بسم الله الرحمن الرحيم
إن خير ما أبدأ به حديثي عن علوم المغناطيسية وتقنياتها الحديثة هو دعاء بئر زمزم «رب ارزقني علماً نافعاً ورزقاً واسعاً وشفاء من كل داء وسقم» فما هي الفائدة التي ترجى من أي علم إذا لم يترجم إلى تقنيات وتطبيقات تفيد الإنسان والبيئة والمجتمع.
وفيما يتعلق بعلم المغناطيسية فهو علم قديم أعيد اكتشافه حديثاً. ومن طبيعة الإنسان أنه لا يقبل ما يجهله بل قد يقف نحوه موقف العداء، فلقد كانت المغناطيسية في العصور الأولى ترتبط دائماً بأعمال السحر والشعوذة. ومع نمو معارف الإنسان عن المغناطيسية الحديدية Ferromagnetic بدأت المغناطيسية تفرض نفسها على حياتنا اليومية كصورة من صور الطاقة وتعددت استخداماتها في مجال الاتصالات والنقل والفضاء والصناعة ومحطات الكهرباء، وكما كان العلم في السابق يتم ربطه بأعمال السحر، فإن التقنيات المغناطيسية تقابل حديثاً بالدهشة وعدم التصديق ولازالت الدول المتقدمة تحتفظ بما تعرفت عليه من أسرار المغناطيسية سراً ولا تعلن عنه إلا القليل.
ولقد تطورت علوم المغناطيسية وأصبحت أكثر تعقيداً عندما تم اكتشاف أن الخواص المغناطيسية ليست حكراً على الحديد والمنجنيز فقط بل هي خاصية ترتبط بجميع المواد الصلبة والسائلة والغازية بل وكذلك بالأحياء عامة.
ولقد كانت ملاحظة العلماء أن الماء تتغير خواصه عند مروره في مجال مغناطيسي ويصبح أكثر طاقة وحيوية وأكثر جرياناً بمثابة ميلاد علم جديد وهو المغناطيسية الحيوية أو Magnetobiology وهو محور حديثنا اليوم .
مظاهر المغناطيسية في حياتنا:
· المد و الجزر وارتباطه بدورة القمر
· ربط قدماء المصريين لفيضان النيل بشروق نجم سبدت الذي يحدث مرة واحدة في العام.
· أحد أنواع البكتريا التي تعيش في مناجم الحديد تتخذ وضع شمالي جنوبي عند تعليقها في الهواء. ويتراكم ببعض الطحالب 50% من وزنها مجموعة معادن مغناطيسية.
· تتجه بعض نباتات الكاكتس دائماً نحو الجنوب.
· ومن أهم ما يمس صحة الإنسان أن الهيموجلوبين والميوجلوبين يسلكان سلوكاً مغناطيسياً يختلف باختلاف طبيعة أحد الروابط المكونة له عما إذا كانت CO2, O2 أو ماء ويختلف في نفس الوقت إحساس الإنسان بالراحة أو الإعياء ـ ويكون الإنسان في أحسن حالاته عندما يصل قياس الطاقة المغناطيسية للهيموجلوبين 5.5 وحدة ويكون في أشد حالاته إعياءً عندما يفقد طاقته المغناطيسية (صفر) والتقنيات المغناطيسية الحديثة تستطيع إعادة الهيموجلوبين سريعاً إلى الصورة النشطة مغناطيسياً.
الماء والطاقة:
ليس من السهل تعريف المياه بمعزل عن الطاقة فهو يكون في صورة غازية أو سائلة أو صلبة حسب طاقته الحرارية ويكون في صورة جزيئية أو أيونية حسب طاقته الكهربائية وتختلف طاقة الحركة في المياه من سيول وفيضانات مدمرة إلى ماء آسن. ويتأثر الماء ويؤثر بطريقة فاعلة على كل ما نعرف من صور الطاقة الميكانيكية والحرارية والكهروكيماوية والضوئية. واتضح حديثاً أن المغناطيسية ليست استثناءً فهي تؤثر وتتأثر بالمياه.
الدراسات الجارية بالمركز القومي للبحوث :
اهتم قسم الأراضي بالمركز القومي للبحوث بالقاهرة بدراسات مياه النيل وترسباته وبجميع الأنشطة المرتبطة به من زراعة ونقل نهري وتوليد للطاقة الكهربائية كما اهتم بدراسات التلوث .
وحظي طمي النيل بكثير من الدراسات وخاصة الترسيبات الحديثة ببحيرة ناصر وتم اكتشاف وجود مواد مغناطيسية بترسيبات النيل كانت هي أحد العوامل الرئيسية في خصوبة الأراضي الرسوبية بمصر وعلى الأخص أراضي الجذر وتؤدي هذه الترسيبات إلى تنشيط شامل لنمو النباتات والأحياء المائية والسمكية بجنوب البحيرة ولقد أمكن فصل وتوصيف هذه المكونات وإثبات أن معاملة الأراضي الصحراوية بالقليل منها يسرع من معدلات التنمية الزراعية ويضاعف من إنتاج النبات وعند توفر هذه المواد يتم الاستغناء جزئياً عن المبيدات وبعض الأسمدة.
