رئات عملاقة لتنقية المحيطات.. ابتكار جامعي لحماية البيئة
إعداد/ محمد شهاب
"رئة صناعية تحت الماء".. ابتكار علمي فاز به فريق من قسم الهندسة المعمارية بهندسة القاهرة بالمركز الثالث في مسابقة" Skyscraper2024 " ناطحة سحاب مغمورة التي نظمتها مجلة eVolo الدولية، عن مشروع "الرئات المحيطية" Ocean Lungs ، بعد منافسة شرسة بين 206 مشروعات من جميع أنحاء العالم.
تصميم رئة بشرية
وحول أهمية المشروع وقابليته للتطبيق أجرى موقع أخبارمصر حوارات مع ممثلين للفريق الفائز والمشرفين ومنهم عمرو خالد محمود طالب بالفرقة الرابعة بقسم الهندسة المعمارية بهندسة القاهرة، الذي قال :"أتممت مناقشة مشروع تخرجي بحمد لله منذ أسبوع ،وبالنسبة لمشروع مسابقة"رئات المحيط" فنبعت فكرته من الحاجة الملحة لمواجهة مشكلتين: زيادة ثاني أكسيد الكربون في المحيطات وتدهور الشعاب المرجانية.
ورأينا أن الحل الأمثل هو الجمع بين إزالة الكربون الزائد من الماء وتشجيع نمو الشعاب المرجانية الاصطناعية. واستلهمنا الفكرة من تصميم الرئة البشرية، حيث تقوم الحويصلات الهوائية بعملية تبادل الغازات بين الهواء والدم.
وفي مشروعنا، تتواجد وحدات كروية الشكل تعمل مثل الحويصلات الهوائية، حيث يتم فيها تبادل ثاني أكسيد الكربون مع الماء، مما يساعد على تقليل حموضة المحيط".
ناطحة سحاب عائمة تسحب "الكربون الزائد"
وتابع عمرو خالد : المشروع عبارة عن ناطحة سحاب مغمورة تحت سطح البحر بعمق 1000 متر، مع جزء عائم على السطح يعمل كمحطة لإنتاج الطاقة ومركز للبحث العلمي بحيث يتم تخزين ثاني أكسيد الكربون المستخرج في الجزء المغمور ثم نقله إلى جمعية احتجاز وتخزين الكربون (CCSA) لاستخدامه في الصناعات المختلفة.
وكانت الفكرة هي إيجاد حل مبتكرً يجمع بين التكنولوجيا المتقدمة والطبيعة للمساهمة في تقليل حموضية المحيطات ودعم الحياة البحرية.
واستغرق تنفيذه الترم الأول من هذا العام الدراسي كاملا وأيضا 4 أسابيع من الترم الثاني منها إجازة نصف العام حيث كان لقاؤنا في ذلك الوقت من خلال اجتماعات أون لاين online meetings مع هيئة الاشراف للمساعدة علي تطوير المشروع.
تقليل حموضة المحيطات
وأوضح عمرو خالد أن حجم أهميته يكمن في تأثيره الكبير على البيئة البحرية وصحة المحيطات بل يساهم بشكل مباشر في تقليل حموضة المحيطات، مما يساعد على نمو الشعاب المرجانية وحماية الحياة البحرية. وهذا الأمر يعزز التنوع البيولوجي ويجعل المحيطات أكثر صحة واستدامة.كما أن زيادة مستوى الحموضة في الماء تؤدي إلى ضعف الرخويات والكائنات القشرية البسيطة التي تعتبر أساس السلسلة الغذائية في المحيط. وأشار إلى توقع دراسة أجرتها الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (NOOA) أنه خلال 100 سنة، ستختفي أصداف بعض الرخويات والقشريات بسبب زيادة حموضة المحيط. والمشروع يعالج هذه المشكلة البيئية الحيوية عن طريق تقليل الحموضة وتشجيع نمو الشعاب المرجانية، مما يضمن بقاء الأنواع البحرية الأساسية واستدامة النظام البيئي البحري.
