسطية في تنظيم علاقة الإنسان بينه وبين نفسه وربه خالقه وأسرته ومجتمعه ومع أناس شركاء له في الدين وآخرين شركاء له في الوطن( الإسلام أول من أرسي حقوق المواطنة من خلال وثيقة المدنية ووثيقة الثقفية وشروطها الملزمة) ثم علاقة الأفراد والمجتمعات ثم الدول وصولا إلي صحة الفرد والمجتمع النفسية والجسدية والصحية وأمنه وأمانه وسلامه وسمو روحه تنفيذا للمشيئة الإلهية وحكمته سبحانه وتعالي من خلق الإنسان من الأرض وتمكينه بعد ذلك فيها هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها( هود:61), فالغاية من استعمار الإنسان للأرض عمارها والمحافظة عليها وتنميتها ونشر الإعمار فيها وعدم الإضرار بها.
* يعتمد المنظور الإسلامي وميزانه للبيئة علي أسس البنيان البيئي السليم مع الملاءمة مع المؤثرات المحيطة بتلك البيئة والأخذ في الاعتبار مراعاة البعدين الاجتماعي والثقافي لتلك البيئة من خلال عنصرين بيئيين أساسيين: الحماية للموارد الحياتية وأسباب وجودها ومنع الإفساد وصولا للتنمية والبناء والنماء, يلازم ذلك حياة الإنسان من مهده إلي لحده حتي قيام الساعة. ألا تري أن الحديث النبوي الشريف دعانا إلي إعمار الأرض لو قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فليزرعها كما جعل الغرس والزرع حتي بدون بعد اقتصادي من الصدقات بقوله صلي الله عليه وسلم: ما من مسلم يغرس غرسا أو يزرع زرعا فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إلا كان له به صدقة.
* كما اعتمدت النظرة الإسلامية علي نظرية التوازن البيئي وأن لكل مخلوق دوره الذي يستفيد منه لنفسه وفي الوقت نفسه يخدم به الآخرين وليس شرطا ضمن جنسه, مثال ذلك بعض بني الإنسان في خدمة البعض ليتخذ بعضهم بعضا سخريا( الزخرف:32), أي إنسان ينمي ماله وآخر يأخذ قيمة عرقه وحق عمله بل حتي الديدان التي تحلل أجساد البشر والحيوانات تؤدي خدمة جليلة في تنظيف الأرض وإلا لما طاق الإنسان العيش فيها من جثث الإنسان والحيوان, وكذلك تتطفل بعض الحيوانات والنباتات بل والبكتريا علي بعض وغيرها آلاف الأمثلة من التوازن البيئي الذي عني به الإسلام بالحفاظ عليه بل وحض الإسلام علي حسن استغلال موارد الأرض وترشيد استخدامها وبالتأكيد أهم وأخطر الموارد هي الماء( أصل الحياة) والهواء( سر استمرار الحياة) والتربة( منشأ الإنسان ومرجعه إليها) بجانب الحيوانات والنبات والحشرات ومن الجماد والثروات الطبيعية والموارد فوق الأرض بل وما في باطن الأرض من بترول وغاز وفحم ومعادن ثمينة.
* وسنقف مع بعض هذه العناصر وقفات ملخصة تلخيصا غير مخل:
1 ـ الماء أصل الحياة في الكتاب والسنة: ثبت بالعلم المعملي اليقيني بما لا يدع أدني شك أن الماء هو أصل الأشياء الحية وجعلنا من الماء كل شيء حي( الأنبياء:30), وهو الشطر الأعظم مع اختلاف نسبة وجوده في جسم الإنسان والحيوان والنبات, بل وفي بعض أنواع البكتيريا وغيرها من الكائنات, ومن عظمة أهمية الماء أن اختصه المولي عز وجل بقوله تعالي: وهو الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام وكان عرشه علي الماء ليبلوكم أيكم أحسن عملا( هود:7). من هنا جاءت نظرة الإسلام المهمة للماء والمحافظة عليه كما ونوعا ونهت الأحاديث النبوية عن الإسراف فيه حتي بالوضوء مقدمة الصلاة وشرط صحتها, حتي لو كان الوضوء من نهر بل ولعن الرسول صلي الله عليه وسلم ملقي البراز والفضلات في الماء.. ومن الحكمة الإلهية أن الماء ملك شائع لبني الإنسان وإن بدأت بعض الدول أو الأفراد وبعض القبائل في التحكم في مصادره, ولا نبالغ إذا قلنا إن الحروب القادمة ليست حروب الطاقة في المقام الأول وحدها بل حروب المياه.. من هنا ألا ترون عظمة الحديث النبوي في قوله صي الله عليه وسلم: الناس شركاء في ثلاث: الماء والكلأ والنار, وهي عناصر الصراعات الدولية والإقليمية والمحلية الآن مصدر المياه ومصادر الرعي( الغذاء) ومصادر الطاقة؟!!
