التنشئة الصالحة للأبناء في الأسرة والمدرسة
التنشئة الصالحة للأبناء
في الأسرة والمدرسة
إن التنشئة الصالحة للأبناء في الأسرة والمدرسة من المهام الأساسية في تربية الأبناء فتعتبر الأسرة هي مهد التربية , وهي منطلق التطبيع الاجتماعي ، وتتضح أهمية الأسرة وخطرها في تشكيل شخصية الطفل و إذا ما تذكرنا المبدأ البيولوجي الذي يقول"كلما كان الكائن صغيرا تزداد القابلية للتشكيل " نجد أن لها الأثر الكبير في تشكيل شخصية الطفل تشكيلا يبقى معه بعد ذلك بشكل من الأشكال.
والأسرة هي البيئة الاجتماعية الأولى التي يبدأ فيها الطفل بتشكيل ذاته والتعرف على نفسه عن طريق عملية الأخذ والعطاء والتعامل بينه وبين أعضائها ، وفي هذه البيئة يتلقى أول إحساس بما يجب أو لا يجب أن يقوم به . فهي مصدر الطمأنينة بالنسبة للطفل وذلك لسببين :
الأول :أنها مصدر خبرات الرضا إذ يصل الطفل إلى إشباع جميع حاجاته من خلالها
والثاني: أنها المظهر الأول للاستقرار والاتصال في الحياة ،
ومن اجل تربية سليمة وصالحة للأبناء ينبغي أن تجعل الأسرة المسلمة تربية أولادها وتنشئتهم التنشئة الصالحة من أولى مهامها ، مطبقة تعاليم الإسلام وشرعه في شتى مجالات حياتها ، مدركة أن نجاحها يكمن في إخراج أبناء صالحين تنتفع بهم ويمتد نفعهم إلى الأقارب والمجتمع والإنسانية عامة .
واجبات الاسرة تجاه الابناء
إعداد الآباء والأمهات لتحقيق وظائفهم من الوجهة السليمة لأن التربية الأسرية في الوقت الحاضر لم تعد تربية عادية لأن متطلبات الحياة فرضت عليها التطور مما يستدعي حاجة الأسرة إلى فهم التربية الصحيحة بمراحلها المختلفة وفق منهج الإسلام عن طريق دورات منظمة للآباء والأمهات تقوم بها مؤسسات خدمة المجتمع
وأن تبتعد الأسرة عن إرهاب الأبناء وتخويفهم منذ الصغر ومنعهم من تحقيق مطالبهم عن طريق إشباع رغباتهم لأن توفير الأمن والشعور به منذ الصغر يحدد شخصية الطفل .
- أن تسعى الأسرة في إيجاد جو يسوده الوئام والتعاطف والتراحم داخل الأسرة لأن الناشئة إذا نشئوا في جو يسوده ذلك تحقق فيهم الأمن والاستقرار وبالتالي حققه في مجتمعهم
- أن يكون هناك اهتمام أكبر من رب الأسرة يتعلق بالتوجيه والإرشاد السليم لأنها أصبحت تواجه مشاكل كبيرة في التربية لتعقد الحياة وتبرز مظاهر الاهتمام هذه في إيجاد أسابيع ثقافية تحت عناوين مختلفة مثل الأسرة أولا ، الأٍسرة والوطن ، من أجل الأسرة ، والأسرة والقراءة ، الأسرة والتراث وغيرها حتى يكون لها الأثر في تركيز الانتباه نحو ثقافة الأسرة وهنا ياتى دور المؤسسات الاجتماعية ووزارة الثقافة والتربية والتعليم والصحة في نشر التوعية الشاملة وطرق التربية السليمة للأبناء ولا ننسى توفير وسائل تفريغ الطاقة للأبناء وهو دور هام لوزارة الشباب والرياضة على جميع المستويات ووزارة الإعلام المرئي والسمعي ودورها الهام والمؤثر في التوعية
ولكن لن ننسى أن لكل واحد من الأبوين مزاج ومستوى في الحياة الاجتماعية والثقافية ، وسلوك خلقي ومواقف من المجتمع . والبارز عند الأطفال أنهم يتعلقون بآبائهم عن طريق المحبة والتعاطف والخوف أحيانا ، وقد يكرهون آباءهم لقسوتهم أو لتجاهلهم لهم على انه كثيرا ما يكون هناك فارق بين الفتيات والفتيان في الموقف وردود الفعل والتأثير والانفعال من جراء أساليب التربية التي يتبعها معهم آباؤهم ولاسيما إذا لم يستطيعوا معاملتهم بالمساواة والقسط,
وبوجه خاص يجب على الأسرة توفير التغذية الكافية والسكن الصحي والمعالجة الطبية التي تحمي الأبناء من مخاطر الأمراض والأوبئة التي يمكن أن تهدد حياتهم , والابتعاد بهم عن كل أشكال العنف .
