وفى أنفسكم أفلا تبصرون
النـفس البشرية
وأنـــواعــها
النفس البشرية وصفها الله سبحانه وتعالى فى كتابه الكريم وصنفها الى اصناف ثلاثة علاوة على وصفه للنفس البشرية بصفة عامة فقال الله تعالى :ـ
( وفى أنفسكم أفلا تبصرون ) الذاريات 21
فى هذه الآية يحثنا الله سبحانه وتعالى على التفكير والتدبر فى أنفسنا لأن فيها لنا العبر الكثيرة حيث تبين لنا هذه الآية عظمة خالقنا وقدرته الباهرة مما قد ذرأ فيها من صنوف النبات و الحيوان والمهاد والجبال و الأنهار والبحار ، واختلاف ألسنة الناس و ألوانهم وما جبلوا عليه من الإرادات والقوى ، وما بينهم من التفاوت فى العقول و الفهوم والحركات والسعادة والشقاوة وما فى تركيبهم من الحكم فى وضع كل عضو من أعضائهم فى المحل الذى هو محتاج إليه فيه
وينظر الإسلام إلى نفس الانسان على أنها مستودع قوى والمؤمن الذى يطيع ربه يكون ربانياً ، فالله هو الذى يقول للشيء كن فيكون ، وطاعة الله واجبة لقوله تعالى
( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) الرعد 11
ويعني هذا أن على الانسان اتباع أوامر الله و اجتناب نواهيه حتى ينال رضا الله وييسر له أموره .
لقد فسر القرآن الكريم أحوال النفس البشرية بما يتصل بها من الخواطر و الوساوس والهواجس والأحاسيس من فرح وحزن ووحشة وأنس وانقباض وانبساط وارتجاف وقلق واضطراب وغير ذلك مما سجله العلماء بعد طول معاناة ودراسة و تأمل وفى القرآن معلومات كثيرة وشاملة عن النفس البشرية لأن مهمته الأولى هى التربية والتوجيه فهو كتاب يخاطب النفس ويوجهها لقوله تعالى( وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هى المأوى ) ،النازعات40-41
ولقوله تعالى :( الله أعلم بمافى أنفسهم ) .
ولقد وجد الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وصحابته رضوان الله عليهم الشيء نفسه فى القرآن الكريم مما أعانهم على فهم أنفسهم والسيطرة عليها . والدليل على ذلك هو فهم الصحابه والرسول صلوات الله عليه أن الله لا يطلب من العبد الشكر على المعروف لقوله تعالى
(إنما نطعمكم لوجه الله لانريد منكم جزاءاً ولا شكوراً ) .الانسان 9
وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا(7)فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا(8)قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا(9)وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا(10)
لقد وردت صراحة ثلاث آيات تبين مستويات وأنواع النفس من حيث الإيمان ،
فهناك النفس المطمئنة و النفس الأمارة بالسوء والنفس اللوامة
النفس المطمئنة
(يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي)الفجر
النفس المطمئنة هي أرقى درجات الرفعة التي يمكن أن تصل إليها النفس البشرية ، ولعل الوصول إلى هذه الدرجة يحتاج منا الكثير من العمل لكي نصل لهذه المكانة المرموقة ، ولكي ترتقي إلى هذه الدرجة عليك أن تكون أولا صادقا مع نفسك وواضحا أمام ذاتك وليس أن تخدعها أو تتهرب منها ، ومن ثم عليك أن تكون صادقا مع الله مخلصا له عملك ولا يجب أن تدع بينك وبين الله حواجز من المعاصي والآثام لكي يرضى الله عنك ويرزقك حلاوة الإيمان وطمأنينة القلب ، وأيضا أن تكون صادقا مع الآخرين من حولك فأنت لست وحدك ومحبة الناس لك دليل على محبة الله وتوفيقه والله سبحانه وتعالى وصف هذه النفس بالمطمئنة لأن كل الناس حيارى في هذه الدنيا إلا هذه النفس ، فمن عرف الله لا يحتار أبدا ولا يكون للريبة مكان في قلبه
النفس الأمارة بالسوء
(وَمَا أُبَرِّىءُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌِ)
يوسف 53
من خلال هذه الآية نرى للنفس هنا مكانا للشر و الفتنة وتقترن بالهوى والشيطان وبفعل السوء ، والنفس الأمارة بالسوء تأمر صاحبها بفعل الخطايا و الآثام وارتكاب الرذائل وهى التى توسوس لصاحبها بشتى الو سائل مستعملة معه التحسين و التيسير وكل المغريات التى توقعه بلا شك فى الإثم و الخطأ ولا تتركه الا وهو مغموس في الوحل من رأسه حتي مخمص قدميه وبالتالى تقوده إلى الجحيم وبئس المصير
النــفس اللوامة
(لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ )القيامة 1-2
تعتبر النفس اللوامة درجة وسطى بين النفس المطمئنة و النفس الأمارة بالسوء ، والرقى من النفس الأمارة بالسوء إلى النفس اللوامة يحتاج إلى الاعتراف بالذنب و غسل الذنب بالدموع والعودة إلى الله والتوبة النصوحة فى جادة الصواب وهي تعمل كرقيب على الإنسان حتى لا يقع فى المعاصي وتلوم صاحبها وتشعره بالذنب عندما يخرج عن دائرة الصواب إلى دائرة الانحراف ، أي هي بمثابة الناهي عن الخطأ و المرشد إلى الصواب ، قال الحسن البصري: هي نفس المؤمن، إن المؤمن ما تراه إلا يلوم نفسه: ماذا أردتُ بكلامي؟ وماذا أردتُ بعملي؟ وإن الكافر يمضي ولا يحاسب نفسه ولا يعاتبها
والنفس اللوامة هى نفس مؤمنة دائما تحاسب نفسها لتنجوا من عذاب الله .
اللهم اجعلنا من اهل النفس اللوامة —- امين
=========
حسن عبدالمقصود على
basmetaml.com