الاتجار بالبشر يعتبر ثالث أكبر نشاط إجرامي في العالم بعد تجارة السلاح والمخدرات، وهو أيضاً أسرعها نمواً، وتقدر منظمة العمل الدولية حجم الاتجار بالبشر بمليوني شخص يتم الاتجار بهم عبر الحدود سنوياً، وأغلبيتهم من النساء والأطفال، وتقدر أرباح استغلال النساء والأطفال جنسيا ب 28 بليون دولار سنوياً.
غالبية ضحايا الاتجار بالبشر عبر حدود الدول هم إناث يتعرضن للاستغلال الجنسي في تجارة الجنس. لا تشمل هذه الأرقام ملايين الضحايا حول العالم الذين تتم المتاجرة بهم داخل حدودهم القومية وغالبيتهم في العمل القسري أو العمل المقيد.
ويقصد بالاتجار بالبشر؛ وفقاً للأمم المتحدة؛ تجنيد أو نقل أو انتقال أو إيواء أو استقبال أفراد عن طريق التهديد أو استخدام القوة أو صور أخرى للإكراه أو الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع أو استغلال النفوذ أو استغلال نقاط الضعف أو منح أو تلقي الأموال أو الامتيازات للحصول على موافقة شخص له سلطة على شخص آخر بغرض الاستغلال، ويشمل الاستغلال كحد أدنى الدعارة أو صوراً أخرى للاستغلال الجنسي أو العمالة أو الخدمة القسرية أو العبودية أو الممارسات الشبيهة بها أو الأشغال الشاقة أو انتزاع الأعضاء.
يعتبر هذا النوع الجديد من الاتجار بالبشر من أخطر الممارسات السلوكية ضد البشرية على الرغم من التطور الحضاري والتكنولوجي في هذا العصر وهذا دليل على أن بعض القيم الأخلاقية والإنسانية تعيش حالة سيئة جداً لم يسبق لها مثيل مع العلم أن نهاية القرن الماضي شهد نمواً مضطرداً وشكلاً جديداً من أشكال الرق والمتمثل بعمليات الاتجار بالبشر.
يعتبر الاتجار بالبشر من النساء والأطفال والرجال من أشكال الجريمة المنظمة ولها علاقة مباشرة بأنشطة العصابات والشبكات الإجرامية، كما يُعد الاتجار من أخطر المشاكل التي باتت تهدد الأمن والاستقرار في مناطق كثيرة من العالم، ويأتي الاتجار بالبشر ضمن ما يسمى بالتجارة الجنسية الدولية وتقوم بتقديم خدمات سياحية جنسية تجارية منها الدعارة والعمل بالسخرة والاسترقاق.
قد تزايد نمو هذه المشكلة بشكل كبير وبلغت حداً مذهلاً لا يمكن حلها إلا بالتعاون الدولي المستمر ، تشكل عملية الاتجار بالبشر مشكلة حقيقية في الوقت الحاضر وذلك لصعوبة الحصول على إحصاءات دقيقة وواقعية عن عمليات الاتجار ويعتمد في كثير من الأحيان على الرقم الإحصائي الذي توصلت إليه المنظمة الدولية للهجرة، كما أن الكثير من الدول لا تحتفظ بمعلومات إحصائية، إلا ما يتعلق منها بأرقام قضايا العدالة الجنائية، بالإضافة إلى أن عمليات الاتجار تتم بسرية تامة جداً وتأتي تحت مسميات مختلفة.
تزدهر التجارة بالبشر اليوم في أوروبا المتحضرة وتجلب ملايين الدولارات وتأتي بالمرتبة الثالثة بعد تجارة المخدرات والسلاح وهي من أكبر المصادر المربحة لعصابات الجريمة المنظمة في العالم ، وإن أكثر من مليون طفل وامرأة يتعرضون للبيع والشراء كل عام من خلال المتاجرة بالبشر حسب منظمة الأمن والتعاون الدولي في أوروبا. وتشير الأرقام الرسمية المعلنة من الهيئات الدولية إلى أن هذه الكارثة البشرية قد استشرت في السنوات الأخير نتيجة لانتشار الفقر والجوع والحروب والمنازعات والكوارث الطبيعية والبشرية.
تعتبر جرائم الاتجار بالبشر من أشكال الجريمة المنظمة وقد أصبحت ظاهرة عالمية معقدة ومتداخلة وتتخطى الحدود الوطنية، وعلى الرغم من التطور الحضاري والتكنولوجي الهائل الذي اجتاح العالم في العصر الحاضر إلا أن القيم الأخلاقية والإنسانية تعيش حالة انحطاط سيئة لم يسبق لها مثيل، ولقد شهد نهاية القرن الماضي نموا مضطرداً وشكلاً جديداً من أشكال العبودية وهو الاتجار بالبشر بحيث يقوم هذا المفهوم على مبدأ سحق الطبقات الفقيرة وجعلها تتحول إلى نموذج جديد من نماذج عبودية هذا العصر، بحيث يقوم هؤلاء التجار الجدد بعملية الاتجار بالبشر من نساء وأطفال ورجال وهي تجارة يتحول فيها الأطفال والنساء بشكل خاص إلى سلعة يحدد سعرها العرض والطلب غير المشروع الذي يعاقب عليه القانون وتمارسه شركات تسعى إلى جني الثروات السريعة يديرها مدراء وخبراء متخصصين في هذا النوع من الاتجار وهي لا تختلف عن أية جريمة تستخدمها عصابات الجرائم المنظمة لما تدر لهم هذه التجارة من أرباح طائلة.
ساحة النقاش