البعض لا يطيق الحياة بدون اكل الكافيار
إعداد/محمد شهاب
استراخانن (روسيا) - من كريستوفر بالا
يواجه هواة اكل الكافيار، الذي يعشقه الكثيرون ولا يرضون عنه بديلا، مشكلة هذه الايام تتمثل في نقص امداداته بسبب عمليات الصيد غير القانونية لاسماك الحفش التي يستخرج منها. وتوجد اسماك الحفش اساسا في بحر قوزين الذي تشرف عليه ايران وروسيا وكازاخستان واوزبكستان وتركمانستان. وقد ادى الاقبال الشديد عليه في الاسواق الى نهم الصيادين للامساك بكل ما يمكنهم منه حتى الاسماك الصغيرة التي لم تتكاثر بعد. وكانت نتيجة ذلك صدور قرار دولي بفرض حظر على صادرات الكافيار من الجمهوريات السوفيتية السابقة. وتقدر تجارة الكافيار المشروعة وحدها بنحو 100 مليون دولار سنويا. اما تجارة الكافيار غير المشروعة فتقدر باضعاف هذا المبلغ. ومؤخرا صدر قرار من هيئة "سايتس" التابعة للامم المتحدة بإلغاء حظر على صادرات الكافيار من جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق، الامر الذي اثار احتجاجات قوية من الخبراء الذين يعملون في أبحاث أسماك الحفش ( او اسماك البيلوجا)، أكبر وأندر الاسماك التي يستخرج منها هذا الطعام الفاخر.
ويقول الكسندر كيتانوف، الذي يقوم بتربية صغار الحفش لاطلاقها في نهر الفولجا وبحر قزوين بهدف منع انقراض هذه الاسماك كما حدث في أوروبا وأميركا الشمالية قبل قرن من الزمان، أنه كان ينبغي حظر الصيد التجاري لاسماك الحفش قبل مدة طويلة.وقال كيتانوف في حديث في مزرعته بالقرب من استراخان الواقعة على بداية دلتا الفولجا "في العام الماضي كان لدينا إناث ذات بيض (بطارخ) أقل بنسبة 20 في المائة عن العام السابق".وأضاف قائلا "وحتى قبل خمس سنوات كان يتسنى لي اختيار أفضل إناث تتراوح سنها بين 20 و 30 عاما. لكن الان أحصل فقط على إناث تحت السن وبطارخها سيئة".
وكان الصيد المفرط وغير المشروع في بحر قزوين قد حث اتفاقية الامم المتحدة حول التجارة الدولية في السلالات المعرضة للانقراض من الحيوانات والنباتات (سايتس) على فرض الحظر في الصيف الماضي. ويقول الخبراء أنه الان وبسبب ولادة معظم أسماك الحفش في مزارع التفريخ مثل تلك التي يديرها كيتانوف، أصبح عدم وجود الاناث الناضجات له أثر مدمر على التراث الجيني لسلالات عمرها أكثر من 200 مليون سنة. وحتى مع وصف منشوراتها للوضع بأنه مأساوي، إلا أن سايتس التي تتخذ من جنيف مقرا لها بررت قرارها إلغاء الحظر. وأشارت سايتس إلى أن الدول المعنية، وهي روسيا وكازخستان وأذربيجان وتركمنستان، انضمت إلى إيران التي لم تحظر صادراتها من الكافيار في العام الماضي "في إطلاق برنامج تنسيقي لابحاث وإدارة مخزون أسماك الحفش".وقال اركاديوز لابون وهو من برنامج بيئة بحر قزوين "لا يوجد مثل هذا البرنامج، وليست هناك آلية فعالة للادارة وتلك هي المأساة".
وكان لابون قد شارك في رحلة استكشافية ضمت ثلاث سفن في بحر قزوين في الصيف الماضي، واكتشفت أن 15 في المائة فقط من سمك الحفش التي تم اصطيادها كانت في سن البلوغ.ويقول لابون وغيره من الخبراء أن ذلك يظهر كيف قام الصيادون غير الشرعيون في عشر سنوات بالقضاء على جميع البالغين تقريبا من هذه الاسماك على الرغم من إطلاق مزارع سمكية مثل مزرعة كيتانوف لنحو 70 و90 مليون من صغار تلك الاسماك في أنحاء بحر قزوين.
وأثناء الحقبة السوفييتية، تم بنجاح حظر الصيد البحري ولم يسمح سوى بصيد أسماك الحفش البالغة التي كانت تسبح باتجاه نهر الفولجا أو أنهار أخرى أصغر في أنحاء بحر قزوين لكي تضع بيضها. غير أن الصيد البحري أصبح الان منتشرا على نطاق واسع لاسيما في أذربيجان وجمهورية داغستان الروسية، لدرجة أنه لم يتسن لسفن الرحلات الاستكشافية العلمية دخول مناطق ساحلية معينة بسبب كثرة الشباك غير المشروعة.
وفي الولايات المتحدة يحارب ائتلاف لمنظمات بيئية تدعى "كافيار ايمبتور" في المحكمة من أجل وضع سمك الحفش على القائمة الاميركية لانواع الاسماك المعرضة للانقراض. ومن شأن ذلك أن ينهي مبيعات الكافيار في الولايات المتحدة التي تعد أكبر مستهلكيه. وقالت ايلين بيكيتش من جمعية المحافظة على الحياة البرية، إحدى المنظمات الاعضاء في الائتلاف، "من الواضح أن استمرار الصيد المكثف سيؤدي للقضاء على اسماك الحفش".وقالت ليزا سبير من مجلس الدفاع عن الموارد الطبيعية أن قرار سايتس "من الواضح أنه قليل للغاية ومتأخر جدا" مشيرة في نفس الوقت إلى أن القرار أدى إلى انخفاض صادرات الكافيار بنسبة 9 في المائة مقارنة بعام 2001.
وبالنسبة لكيتانوف فإنه قد بدأ سياسة إجراء عمليات قيصرية لجميع إناث الاسماك حاملات البطارخ وإبقائها في مزرعته أملا في أن تصبح في حالة أفضل عندما تصبح قادرة على الانجاب في غضون خمس سنوات.وحذر بعض الخبراء في المنطقة من أن يصبح الكافيار الاسود بعيد المنال بدون حظر صيد لمدة 20 عاما لوقف نهب وسلب أسماك الحفش.
ساحة النقاش