1- تنامي طلب العمالة :
بدأ ازدهار تجارة عبودية القرن الحادي والعشرين بالأساس نتيجة زيادة الطلب العالمي على العمالة غير القانونية الرخيصة والمستضعفة. فالطلب على الخدم في المنازل في دول شرق أسيا يُعتبر الأكبر، وكثيراً ما يتم استغلال الضحايا أو استعبادهم بالأعمال الشاقة. وهنا تظهر أحد أشكال الاتجار بالبشر الحادة المسمى "العبودية القسرية". وينشأ هذا النمط من العبودية حين يهجر الأفراد تجمعاتهم النامية لأسباب اقتصادية ويسافرون إلى المراكز الحضرية القريبة أو إلى البلدان ذات الوفرة الاقتصادية من أجل العمل، وعندها يصبحون عرضة لأوضاع العبودية القسرية خاصة حال عملهم في أعمال الخدمة المنزلية. ويكشف عن تلك العبودية تعرض هؤلاء العمال لأشكال من الأذى اللفظي والجسدي من قبل رب العمل؛ فضلاً عن خرق عقد العمل الذي يحكم العلاقة بين الطرفين من خلال تأخير الأجور، أو عدم منح عطلة للراحة من العمل، ويزداد هذا الأذى في الحالات التي تحتجز فيها وثائق الهوية الخاصة بهؤلاء العمال تحت يد صاحب العمل.
-2- ضعف المستوى المعيشي :
إن تفشي الفقر وتنامي الصعاب الاقتصادية في العديد من الدول أوجدت تفتتاً للنسيج الاجتماعي، ساعد بدوره على تزايد حركة الاتجار بالبشر في تلك الدول، خاصة بالنسبة للنساء، اللائي يعتبرن في البلدان الفقيرة ذات النظام الأبوي عبئاً اقتصادياً، الأمر الذي يدفع العائلات إلى التخلص منهن كمحظيات، أو نقلهن إلى دول أخرى حيث يجبرن على الزواج أو على العمل في البغاء.
والمؤكد أن البغاء وما يتصل به من نشاطات، مثل القوادة والإغراء ورعاية المواخير والإنفاق عليها، تساهم في الاتجار بالبشر، كونها توفر واجهة يعمل خلفها القائمون على هذه التجارة لغرض الاستغلال
والثابت أن إضفاء الصفة القانونية على مهنة البغاء لم يؤدي في الدول التي أقرت هذا الأسلوب إلى القضاء على الاتجار بالبشر. فقد ثبت أنه عندما تتسامح المجتمعات والسلطات الحكومية مع البغاء؛ فإن جماعات الجريمة المنظمة تعمل بحرية أكبر للاتجار بالبشر. وحيثما جُعلت مهنة البغاء قانونية؛ فإن قيمة الخدمات الجنسية سوف تشتمل على إيجار الماخور، والفحص الطبي، ورسوم التسجيل. وبسبب هذه التكاليف ازدهر البغاء غير القانوني في المناطق المرخص لها، ذلك أن الزبون يبحث عن سلعة جنسية أرخص ثمناً. ويتراوح عدد النساء اللاتي لم يسجلن رسمياً في الدول التي سمحت بالبغاء، بين ثلاثة إلى عشرة أضعاف اللاتي سجلن أسماءهن في سجلات الحكومة. لذلك فان السماح الرسمي لمهنة الدعارة يمنح القائمين على الاتجار بالبشر أفضل غطاء، الأمر الذي يخولهم إضفاء الصفة القانونية على تجارة العبودية الجنسية، ويجعل من الصعب التعرف على ضحايا الاتجار بالبشر.
3- السياحة الجنسية :
لاحظت التقارير الدولية أن الرغبة في رفع مستوى الحالة الاقتصادية للأفراد قد أزادت من تفشي ظاهرة السياحة الجنسية، وبخاصة ممارستها قبل الأطفال، تلك التي أصبحت تجارة عالمية تسهلها وسائل تكنولوجية بما في ذلك الإنترنت التي توسع الخيارات المتاحة للمستهلكين، وتسمح بعقد صفقات مباشرة، بطريقة تكاد تكون غير قابلة للكشف. ويزدهر هذا النمط من تجارة البشر بين السياح اليابانيون الذين يقصدون ***** من بلادهم إلى تايلاند، بينما يسافر الأميركيون إلى المكسيك وأميركا الوسطى. وهناك البعض ممن لا يقصدون السفر خصيصاً لممارسة ***** مع الأطفال، وإنما يستغلون وجودهم في دولة معينة لفعل ذلك.
-4- سوء استخدام التأشيرات الفنية :
ويعاظم من ظاهرة الاتجار بالبشر أيضاً سوء استخدام التأشيرة "الفنية" أو تأشيرة "ممارسة الأعمال الترفيهية". ففي العديد من الدول يتم الحصول على تأشيرة فنية أو لممارسة أعمال ترفيهية، وذلك لتسهيل حركة الاتجار بالبشر واستغلال ضحاياه. ويتم منح آلاف النسوة هذه التأشيرة المؤقتة بهدف الحصول على عمل قانوني في مجالات الترفيه أو الضيافة. وغالباً ما تلعب وكالات التوظيف المرخص لها بموجب قوانين الدولة الأصلية وتلك التي تتوجه إليها الضحية، دوراً رئيسياً في خداع هؤلاء النسوة وتطويعهن للعمل.
ولدى وصول الضحايا إلى الدول التي يقصدن، يتم تجريدهن من وثائق وجوازات سفرهن، ويتم إجبارهن على أوضاع يجري فيها استغلالهن جنسياً أو إجبارهن على الأعمال الشاقة. وإذا تجاوزت إقامة الضحية مدة التأشيرة أو أخلت بأحد بنودها، يتم إجبارها على الطاعة من قبل الذين يستغلونها مع التهديد بالإبلاغ عنها لسلطات
الهجرة.
- 5- النزاعات المسلحة :
الثابت أن تزايد النزاعات المسلحة قد مكن من تنامي ظاهرة تجنيد الأطفال كأحد الأشكال الحادة للاتجار بالبشر. وهنا تشير الإحصاءات إلى أنه قد تم تجنيد عشرات الآلاف من الأطفال تحت سن الثامنة عشر للمشاركة في نزاعات مسلحة وللعمل في جيوش نظامية، وميليشيات مسلحة، وجماعات متمردة.وبينما يُختطف بعض الأطفال لإجبارهم على العمل، يجند آخرون نتيجة تهديدهم أو عن طريق تقديم رشاوى، أو وعود كاذبة بالتعويض.
<!--
ساحة النقاش