* اليوم الحديث عن تقرير عن أدوات رصد تطبيق نظم السلامة في أماكن العمل*
*بقلم المهندس الاستشاري: هشام محمد السيد علي*
تُشكل نظم السلامة والصحة المهنية في أماكن العمل ركيزة أساسية لحماية العاملين من المخاطر المتنوعة التي قد تهدد سلامتهم، مثل الحوادث الناتجة عن الكهرباء، أو التعامل مع الآلات الثقيلة، أو التعرض للمواد الكيميائية الخطرة. تهدف هذه النظم إلى تقليل الإصابات والأمراض المهنية من خلال تطبيق إجراءات وقائية، تدريب مستمر، وتوفير معدات الحماية الشخصية. ولضمان فعالية هذ جدولة النظم، تُستخدم أدوات رصد متخصصة، مثل تقرير عدم المطابقة، المعروف بـ NCR، وتقرير ملاحظات الموقع، المعروف بـ SOR، إلى جانب أدوات أخرى مثل قوائم التحقق وسجلات الرصد. يهدف هذا المقال إلى استعراض هذه الأدوات، توضيح آلية عملها، وإبراز أهميتها في تعزيز السلامة والامتثال للمعايير المحلية والدولية.
يُعد تقرير عدم المطابقة، أو NCR، أداة جوهرية في إدارة السلامة والجودة. يُستخدم هذا التقرير لتوثيق أي انحراف عن المعايير المحددة، سواء كان متعلقاً بالإجراءات، المعدات، أو السلوكيات في مكان العمل. على سبيل المثال، يمكن تسجيل حالة عدم مطابقة عند اكتشاف عامل يعمل على ارتفاع دون ارتداء معدات الحماية الشخصية، مثل خوذة السلامة، أو عند استخدام معدات غير مطابقة لمتطلبات الأمان. تبدأ عملية إعداد التقرير باكتشاف المشكلة خلال التفتيش الدوري أو المراقبة العشوائية. يتضمن التقرير وصفاً مفصلاً للمشكلة، مع تحديد الموقع والتاريخ، وتحليل السبب الجذري، مثل نقص التدريب أو عيوب في المعدات، بالإضافة إلى اقتراح الإجراءات التصحيحية. يُحال التقرير إلى المسؤولين للتحقيق وتنفيذ الحلول، ويُغلق بعد التحقق من معالجة المشكلة. يُسهم هذا التقرير في تتبع المشكلات، منع تكرارها، وضمان الامتثال للقوانين المحلية، مثل تلك التي تصدرها وزارة الموارد البشرية والتوطين في الإمارات أو الجهات التنظيمية في السعودية.
من ناحية أخرى، يُعتبر تقرير ملاحظات الموقع، أو SOR، أداة وقائية تهدف إلى رصد الظروف والسلوكيات اليومية في أماكن العمل. يختلف هذا التقرير عن NCR بتركيزه على الملاحظات الإيجابية والسلبية على حد سواء، وليس فقط على الحالات المؤكدة لعدم المطابقة. على سبيل المثال، قد يُسجل المراقب ملاحظة إيجابية عن التزام عامل بارتداء معدات الحماية بشكل صحيح، أو ملاحظة سلبية عن آخر يعمل بدون نظارات واقية أثناء أعمال اللحام. يتضمن التقرير تاريخ الملاحظة، نوعها، وصف الحالة، والتوصيات لتحسين الأداء أو معالجة المخاطر. يُعد SOR جزءاً من برامج السلامة القائمة على السلوك، التي تسعى إلى بناء ثقافة سلامة مستدامة في مواقع العمل، مثل مواقع البناء أو المنشآت الصناعية. في السياق العربي، تُدمج هذه الأداة مع معايير منظمة العمل الدولية لدعم الرصد اليومي، مما يساعد في تقليل الحوادث بشكل ملحوظ عند تطبيقها بانتظام.
إلى جانب NCR وSOR، تُستخدم أدوات أخرى لرصد تطبيق نظم السلامة. تشمل قوائم التحقق، التي تُستخدم لإجراء فحوصات دورية للتأكد من الامتثال، مثل التحقق من توافر معدات الحماية الشخصية أو صلاحية أنظمة الحماية من الحرائق. كما تُستخدم سجلات الرصد لتوثيق الحالات الفورية التي تتطلب تدخلاً سريعاً، مثل تسرب مادة كيميائية. تقارير الحوادث تُركز على توثيق الحوادث الفعلية، مع تحليل أسبابها ووضع خطط لمنع تكرارها. مع التقدم التكنولوجي، أصبحت الأنظمة الرقمية، مثل برمجيات إدارة NCR، شائعة في المنطقة، حيث تتيح تتبع المهام والحلول بكفاءة أكبر. تُقدم جهات مثل الهيئة العامة للغذاء والدواء في السعودية نماذج جاهزة لهذه الأدوات، بينما توفر معايير OSHA الأمريكية ومنظمة العمل الدولية إطاراً مرجعياً يمكن تكييفه مع الاحتياجات المحلية.
تطبيق هذه الأدوات في أماكن العمل يتطلب نهجاً منهجياً يبدأ بتدريب الموظفين على كيفية الإبلاغ عن المشكلات أو تسجيل الملاحظات. يتبع ذلك إجراء تفتيش دوري لتحديد المخاطر المحتملة، ثم تحليل البيانات المجمعة من التقارير لتحسين الإجراءات. في المنشآت الصناعية بالسعودية والإمارات، يُسهم الرصد المنتظم في تقليل الإصابات وتعزيز الإنتاجية، مع ضمان الامتثال للقوانين المحلية. ومع ذلك، قد تواجه المنشآت تحديات مثل التأخير في تنفيذ الإجراءات التصحيحية إذا لم تُدار هذه الأدوات بفعالية. لذلك، يُوصى بالاستثمار في الأنظمة الرقمية لتسهيل العملية وتسريع الاستجابة.
في الختام، تُعد أدوات الرصد مثل NCR وSOR وغيرها من الوسائل الفعالة لضمان تطبيق نظم السلامة بكفاءة. إنها تحول المشكلات المحتملة إلى فرص للتحسين، مما يعزز بيئة عمل آمنة ومستدامة. للحصول على نماذج عملية أو تطبيقات مخصصة، يُنصح بالرجوع إلى مصادر موثوقة مثل مواقع الجهات التنظيمية المحلية أو المنظمات الدولية. إن التزام المنشآت بهذه الأدوات لا يضمن الامتثال للقوانين فحسب، بل يُسهم أيضاً في حماية الأرواح وتقليل التكاليف الناتجة عن الحوادث، مما يعزز الكفاءة والاستدامة في بيئة العمل.
*المهندس الاستشاري: هشام محمد السيد علي*