وبالنسبة لقابلية المشروع للتنفيذ.. فتعتمد على عدة عوامل مهمة، و رغم أن تكلفة المشروع تحتاج إلى دراسة جدوى دقيقة، يجب النظر إلى هذا الاستثمار كجزء من استراتيجية طويلة الأجل لحماية البيئة البحرية والحد من تأثيرات التغير المناخي. وأكد أنه إضافة إلى الفوائد البيئية الكبيرة، يمكن أن يسهم المشروع في تعزيز البحث العلمي والابتكار في مجال التكنولوجيا البحرية. وهذا قد يؤدي إلى تطوير حلول أكثر فعالية واستدامة في المستقبل، مما يعزز من فرص نجاح المشروع على المدى البعيد. لذا، يمكن القول إن المشروع قابل للتنفيذ، خاصة إذا تم دعمه برؤية استثمارية طويلة الأجل ودراسات دقيقة لتقدير التكاليف والفوائد.
أما بالنسبة للدعم، فقد قامت هيئة التدريس باستضافة مجموعة من المحاضرين الخارجيين للمساعدة في تطوير المشروع وتقديم الاقتراحات اللازمة. من بين هؤلاء المحاضرين الدكتورة سها الجوهري، والأستاذة الدكتورة رويدا كامل، والدكتور كريم نبيل، والمهندس إسلام المشتولي، والدكتور إبراهيم بدوي. فقد قام هؤلاء المحاضرين بتقديم المعرفة والإرشاد اللازمين لضمان نجاح المشروع. وبالطبع الدعم المعنوي من هيئة التدريس وزملائنا كان له التاثير الإيجابي بالمشروع
وعن تأثيره على الانتظام في المحاضرات ، قال : بالطبع احتاج المشروع إلى الكثير من الوقت والتفكير. وكنا ندرك أهمية المسابقة، لذا حاولنا جاهدين الموازنة بين العمل على المشروع وباقي المواد الدراسية.. و بفضل الله، نجحنا في جميع المواد خلال الفصل الدراسي الأول.
أما بالنسبة للامتحانات، فقد قمنا بتأجيل العمل على المشروع بعد المناقشة الأولية للمشروع والذي كان بديل لامتحان المادة، وذلك حتى انتهاء الامتحانات. بعدها استكملنا العمل على المشروع خلال إجازة نصف العام وأول الفصل الدراسي الثاني.
أوضح محمد محفوظ عبدالعزيز، طالب في الفرقة الرابعة بقسم العمارة بكلية الهندسة جامعة القاهرة أن المشروع الفائز ليس مشروع النخرج، وإنما مشروع لمادة اختيارية خلال الفصل الدراسي الأول، تحت إشراف الدكتور محمد نعمان، والدكتور عبدالرحمن بدوي، والمهندسة تقى حسن.
وتابع : اكتشفنا المسابقة من خلال الدكتور محمد نعمان، حيث كان تركيز المادة هذا العام على إعداد مشروع ينافس في هذه المسابقة.و بدأنا المشروع بالبحث عن تفاصيل المسابقة، واستعراض المشاريع الفائزة في الأعوام السابقة، وتحليل العوامل المشتركة بينها.
وتتمثل أهمية المشروع في تقليل حموضة المحيطات، مما يساعد على نمو الشعاب المرجانية وحماية الحياة البحرية مما يعزز التنوع البيولوجي ويجعل المحيطات أكثر صحة واستدامة لأن زيادة مستوى الحموضة في الماء تؤدي إلى ضعف الرخويات و الكائانات القشرية البسيطة المهمة لبداية السلسلة الغذائية في المحيط.
