«فى الحياة كلنا هاربون نسعى لتحقيق حياة أفضل لنا ولأطفالنا، منا من يهرب لبناء وطن ومنا من يهرب من وطنه سواء بطرق شرعية أو غير شرعية، بحثا عن لقمة خبز فى ارض مجهولة » 

هذه كلمات شاب سودانى يدعى «ياسر إبراهيم هارون» يبلغ من العمر 22 سنه، جاء من إقليم دارفور قاصدا التسلل لإسرائيل، جسده الضئيل يحمل حروقا خطيرة وتقيحات لا يزال يعالج من اثارها داخل مستشفى العريش العام، «ياسر» نجا من موت محقق بعد تعرضه للتعذيب والتهديد بسرقة اعضائه وهو ما يكشف عنه هذا التحقيق الاستقصائى الذى يخترق عالم عصابات تهريب الافارقة وقتلهم ونزع أعضائهم بهدف الاتجار داخل وخارج مصر وبيعها بآلآف الجنيهات، وإلقاء الجثث فى الصحراء لتلقى مصيرها أما بتحللها أو نهش الحيوانات المفترسة لها، أو العثور عليها ووضعها داخل مشرحة مستشفى العريش العام لتشريحها والتعرف على سبب الوفاة.

 

دخول مشرحة مستشفى العريش العام يتطلب النزول عبر أربع درجات من السلم، لترى بداخلها ثلاجات الجثث يوجد بكل منها درجين أو ثلاثة أدراج، والتى تضم حاليا خمسة جثث لأفارقة منهم الجثث الثلاثة التى تم العثور عليها منذ عدة أيام، مما يتسبب فى رائحة العفن تدل على استقبال قريب لجثث متحللة. 

 

 

ووفقا لشهادة عامل بالمشرحة طلب عدم ذكر اسمه – أكد أن المستشفى أحيانا كثيرة تستقبل حالات من الافارقه لا تقوى المشرحة على تحمل عددهم، لذا تضطر إلى وضع أكثر من ثلاثة جثث فى درج ثلاجة واحد، وتتنوع الاصابات مابين جثث مقتولة برصاص الحدود أو ممزقة الجسد قبل التشريح الاستكشافى، وهو ما يعنى أن تلك الجثث تعرضت لفتح وسرقه أعضاء.. 
أحيانا يصل عدد الجثث إلى 10 حالات كما قال لنا « ع.ب» احد الأطباء بمستشفى العريش العام، مؤكدا أن طاقة المشرحة أحيانا لا تتسع لعدد الجثث التى تستقبلها. 

و نظرا لعدم وجود هذا العدد الضخم من الجثث وقت دخولنا المشرحة، استطعنا الحصول على صور لجثث أفارقة منزوعة الأعضاء والأغشية، داخل المشرحة، وبعضها بدون أعين وو بعض الجثث تحمل جروح عميقة فى منطقة الكلى تدل على سرقتها، بالإضافة إلى وجود جثث بلا قرنية وبعضها الأخر بلا قلب.. أخرى مشوهة لدرجة لا تتضح معها هل تم سرقة أعضائها أم لا.

« نساء ورجال تلقى جثثهم ممزقه فى صحراء شمال سيناء بدون بعض الأعضاء وذلك اثر حقنهم بالبنج حتى لا يفسد العضو، ثم تحمل أعضائهم فى ثلاجات صغيرة ويتم تهريبها عبر الحدود» هذه هى شهادة الطبيب «ع.ب»، مشيرا إلى ان معظم الأطباء يتجاهلون كتابة تقارير طبية عن حاله الجثث الممزقة هربا من المسئولية، ويكتفون بوصف سبب الوفاة فى تصاريح الدفن بانه «لازال قيد البحث»، وهو ما يعد مخالفة صريحة للوائح والقوانين المنظمة لعمل الأطباء.



بالعودة إلى قصة ياسر الشاب السودانى، نتعرف أكثر على تفاصيل رحلته من السودان حتى وصوله إلى قسم الحروق والجراحة فى الدور الثالث بمستشفى العريش، قبل ان يبدأ ياسر كلامه ظلت عيناه المنكسرتين معلقتا على باب الحجرة فى توتر كأنة يخشى دخول شخص ما، فخرجت كلماته مرتعشة من الخوف الذى انتابه من جراء التعذيب الذى تعرض له على يد عصابات تهريب الأفارقة من سيناء إلى إسرائيل، مما جعل جسده الضئيل ملئ بالتقيحات والحروق، حالته الصحية الرثة أعجزتنا عن فهم ما يقول لدرجه أجبرتنا على أعاده التسجيل معه ثلاث مرات... تذكر ياسر تفاصيل رحلة تهريبه من السودان إلى الحدود المصرية، قائلا « احد الأشخاص يدعى ياسين وعدنى بالسفر إلى لبنان على أن يكون السفر مجانا وان يدفع لى نفقات السفر بمجرد وصولى إلى سيناء... فوجئت فور وصولى مصر انه سيتم ترحيلى إلى إسرائيل ورغم هذا استسلمت لقدره دون اعتراض فإسرائيل أهون ألف مرة من رصاص الهَرب »

تعذيب ياسر بدأ عندما فوجئ بطلب من « جماعات التهريب المسلحة من البدو» بمضاعفة المبلغ الذى اتفق على دفعه من 8 ألاف دولار إلى 16 ألف دولار، وهو أمر كان خارج الاتفاق الذى ابرمه فى السودان مع الجماعات التى تسهل هروبه من هناك، حيث كان الاتفاق ينص على أن الانتقال سيكون مجانا على أن يدفع 8 ألاف دولار عند الوصول للحدود المصرية، فى رحلة تستغرق ثلاثة ليالى ويتنقلون خلالها من ثلاث إلى أربع عربات «لاندكروزر»، مغطاة بخيم لا تسرب شعاع شمس ولا نسمة هواء على حد تعبيره، وأحيانا يستقلون مركب صغير عن طريق قناة السويس، الا ان ياسر عندما اكد لهم انه لا يستطع دفع كل هذا المبلغ تعرض للتعذيب عن طريق رش جسده النحيل بماء النار وكية بالجمر وكسر ضلوعه.. 



وقال ياسر محاولا إلتقاظ أنفاسه خاطفا نظرة سريعة على باب الغرفة « البدو قالولى لازم تدفع فلوس كتير... قلتلهم ماعندى، جابوللى تليفون وقالولى كلم اهلك يدفعولك وإلا سنقتلك ونأخذ أعضائك...، احد أفراد الأمن وصف لنا وضع ياسر قائلا «بينام كالمولود فى بطن أمه منكمش فى أخر السرير وجسمه كله بيترعش» ليقاطعنا ياسر قائلا « انا أسف كان نفسى اخلق حياة جميلة لى ولأطفالى »... ياسر تمكن من الهرب من البدو بعدما القوه فى الصحراء لأسباب لايعلمها إلى الله حتى عثرت عليه قوات حرس الحدود لتسلمه لمستشفى العريش العام.. قصة ياسر تتشابه مع قصص الكثيرين من الأفارقة النازحين بقصد الهرب إلى اسرائيل فى رحلة هجرة غير شرعية عبر الحدود المصرية.

 

المصدر: جريدة اليوم السابع
humantraffic

أوقفوا الاتجار بالبشر!

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 476 مشاهدة

ساحة النقاش

وحدة منع الاتجار بالبشر

humantraffic
وحدة منع الاتجار بالبشر التابعة للمجلس القومي للطفولة والأمومة »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

328,920

البنات شايفين إيه

عرض لآراء البنات عن الختان والزواج المبكر