authentication required

لقاء فتاة دنماركيه منأصول مصريه تكشف أسرار الاندماج في الدنمارك… وما لا يقوله الإعلام عن صراع الهوية!

 

 

 

كوبنهاجن– في أحد مقاهي وسط المدينة، وفي أجواء خريفية هادئة تزداد فيها دفء العلاقات الإنسانية رغم برودة الطقس، التقيتُ شابة دنماركية من أصول مصرية تحمل في حديثها ما يشبه «تناسق الثقافتين». كانت كلماتها تعكس بوضوح كيف يمكن للإنسان أن يكون ابنًا لوطنين، وأن يحتفظ بجذوره دون أن يتخلى عن هواء المكان الذي يعيش فيه.

 

هوية على مفترق طريقين

 

حين سألتها عن هويتها، أجابت بثقة:

«أنا دنماركية… لكن من أصول مصرية راسخة.»

ابتسامتها الهادئة كانت كافية لتكشف أن انتماءها ليس قرارًا بل تجربة حياة كاملة؛ تجربة تجعلها تتحرك بخفة بين لغتين وعالمين.

 

وتضيف:

«في البيت أتحدث مع والديّ باللهجة المصرية، وأفهم معظم ما يقولان، لكن التعبير الواضح والدقيق لما أشعر به يأتي دائمًا بالدنماركية.»

 

هكذا تتشكل الهوية المزدوجة: ليست صراعًا كما يتخيل البعض، بل مساحة واسعة يعيش فيها الإنسان بتفاصيله الجديدة والقديمة معًا.

 

 

المرأة بين القاهرة وكوبنهاغن

 

عندما انتقل الحديث إلى وضع المرأة في المجتمعين المصري والدنماركي، بدا أن لديها رؤية واضحة تستند إلى التاريخ والتجربة.

 

تقول:

«المرأة الدنماركية حققت مكاسب كبيرة بعد عقود من النضال، لكنها دفعت ثمنًا باهظًا.»

 

وتشرح:

«مع دخول النساء إلى سوق العمل في منتصف القرن الماضي وسعيهن لاحتلال مواقع قيادية، تأخر الإنجاب لدى أجيال كاملة. والنتيجة واضحة اليوم: نقص حاد في فئة الشباب.»

 

اليوم، كما أوضحت، بدأت فتيات صغيرات يتجهن للإنجاب مبكرًا في محاولة لإعادة التوازن الديمغرافي، وهو ما يعدّ انعكاسًا مباشرًا لسياسات اجتماعية أدركت متأخرة تكلفة التغيير.

 

 

أبناء المهاجرين… صراع قيم أم صراع قبول؟

 

سألتها عن تأثير الثقافة العربية والإسلامية على الجيل الجديد من أبناء المهاجرين، فأجابت بنبرة تحليلية:

 

«التأثير موجود بلا شك… لكن التحدي الأكبر ليس الثقافة بل المجتمع نفسه.»

 

وتوضح:

«في الدنمارك لا يكفي أن تتحدث اللغة دون لهجة، أو أن تفهم العادات والتقاليد. القبول الحقيقي يحدث عندما تتشرب قيم المجتمع وتعيشها يوميًا. هنا يظهر الصراع بين قيم الوطن الأم والقيم الجديدة المفروضة عليك.»

 

أما عن الزواج المختلط بين الفتيات المسلمات والشباب الدنماركيين، فتقول إنه موجود لكنه محدود؛ لأن الزواج من غير المسلم يظل عائقًا دينيًا واجتماعيًا، مما يدفع بعض الشباب إلى اعتناق الإسلام «شكليًا» فقط.

 

 

عنصرية خفية… وفرص مرتبطة بالتعليم

 

وعن سؤال حول صعوبات إيجاد العمل، كانت إجابتها واضحة:

 

«العنصرية موجودة أحيانًا، لكنها ليست العامل الأهم. التعليم هو المفتاح.»

 

وتضيف أن سوق العمل الدنماركي يقدّر التخصصات الطبية والهندسية والعلمية، وأن أصحاب هذه التخصصات غالبًا ما يحظون بفرص أكبر بغضّ النظر عن خلفياتهم.

 

 

العودة إلى الوطن… زيارة لا إقامة

 

سألتها إن كانت تفكر في العودة إلى مصر، فابتسمت وقالت:

 

«أعود لزيارة قصيرة، نعم… لكن العودة للعيش بشكل دائم؟ الأمر صعب جدًا.»

 

تعدد الأسباب: اختلاف نمط الحياة، ومستوى الخدمات، ومساحة الحرية الشخصية، واستقرار المستقبل. وتقول إن محاولة الزواج من شاب يعيش في مصر لم تنجح لأن اختلاف الثقافة كان أكبر من قدرة العلاقة على الاحتمال.

 

«أفضل شريكًا عربيًا تربى هنا… يفهم المجتمع الذي نشأنا فيه.»

 

 

وعي سياسي… واهتمام عالمي بمنهج مختلف

 

عن مشاركتها السياسية تقول:

«أعتبر التصويت واجبًا أخلاقيًا. أصوّت دائمًا في الانتخابات المحلية والبرلمانية، وأتابع السياسيين الذين يمثلون رؤيتي.»

 

أما عن المظاهرات والقضايا العالمية، فتوضح أنها لا تنجرف وراء الحشود، بل تتحرك فقط عندما تدعو جهات سياسية تثق في نضجها وصدقها.

 

 

واخيرا اري هوية مركبة ووعي متوازن

 

في نهاية اللقاء، شكرتها على صراحتها وروحها الواضحة، فأجابت بابتسامة:

«أتمنى أن يستفيد الشباب من تجاربنا… وأن يدركوا أن الهوية ليست صراعًا بل قدرة على صناعة توازن بين عالمين.»

 

بين كوبنهاغن والقاهرة تبقى قصتها نموذجًا لجيل جديد يعيش بين ثقافتين، لا يتخلى عن جذوره، ولا يتردد في أن يكون جزءًا من العالم الذي يحتضنه.

 

 

اعد هذا اللقاء أستاذ دكتور  حسن عثمان دهب 

دكتوراه من جامعة كوبنهاجن

عمل استاذا في الجامعات العربيه الدنماركيه :جامعة صنعاء في اليمن بغازي في ليبيا وكذلك مستشارا في الاتحاد الاوربي :اعادة تأهيل خريجي الشهادات العليا من المهاجرين حتي تسطيع العمل  طبقا لقواعد ومتطلبات العمل في الدنماركيه  

[email protected]

4593863386

01220271518

المصدر: كتابات الدكتور حسن عثمان دهب
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 74 مشاهدة
نشرت فى 28 نوفمبر 2025 بواسطة hassan200

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

48,663