وبالنسبة لقابلية تنفيذ المشروع، أوضح محمد محفوظ أنها تحتاج لدراسات الجدوى الدقيقة و لكن من خلال الدراسات قاموا باستخدام أحدث التقنيات بداخل الأجزاء الكروية هي نموذج مكبر لتجربة تم عملها لاستخراج ثاني أكسيد الكربون من المياه المالحة وهو BPMED UNIT، bipolar membrane electrodialysis. وتم اختيار مادة هيكل المشروع من خرسانة صديقة للبيئة تحتوي على مكونات تدعم نمو الشعاب المرجانية. أما بالنسبة للأجزاء الاخرى من المشروع،فكانت من الفولاذ المقاوم للصدأ. كما استخدموا مصادر طاقة متجددة مثل الطاقة الشمسية التي تتمثل في الجزء العائم من المشروع والطاقة الحرارية للمحيطات (OTEC) وهي عملية لتحويل الطاقة الحرارية الموجودة في مياه المحيط الى طاقة كهربائية.
وتابع : كانت تكلفة المشروع تتعلق بالوقت أكثر من المال. استغرق المشروع الكثير من الوقت في مراحل التفكير، بناء الفكرة، وتنفيذها. ومن الناحية المالية، تكفل الدكتور محمد نعمان والدكتور عبدالرحمن بدوي بدفع رسوم الاشتراك في المسابقة.أما من ناحية الدعم، فقد ساهمت هيئة التدريس بشكل كبير من خلال استضافة مجموعة من المحاضرين الخارجيين الذين قدموا المساعدة والتوجيه اللازمين لتطوير المشروع. من بين هؤلاء المحاضرين: الدكتورة سها الجوهري، الأستاذة الدكتورة رويدا كامل، الدكتور كريم نبيل، المهندس إسلام المشتولي، والدكتور إبراهيم بدوي. وقام هؤلاء المحاضرون بتقديم التوجهيات و النصائح لضمان نجاح المشروع.
وعن مدى تأثير العمل في المشروع على الانتظام في المحاضرات والامتحانات ، قال : المشروع كان يحتاج إلى الكثير من الوقت والجهد.. وهيئة التدريس كانت تعطي لنا من وقتها وقت إضافي لمساعدتنا في استكمال العمل على المشروع. وكنا نعود إلى المنزل ونستيقظ مبكرا للعمل على مشروع آخر لمادة مختلفة موجودة في اليوم التالي، ولم نواجه مشكلة في ذلك. أما بالنسبة للامتحانات، فلم يعطلنا المشروع مطلقًا.. فقد أنهينا المشروع قبل الامتحانات، وكانت الامتحانات في هذه المادة عبارة عن مناقشة المشروع مع المحكّمين الخارجيين الذين قدمتهم لنا هيئة التدريس. بعد الامتحانات، استكملنا العمل على المشروع حتى انتهينا منه.وحول الجائزة ، يرى أن الجائزة الحقيقية ليست الجائزة المادية فقط، بل ما تعلمناه من برامج وتقنيات وأساليب تفكير جديدة من خلال المشاركة في هذه المنافسة العالمية.
وأعرب عن سعي الفريق للمشاركة في مسابقات أخرى وعدم الاكتفاء بالمركز الثالث فقط، بل نسعى للفوز بالمركز الأول في المرة القادمة.
وطالب بالدعم التقني من الحكومات و المنظمات البيئية المختصة و نشر الوعي حول أهمية المشروع و تأثيره على البيئة البحرية.
وعلى مستوى المشرفين، قال الدكتور محمد نعمان قطري مدرس بكلية الهندسة المعمارية بجامعة القاهرة للموقع : قد كان دورنا كفريق مشرف هو توجيه الطلاب وإرشادهم خلال جميع مراحل المشروع، بدءا من الفكرة الأولية وصولًا إلى مرحلة التنفيذ النهائية.. فقدمنا لهم الدعم الأكاديمي والتقني اللازم، وقمنا بتوفير الموارد والتدريب المناسب لاستخدام البرامج والتقنيات الحديثة مثل التصميم الحاسوبي وبرامج المحاكاة مثل Grasshopper و كان هدفنا تحقيق توازن بين الابتكار والتنفيذ العملي.