ويتحدث المتخصصون في قضايا الطفل عن حاجات الطفل من النواحي الجسمية والنفسية والاجتماعية . وهي حاجات الشروط الموضوعي لإشباعها بالنظر لتأثيرها المباشر على في نمو الطفل البيولوجي والنفسي والاجتماعي وذهب هؤلاء المختصون إلى الحديث عن مجموعة كبيرة من الحاجات التي تتحول إلى رغبة نفسية يمكن أن تحكم حياة الطفل في سن الرشد
وللمدرسة دور كبير وهام بالنسبة لتربية الطفل ، فالمدرسة كمؤسسة اجتماعية تربوية لها وظائف متعددة منها ما يخدم الأفراد والتلاميذ ومنها ما يخدم المجتمع . ويمكن حصر وظيفة المدرسة في ثلاثة وظائف رئيسية :
1- وظيفة المحافظة
ونعني بوظيفة المحافظة ، إن المدرسة تحاول نقل تراث الماضي إلى الجيل الحاضر بتبسيطه وانتقائه ، ولكنها تعتمد على نظام تربوي منفتح على التحديث والتقدم بمعنى أنها لا تنغلق في الماضي وتتقوقع داخله ولهذا نجد المقررات المدرسية تظل دائما مع سير وإنتاجان السلف ومشاكل إنتاجات الخلف ، ولكن بمقادير مختلفة ، إن هذه المقادير هي التي تمدد صدارة هذه الوظيفة أو تلك .
2- وظيفة الإعلام والتكوين
فالمدرسة لا تقتصر على شحن التلميذ بالمعلومات بل تعطيها معنى ودلالة وشكلا يندرج في بنية تكوين الطفل ، إنها تحاول القضاء على الأمية عن طريق تعليم الكتابة والقراءة والتزويد بالمعارف ، وفي نفس الوقت تقوم بتأسيس العقلانية والموضوعية ، أي تشكيل الفكر العلمي ومن ثمة فهي تتراوح بين المعرفة ( إعلام) والفعل (تكوين ) للتأثير بعمق على الطفل عبر المعلمين . وهكذا نخلص إلى القول عبر هذا الزوج إعلام – تكوين – تتجسد طاقة المدرسة الدينامية والكامنة في جدلية المعرفة والفعل .
3- وظيفة التطبيع الاجتماعي
من المعروف أن التربية المدرسية هي فعل كل شيء ،تنشئة اجتماعية وتطبيع اجتماعي ، لأنها تمرر الأعراف والقيم الاجتماعية الموضوعة ، ولتحقيق وظيفتها في تكوين الطفل تلجأ المدرسة إلى استعمال مفاهيم عدة ، حسب الظروف والمرافق ، كمفهوم التربية والتعليم ، والتدريس والمستمر ، والتوجيه والاختبار ... الخ. وكلها في الواقع مفاهيم تحيلنا إلى هدف واحد هو التأثير العميق على المتعلم أو الطفل قصد تحقيق توافقه أو تطبيعه الاجتماعي وهي في ذلك تسلك مسلكين
- المسلك الأول : يقوم على حماية الطفل من شوائب المجتمع وعيوبه أي من البيئة الخارجية ، مما يؤثر في تطبيع التلميذ بطريقة إيجابية ويساعده على تكوين شخصيته تكوينا ينسجم ومستجدات التربية الحديثة حتى يتسنى له التوافق مع مجتمعه بشكل سليم . إلا أن هذا المسلك في الواقع يبدو أنه يجعل من المتعلمين أفرادا غرباء عن مجتمعهم ، كما يجعل من المدرسة نفسها بيئة مختلفة وبعيدة عن الحياة الاجتماعية الواقعية بكل تناقضاتها .
- المسلك الثاني : فيرى فيه علماء الاجتماع أن المدرسة فهي مجرد مسرح لما يجري داخل المجتمع الكبير ، فهي تلعب دورا أساسيا يتجلى في تبعيتها وتأثرها بالنظام الاجتماعي والسياسي ، وهنا يمكن القول أن الأفراد ليسوا هم المعيار ، بل يجب الانطلاق من المجتمع . فهي تصقل هوية الطفل الذي سيصبح جزءا من الوسط وينتمي إلى عائلة أو جماعة أو مؤسسة أو دين أو وطن وبالتالي فهو جزء منها وله مكان فيها
إذن من المستحيل فصل المدرسة عن الأسرة والأسرة عن المدرسة ، فالمجتمع يتكون من أفراد لهم عاداتهم وتقاليدهم ، ونظم مشتركة ، والمدرسة تلقن أبناء هذه الأسر وتهيؤهم ليحتلوا مكانهم داخل المجتمع كأعضاء ومواطنين صالحين ، لكي يعيشوا فيه مع غيرهم ، فهي تعدهم بخلق بيئة لها من العادات والتقاليد والقوانين والنظم الاجتماعية ما لا يتنافى مع العالم الخارجي ، ولهذا تنظر التربية الحديثة إلى أن المدرسة ماهي إلا مجتمع صغير ، وعلى الطفل أن ينشط ويوجه عمله وتفكيره الوجهة الصحيحة في حياته وداخل أسرته ، وتتخذ المدرسة على عاتقها ومسؤوليتها تكوين المواطن ، لكن هذه الأسرة قد اعترفت بعجزها عن القيام بوظيفة التكوين وحدها ، ونظرت إلى المدرسة باعتبارها البيئة المخصصة في عملية التربية وعامل مساعد واساسى في تحقيق النظام التربوي للأبناء .
==========================
حسن عبد المقصود على
خبير تربوي