<!--<!--<!--
استاكوزا الماء العذب خطر يهدد الثروة السمكية
إعداد/محمد شهاب
تُعدّ استاكوزا الماء العذب، من الحيوانات البحرية، التي انتشرت في النيل والترع والمصارف والمجارى المائية في مصر، منذ أكثر من 40 عاماً، وعلى الرغم من أنها لم تكن مصرية، ولا متوطنة في النيل ومصادر من المياه العذبة في المحافظات، إلاّ أنها تكاثرت بطريقة غريبة جداً، وباتت تهدد الأحياء المائية، وخاصة الثروة السمكية، وهو ما دفع وزارة الزراعة واستصلاح الأراضى، متمثلة في الهيئة العامة للثروة السمكية، ومراكز ومعاهد بحوث الأحياء المائية، أن تبادر بمواجهة هذا الكائن الجديد على المياه المصرية، والذى كان يبيد الأسماك، ويتغذى على إنتاجها من البيض، حتى استغاث من أخطاره الصيادين.
استاكوزا الماء العذب
وكانت الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية، التابعة لوزارة الزراعة واستصلاح الأراضى، قد وصفت استاكوزا الماء العذب، على أنه من نوع بروكمبارس كلاركى، وهو أكثر أنواع عائلة كامباريدي انتشاراً بصورة عامة، ويمثل حوالى 90% من حجم المحصول السنوي، لهذا النوع من القشريات، فى ولاية لويزيانا بالولايات المتحدة الأمريكية، وقد ظهر هذا النوع منذ سنوات، بكثافة غير عادية فى مياه النيل.
وكان انتشر انتشاراً سريعاً وقتها فى معظم محافظات الجيزة و القاهرة و الدلتا و شرقها وجميع محافظات الوجه البحري، كما اجتاح جميع القنوات و الفروع الرئيسية من النيل و البحيرات الصغيرة، و الترع والمصارف والمجارى ومزارع الأسماك، بالإضافة إلى الشواطئ الطينية، و جميع الأراضى الزراعية المطلة على هذه الفروع، غير أن الأمر المُحيّر حينها، كان في توقيت تواجد هذه الحيوانات في النيل وفروعه، ومن أين بدأ غزوها لمياه النيل، وكان الأمر المحتمل وقتها، هو أن هذا المقاتل الشرير قد دخل مياهنا من جهة الجنوب، حيث كان معروفٌ وجوده في مياه السودان، كان معروفاً بالنسبة لعلماء الأحياء المائية منذ زمن، إضافة إلى العديد من بلاد حوض النيل في وسط افريقيا.
وعلى الرغم مما سبق لم يتبين وجود أي أثر لهذا النوع، من الحيوانات في مياه النيل في مصر العليا وجنوب الجيزة، وقد توصل العديد من الباحثين المصريين إلي أن نقطة البداية لانتشار هذا النوع، هي عدة مئات من أفراده قد تم استيرادها في أوائل الثمانينات من الولايات المتحدة الأمريكية، لاستزراعها في إحدى المزارع السمكية، في منطقة منيل شيحا بمحافظة الجيزة، وعلى الرغم من أن هذا المشروع قد توقف، بعد وقت قليل إلاّ أن القدرات البيولوجية غير العادية، لهذا الحيوان القشري، قد مكنتة من أن يستقر وينتشر خلال السنوات الأخيرة في البيئة المائية المصرية، وقد تسلل وقتها من محافظة الجيزة إلى معظم المحافظات الشمالية، مروراً بمحافظة القاهرة.
يهاجم الأسماك الصغيرة والكبيرة
من ناحيته، أكد الدكتور محمد عبادى، الخبير الزراعى، أن استاكوزا الماء العذب، أو "بروكمبارس كلاركي يمثل أحد مصادر الغذاء الهامة، لاحتوائه على نسبة عالية من البروتين، ويبلغ وزن عضلات البطن من 10-40% من وزن الجسم، اعتمادا على حجمة ودرجة نضجه، وإضافة إلى ذلك فهو يُستخدم كطعم في صيد الأسماك، وكنموذج لتشريح المفصليات في مختبرات الجامعات.