وبالتأكيد، واجهنا بعض التحديات خلال مراحل المشروع، مثل تحديات التقنية والتنفيذ الزمني، بالإضافة إلى العمل على دمج التقنيات المتقدمة في التصميم بشكل فعال، لكن بفضل التعاون والعمل الجاد من جميع أعضاء الفريق، استطعنا التغلب على هذه التحديات وتحقيق نتائج مبهرة.
وعن مصير المشروع ، يرى أن مشروع "رئات محيطية" هو أكثر من مجرد فكرة تصميم؛ إنه مبادرة لحل مشاكل بيئية ملحة و نأمل أن يكون لهذا المشروع تأثير إيجابي كبير على البيئة البحرية ومستويات ثاني أكسيد الكربون. وأضاف أن الطلاب يطمحون إلى الاستمرار في مجالات البحث والابتكار، ويرغبون في المشاركة في المزيد من المسابقات والمشاريع التي تساهم في إيجاد حلول للتحديات البيئية والعمرانية. كما يهدفون إلى تطوير مهاراتهم الأكاديمية والمهنية من خلال الدراسات العليا والتدريب العملي في الشركات الرائدة في هذا المجال.
دعم غير محدود للابتكارات
ومن جانبه، صرح الأستاذ الدكتور حسام عبد الفتاح عميد كلية الهندسة بجامعة القاهرة، بأن فكرة مشروع "الرئات المحيطية" تعتمد أساسا على تقديم مقترح لبناء ناطحات سحاب بعمق كيلو متر تحت الماء تشبه الرئة بجسم الإنسان، ومصممه لتصفية ثاني أكسيد الكربون الزائد في المحيطات من خلال استخدام أحدث التقنيات لاحتجاز الكربون carbon capture وتخليص البيئة البحرية من الزيادات لاستخدامها في التصنيع .
وأكد الدعم المستمر واللامحدود الذي يقدمه الدكتور محمد عثمان الخشت رئيس الجامعة لكلية الهندسة للارتقاء بها وتطويرها، وتطبيق أعلى معايير الجودة في البرامج المعتمدة وإستخدام الطرق الحديثة في التدريس والبحث العلمي مما أدي إلي تقدم ترتيب كلية الهندسة وتخصصاتها المختلفة داخل التصنيفات الدولية المرموقة.
وأشارعميد كلية الهندسة، إلى أن الفريق الفائز من قسم الهندسة المعمارية ضم كلًا من الدكتورمحمد نعمان قطري، والدكتور عبد الرحمن محمود بدوي، والمهندسة تقى حسن، والطلاب عمرو خالد محمود، وهند محمود حسن، ومنة الله محمود فؤاد، ومحمد محفوظ عبد العزيز، ونجوى خالد محمد، ونورهان محمد عبد الحميد، وعمر أحمد صلاح. كما شارك في المشروع بشكل تطوعي لإضافة الملاحظات التي ساهمت في تطوير أفكار المشروع كل من الدكتورة رويدا كامل، والدكتور كريم نبيل، والمهندس إسلام المشتولي، والمهندسة سها الجوهري، والمهندس إبراهيم.
مؤشر نجاح برامج الإبداع
ويرى الأستاذ الدكتور محمد عثمان الخشت رئيس جامعة القاهرة أن فوز المشروع الابتكاري لفريق كلية الهندسة بمسابقة دولية مؤشر على نجاح برامج تنمية الإبتكار والإبداع ومواكبة المناهج الدراسية للتطور الأكاديمي في العالم. وأكد قدرة طلاب جامعة القاهرة على خوض جميع المسابقات العالمية في مختلف المجالات والفوز بمراكز متقدمة فيها. وأشار إلي الدعم الكامل الذي تقدمة إدارة الجامعة للمشروعات والابتكارات الطلابية التي تهدف إلى إيجاد حلول مبتكرة بمختلف المجالات.
ساحة النقاش