2 ـ ومادمنا قد تكلمنا عن الماء أصل الحياة ومعه مصادر الحياة والطاقة والشيء بالشيء يذكر, فيتحتم أن يواكب ذلك الترشيد في ميزان شريعتنا الإسلامية الحنيفة: تنطلق شريعتنا الإسلامية بمنهج وسلوك إيماني لا يحرم استغلال موارد البيئة بطريقة سلمية غير مؤذية أو مضرة بالبيئة( تفجير المحاجر بالبارود والديناميت مدمر وملوث للبيئة كمثال) مع مبدأ ترشيد الاستهلاك حفاظا علي الموارد الطبيعية ومنع نضبها كحقوق للأجيال القادمة خاصة تلك التي لا تتجدد؟! مع عدم التقتير والشح في المقام الأول لقوله تعالي: والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما( الفرقان:67), بل ويمتد ذلك إلي الترشيد في المطعم والمشرب وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين( الأعراف:31), بل ويمتد ذلك إلي الحفاظ علي التوازن البيئي لغير الإنسان سواء للثروة الحيوانية أو النباتية في البر أو الأسماك والحيوانات البحرية والشعب المرجانية وغيرها من الكائنات البحرية, ويمتد أيضا إلي الطيور في السماء وسخر الله من بني الإنسان من العلماء من انكب علي تصنيف الكائنات والحيوانات والنبات والأسماك والزواحف, بل والبكتيريا والطحالب والفيروسات وأصبح لكل من تلك الكائنات علم بل علوم تعني بها تصنيفا ووضعا وسلوكا ووظيفة بل وأمراضها وعلاجها انطلاقا من قوله تعالي: وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم( الأنعام:38), ومن اللافت للنظر والمثير للانتباه أن المولي سبحانه وتعالي لم يكتف بتسمية سور القرآن بما يهم الإنسان المسلم المناط به التكليف مثل سورة الحج أو الإنسان أو النساء أو الطلاق أو الأحزاب, بل جعل للحيوان أحد مخلوقاته نصيبا في أسماء سور القرآن الكريم مثل البقرة( سيدة سور القرآن الكريم وأكبر سورة) والنحل والعنكبوت والفيل بل والأنعام.. وجعلت السنة النبوية المطهرة في كل ذات كبد رطبة صدقة, ودخلت النار امرأة في هرة حبستها, ودخل رجل الجنة في كلب سقاه من عطش شديد, وجاءت الوصية النبوية الرحيمة والكريمة اتقوا الله في هذه البهائم المعجمة فاركبوها صالحة وكلوها صالحة.
إن أرضنا وبيئتنا الأرضية تتعرض لتدهور شديد واعتداء صارخ علي سلامة بيئتها واستنزاف شديد لمواردها بدعوي التقدم الصناعي والسباق بين الدول وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون* ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون( البقرة:12,11) وأيضا ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون( الروم:41) وما صراعات القوي والنفوذ واستعمال القوة أو التهديد بها هنا وهناك والتكالب علي منابع الطاقة والموارد الطبيعية خاصة لدي الدول الضعيفة أو المستضعفة وما يسمي بالعالم الثالث ما كل ذلك إلا برهان صادق علي اعتداء الإنسان علي البيئة وستدفع الأجيال القادمة ثمن ذلك غاليا من غذائها ومياهها ومصادر الطاقة وغيرها من الموارد!!
<!-- / message -->