الاستزراع السمكي والمصايد الطبيعية
إعداد/محمد شهاب
كتب المهندس ز./احمد الشراكى( صاحب مزرعة و مفرخ سمكى بكفرالشيخ، و من كبار خبراء الأستزراع السمكى المصرى)
هناك من يريدونها حرب أو مشاجرة بين الاستزراع السمكي والمصايد الطبيعية ليجعلوها أهلي وزمالك وينشغل كل طرف بمهاجمة الطرف الآخر والتقليل من شأنه بل وشيطنته في أغلب الأحوال.. والحقيقة أنه لا غنى عن أيهما كجناحين للإنتاج السمكي الذي يستوعب الملايبن من فرص العمل المباشرة والغير مباشرة .
وما يزيد من تعقيد هذه الخناقه هو تدخل غير المتخصصين في الموضوع سواء أكانوا مسؤولين حكوميين أو أساتذة جامعه ومراكز بحوث أو مواطنين عاديين ومستهلكين أو صيادين يفتون في الإنتاج السمكي أو العكس بدون علم
موقف الحكومة
في نفس الوقت الذي تنفق فيه الحكومه مليارات كثيرة في تطوير وتنمية البحيرات وهذا ليس عيب طبعا إنما العيب في المعامله الغير متكافئة مع الجناح الآخر وهو الإستزراع السمكي الذي لم يكلف الدولة مليما واحدا لا في البنية الأساسية ولا في اي نوع من انواع الدعم بل على العكس تماما .. عداء ظاهر وضغوط من كل نوع ففي نفس الوقت الذي يعاني فيه المزارع من زيادة تكلفة الإنتاج من أعلاف وطاقة وإيجار وعماله وغيره وقلة ثمن المنتج النهائي وتحقيق خسائر أثقلت كاهله وتسببت في خروج الكثير من العملية الإنتاجية وتسريح الكثير من العمالة وسجن الكثير بسبب تراكم الديون .. نجد فرض ضرائب جديدة وزيادة في الإيجارات ورفع سعر الطاقة ويتحول فكر الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية من فكر تنموي إلى فكر جباية فقط بدون اي خدمه حقيقية ويصبح همها الوحيد رفع الرسوم والايجارات وتهديد من يعجز عن الدفع بالطرد من أرضه التي تسلمها بور لا تصلح لشئ وجعلها مزرعه إنتاجية تساهم في جعل مصر مصنفة عالميا من ضمن ال عشرة الكبار في الإنتاج السمكي من الإستزراع
هل تستطيع البحيرات والمصايد الطبيعية سد الفجوة التي تتركها المزارع السمكية؟
يحكم المصايد الطبيعية والبحيرات قانون بيئي طبيعي لا يمكنها الفكاك منه وهو القدرة الاستيعابية أو السعة التحميلية القصوى carrying capacity
وهو الذي يحدد الكتلة الحية القصوى التي تستطيع وحدة المساحه من استيعابها وتستطيع العوامل البيئية توفيرها .
لأنه بإختصار لكل مجتمع قدره على التزايد ومع هذه الزياده يزداد الاستهلاك للموارد ، والبيئة لن تستطيع تلبية الحاجة لهذه الموارد إلى مالا نهاية وبالتالي يتوقف المجتمع عن التزايد .
والحقيقة التي يجب أن يعرفها الجميع هي أن المصايد الطبيعية في العالم كله قد توقفت عن النمو من منتصف ثمانينيات القرن الماضي لغلبة هذا القانون البيئي المهم وتحديده لإمكانية التطوير والتنمية فيها .
هل هذا القانون ينطبق أيضا على الاستزراع السمكي ؟
طبعا ينطبق على المزارع السمكية وهو الذي يحدد مستوى التكثيف فيها لكن الفرق هنا هو إمكانية تغيير وزيادة السعة التحميلية القصوى بصورة لا تقارن والمصايد الطبيعية عن طريق تغيير والتخلص من العوائق البيئية التي تحد أو تمنع الزيادة في الكتلة الحية وذلك مثلا عن طريق زيادة الاكسجين عن طريق معدات التهوية وضخ الاكسجين أو عن طريق التخلص من نواتج التحلل باستخدام الفلاتر الميكانيكية والبيولوجية أو استخدام تقنيات جديده لأنظمه تخلص نفسها من الملوثات كنظام البيوفلوك .. وعن طريق هذه التقنيات وصل الإنتاج في وحدة المساحه إلى أرقام خيالية في الأنظمة عالية التكثيف حيث وصلت في بعض الاصناف كالتراوت والقرموط إلى أكثر من ربع طن في المتر الواحد .
هل هناك سبيل لوقف هذا الاشتباك ؟
على الحكومه ممثله في الهيئة العامه لتنمية الثروة السمكية اتباع العدل في توزيع الاهتمامات فعلى حسب بياناتها الرسمية التي تفيد بأن المزارع السمكية تساهم بحوالي ٨٠% من إجمالي الإنتاج السمكي يجب عليها توزيع دعمها واهتمامها بنفس هذه النسبة أو على الأقل بالتساوي فلا يصح ابدا دعم تطوير البحيرات بمليارات الجنيهات في نفس الوقت التي تفرض أعباء شديدة في صورة إيجارات ورسوم على المزارع السمكية .
وقد يقول قائل بأن الحكومه تدعم الاستزراع السمكي في صورة مشاريع سمكية كبيرة تكلفت مليارات ، نقول لهم ان هذه المزارع لا تمثل شئ في نشاط الاستزراع السمكي الاهلى المفروض دعمه والذي تجاوز إنتاجه مليون و ٤٠٠ ألف طن سنويا .
كيف تتعامل الدول مع منتجيها
من مده حضر إلينا في المزرعه اثنين من الشباب ليس لديهم خبره بالاستزراع السمكي لكن عندهم نهم شديد لتعلم كل ما يخص الاستزراع ودراسات الجدوى وتخيلت انهم يريدون عمل مشروع سمكي عندنا واشفقت عليهم مما يعانيه هذا القطاع في مصرنا الغاليه لكن عرفت منهم انهم في سبيلهم للهجرة إلى كندا كمستثمرين وان الحكومة الكندية لو اقتنعت بالمشروع وفائدته في توفير فرص عمل جديدة فإنها تساهم معهم بنفس القيمة التي يقدمونها كمنحه مع تسهيلات فيما يخص الأرض والضرائب و الطاقه وخلافه
وهذه الحكومه طبعا ليس من أولوياتها مساعده الشباب المصري إنما استيعابها لقيمة ما يقدمه الاستثمار الجاد في استدامه النمو الإقتصادي وتوفير فرص عمل وحياه كريمه لمواطنيها .
وبناءا عليه !!!
يجب على حكومتنا الرشيدة فك هذا الاشتباك وتحديد مساحات البحيرات الحالية وعمل جسر واقي عليها يحميها من التعدي والاهتمام بإدارة البحيرات والمصايد اداره رشيده تحقق مفهوم الاستدامه والرقابه الفعاله والاستعانه بالخبراء وليس قوى الأمن فقط ومنع الصيد الجائر للاسمام والزريعه والغزل المخالف وتنظيم جهد الصيد والتعامل بعدل ودعم الاستزراع السمكي بدلا من التضييق عليه وسماع أصحاب المصلحه والخبراء في عمل السياسات واستيعاب القيمة الحقيقية لنشاط الاستزراع السمكي في توفير فرص عمل وانعاش الاقتصاد حفاظا على هذه الصناعه التي لو انهارت لا قدر الله سندفع الثمن جميعا من مستقبل اولادنا .
ساحة النقاش