التقنيات المغناطيسية في الزراعة والري:
ولقد حدث لقاء بيننا وبين المسؤولين عن شركة التنقيات المغناطيسية بدبي في المعرض الدولي للمنتجات الزراعية بالقاهرة 1996 منذ عامين ومن ذلك الحين والتعاون بيننا يزداد يوماً بعد يوم .
ولقد أسعدنا في مصر أن تبدأ هذه التقنية وتزدهر في إمارة عربية ودولة عربية. ولقد حان الوقت للأمة العربية أن تتخلى عن موقع المتفرج على سباق التنكولوجيا إلى موقع فاعل في المسيرة العلمية والتقنية.
ولقد حققنا في مصر بعض النجاحات ولم نكن وحدنا فلقد أوضحت الدراسات المبدئية في كثير من الدول منه الولايات المتحدة وكوبا والصين ودول الكومنولث الأهمية القصوى لمغنطة المياه.
ومن الإيجابيات التي تحققت بمصر خلال أكثر من 15 عام من الدراسة وبعد عامين من استخدام وحدات المجنترون التي تنتجها في دبي شركة التقنيات المغناطيسية:
(1) زيادة نسبة الإنبات لبذور الخضر المعروفة بالارتفاع الباهظ في أثمانها وكذلك الحبوب.
(2) زيادة نجاح البادرات في اختراق القشرة الصلبة التي تتكون سريعاً في الأراضي المروية المتأثرة بالجير أو بالملوحة ولقد تعدت الزيادة 100%.
(3) زيادة فاعلية المياه الممغنطة في إزالة أملاح الصوديوم من مجال الجذور وفي نفس الوقت زيادة ذوبان العناصر الهامة لنمو النبات مع تقليل فقد المياه بالبخر مما يتيح استخدام المياه متوسطة الملوحة بكفاءة عالية في الري.
(4) زيادة قدرة التربة على إمداد النبات بالعناصر السمادية ويترتب على ذلك زيادة فاعلية الأسمدة المضافة وخفض التكلفة وتقليل أضرارها على البيئة.
(5) تسمح باستخدام المياه الغنية بالحديد في الري بدون الحاجة إلى تنظيف خطوط التنقيط يومياً وأتاح ذلك إمكانية استخدام نظم الري المتطور في الواحات المصرية.
(6) سرعة نضج القمح والذرة والسمسم ومحاصيل الخضر مما يسمح بطرحها مبكراً في الأسواق لفترة تتراوح بين 20 ـ 25 يوم.
(7) زيادة الإنتاج المحصولي للقمح والذرة والسمسم والمنجبين وكذلك بساتين الموالح بمعدلات اقتصادية وتتراوح نسب الزيادة بين 12.7 إلى 40% حسب نوع المحصول وظروف الإنتاج.
(8) من المثير للدهشة أن الماء الممغنط يمنع وصول المعادن الضارة مثل الرصاص والنيكل إلى الثمار والبذور بينما يعمل على زيادة العناصر الغذائية مثل الفوسفور والبوتاسيوم والزنك في الثمار والبذور .
تم تغطية تكاليف تركيب الماجنيترون تماماً في موسم واحد والحصول على ربح إضافي يزيد على ثمن الماجنيترون وذلك عند استخدامه لمزارع الموالح بوادي الملاك التابعة لشركة رمسيس الزراعية في منطقة الاسماعيلية حيث تم تركيبه في 70 فدان زاد الإنتاج في 60 فدان منها بمعدل 90 طن بثمن إجمالي يفوق ضعف ثمن الماجنيترون.
الأقلمة :
لا يسعني قبل أن أنهي حديثي أن أنوه عن ضرورة أقلمة أي تكنولوجيا عالمية جديدة لتلائم الظروف البيئية والمناخية فما يتم تطبيقه في روسيا مثلاً عند 50°– ;م لابد من أقلمته قبل تطبيقه عند حرارة 50°+ م أو حتى °60م في دبي. وقد قام المركز القومي للبحوث بتعديل كميات وصور الأسمدة المضافة وتغيير جدولة الري لكي يضاعف من الاستفادة بالوحدات المغناطيسية.
ومن الأسمدة التي توصل إلى تركيبها المركز القومي للبحوث من منتجات طبيعية (سماد الكبرونيل وهو عبارة عن مخاليط كبريت سمادية).
والمركز القومي للبحوث يقوم بأقلمة معظم التكنولوجيات الحديثة. وهذا ما أرجو أن يتم قريباً في الإمارات العربية المتحدة التي يكن له المصريون كل حب وتقدير في ظل قيادة اقتحمت الصحراء والبحار وعممت الخضرة في كل مكان.
وقد يكون حلماً ولكني آمل أن يتحول الحلم سريعاً إلى حقيقة أن ينشأ معهد بحثي وتدريبي لجميع فروع المغناطيسية في الإمارات التي احتضنت بالفعل شركة التقنيات المغناطيسية حتى تتسع القاعدة العلمية وتزداد المعرفة بعلوم المغناطيسية وتؤتي التقنيات المغناطيسية بمزيد من الثمار.
والله الموفق
أ.د. مصطفى حسن هلال
ساحة النقاش