محمد شهاب- المزارع السمكية Mohamed Shihab -Aquacultures

يعرض الموقع الأحدث من ومقالات و صور و مواقع تخص الاستزراع السمكى

حكاية أثر رحلة الصيد في مقبرة «تي»

إعداد/محمد شهاب

كتبت شيرين الكردي

عندما نتأمل النقوش الجدارية في مقبرة الموظف "تي" بسقارة، نجد أنفسنا أمام عالم مفعم بالحياة والدلالات الرمزية.هذه المشاهد ليست مجرد تصوير لحياة يومية أو أنشطة عابرة، بل هي انعكاس لعقائد دينية ورؤى فلسفية تصوّر الصراع الأزلي بين الخير والشر.من أبرز هذه المشاهد، رحلة الصيد داخل أحراش الدلتا، حيث يتجسد النيل وأحراشه في خطوط البردي التي تُحاكي الطبيعة بشكل بديع، ليروي لنا قصة صيد تهدف إلى القضاء على الشرور المتجسدة في الحيوانات الخطرة.

مشهد من أعماق التاريخ

في مقبرة "تي"، أحد كبار موظفي الأسرة الخامسة بسقارة، نُقشت جدرانها بمشاهد رائعة توثّق أنشطة الحياة اليومية والرموز الدينية.

ومن بين هذه المشاهد، نجد مشهداً فريداً يصور رحلة صيد في أحراش الدلتا، حيث تظهر أعواد البردي بشكل رأسي، تجسيداً لطبيعة المنطقة الغنية بالنباتات والمياه.

رمزية رحلة الصيد

رحلة الصيد التي يظهر فيها "تي" ليست مجرد ممارسة ترفيهية أو نشاط يومي، بل تمثل معركة رمزية ضد الشر، في العقائد المصرية القديمة، كانت الأحراش تمثل موطناً للحيوانات التي ترتبط بـ"ست"، إله الفوضى والشر، لذا، كانت هذه الرحلات تهدف إلى القضاء على أفراس النهر، والتماسيح، والأسماك الضارة التي تهدد حياة النيل، مصدر الخير والنماء.

دلالات المكان

الأحراش التي تدور فيها هذه الرحلة ليست عادية، بل ترتبط ارتباطاً وثيقاً بقصة الإله "حورس"، الذي تربى في هذه المناطق بعد صراعه مع "ست"،هذا الارتباط جعل أحراش الدلتا مكاناً رمزياً للنقاء ومواجهة الشر، مما يفسر اهتمام الملوك وكبار الموظفين بتنظيم رحلات الصيد في هذه المناطق.

المشهد الفني في مقبرة تي

النقوش في مقبرة "تي" تعكس مستوى عالياً من الدقة والتفاصيل، حيث تظهر الخطوط الرأسية لعيدان البردي وكأنها غابة حقيقية، المشهد يبرز "تي" واقفاً على قارب صيد، مسلحاً برمح، في مواجهة الحيوانات الخطرة، كما يظهر في المشهد استخدام القوارب الصغيرة كوسيلة للتنقل في الممرات المائية الكثيفة.

الهدف الروحي والسياسي

كان الهدف من هذه الرحلات يتعدى مجرد القضاء على الحيوانات الضارة؛ فقد كانت تعبيراً عن قدرة الإنسان على السيطرة على قوى الشر وحماية الطبيعة، كما كانت فرصة للملوك وكبار الشخصيات لإثبات دورهم كحماة للخير وضامنين لاستمرارية الحياة على الأرض.مشهد رحلة الصيد في مقبرة "تي" ليس مجرد تصوير لنشاط يومي، بل هو لوحة مليئة بالرموز والدلالات التي تعكس تداخل الحياة اليومية مع العقائد الدينية والفلسفية للمصريين القدماء، وشهادة حية على عبقرية الفنان المصري القديم في تجسيد الطبيعة وإضفاء الطابع الروحي على تفاصيلها.

المصدر: كتبت شيرين الكردي-أخبار اليوم
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 45 مشاهدة

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

2,347,260