ومن ناحية أخرى فقد سبب هذا النوع من استاكوزا الماء العذب، مصاعب لعمليات الصيد، فهو يهاجم الأسماك الصغيرة والكبيرة وخاصوصة البلطي، ويقوم بافتراسه، وهو ما قد يشكل تأثيراً سلبياً على المحصول السنوي، من هذه الأسماك، إضافة إلى تمزيق الشباك المٌستخدمة في الصيد، وتلك التي كانت تُستخدم في استزراع الاسماك بنظام الاقفاص، ونتيجة لهذه الآثار السلبية للحيوان، فقد ظهرت أهمية الدراسات البيولوجية لهذا الحيوان الطارئ حديثاً على بيئتنا، ودراسة ما يتعلق ببيئته وتوزيعه وسلوكه وغذائة، وتأثير هذه البيئة الجديدة على صفاته الخارجية وقياساته وقدرته التكاثرية، وتكوينه من البيضة وحتي مراحل النضوج ، حتي يتسني للخبراء والعلماء معرفة كيف تتم مواجهته أو استغلاله.
ويعيش هذا الحيوان في حفر يحفرها بنفسه يلجأ إليها هرباً من أعدائه أو أثناء البيات الشتوي، كما تلوذ بها الأنثى أثناء وضع البيض، وهو عادة ما يكمن خلال النهار، ثم يخرج ليلا بحثاً عن الطعام أو للتزاوج، ويمكن التعرف علي النشاطات المختلفة لهذا الحيوان من مشي وسباحة وتسلق وحفر، وقدرته على تجديد ما يفقد من أطرافه، خلال شجاره ومعاركه مع أقرانه أو أعدائه، ومواقفه الدفاعية والهجوميه، وأحيانا العدوانية على غيره من القشريات أو الأسماك، ولجوئه إلى اغتيال أفراد جنسه، في حالة الجوع مع عدم توافرالغذاء، وقد وجد أن الاستاكوزا النيلية حيوان شره، يلتهم كل شئ بنهم وبغير تمييز لنوع الغذاء، ويتكون غذاؤه أساساً من النباتات المتحللة المختلطة بالطحالب والفطريات والأوليات، إضافة إلى النباتات الحية والحبوب كالايلوديا والخس وجريش الذرة، التي يتغذى عليها في المعامل، وقد وجدوا أيضا أن الأسماك الصغيرة ودود الأرض، تمثل أهمية كبيرة في غذائه.
مصنع استاكوزا المياه العذبة
وبعد أن تسبب هذا الحيوان وقتها، في مشاكل لا حصر لها، في الثروة السمكية، وفى المياه العذبة بنهر النيل وفروعه، كان من الطبيعى البحث عن وسيلة للتخلص منه، وقد جاءت الفرصة على طبق من ذهب، عندما افتتح الدكتور صلاح عبد المؤمن، وزير الزراعة واستصلاح الأراضى الأسبق، مصنعًا لتصدير استاكوزا المياه العذبة، بمدينة العبور بمحافظة القليوبية، في شهر إبريل من عام 2013، حيث شهد تصدير أول شحنة بكمية تقدر بـ250 طنًا إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
وأكد وزير الزراعة وقتها في تصريحات صحفية، أن وزارة الزراعة قامت برعاية شراكة مصرية مع مستثمرين صينيين، للاستفادة من استاكوزا المياه العذبة، وأضاف وقتها أن المصنع سيعمل به 600 عامل مصري، وأوضح أن الدراسات العلمية الأمريكية أكدت أن الاستاكوزا النيلية، التي تم إطلاقها في نهر النيل، منذ 15 عامًا، تحولت من مرحلة الخوف من مخاطرها، إلى البحث عنها لبيعها للمصدرين، موضحًا أنها تتحمل أقصى درجات الملوحة والتلوث، ولها قيمة صحية وغذائية تعادل قيمة الجمبري، ويصل إجمالي الكمية التي يتم تسليمها يوميًا لحوالى 18 طنًا، من الصيادين بأسعار 5 جنيهات للكيلو، الذي يتم توريده للمصنع الصيني الإسبانى.
ساحة النقاش