دكتور / حسن بخيت

بوابة العرب للثروات الطبيعية

ثالثا: البشر (طاقة غير ناضبة ومتزايدة) -

 

إن البشر الذين عايرنا النظام السابق بكثرتهم هم نفسهم نقطة القوة التى نستطيع بها تحقيق نمو إقتصادى هائل، ولدى من واقع معرفتى المباشرة مثلين يثبتا إمكانية تحقيق نمو إقتصادى أولهما تجربة شركة إنبى التابعة لقطاع البترول والتى بدأت فى نهاية السبعينيات كشركة صغيرة مشاركة بين الهيئة المصرية العامة للبترول وشركة أمريكية للعمل فى مشروع من مشروعات الهيئة وكانت الشركة تسمى برون إيجيبت،

وعندما إنتهى المشروع قررت الشركة الأمريكية صاحبة الخبرة الإنسحاب من هذه الشراكة حيث ان اسعار البترول فى هذا الوقت أصبحت متدنية للغاية ووصلت الى أقل من عشر دولارارت للبرميل، بمعنى أن إقامة المشروعات فى هذا الوقت تباطأ كثيرا فوجدت أنه لا جدوى من الإستمرار فى مصر،

فأرسلت الهيئة أحد مديريها ليقوم بتصفية الشركة، ولكنه عندما أطلع على ما قامت به الشركة فى تنفيذ المشروع وما تحصل عليه المهندسون المصريون من خبرة جديدة فى هذا المجال إقترح أن تستمر الشركة بإسم جديد وكان هو إسم إنبى وهو إختصار لشركة هندسة البترول والصناعات الكيماوية (إختصار الحروف الإنجليزية المكافئة – أنظر الرابط رقم 7) وكان رأس مالها فى ذلك الوقت 350 الف جنيه (نصف مليون دولار بالسعر الرسمى للدولار فى ذلك الوقت وهو 70 قرشا) وكان الرجل وطنيا مخلصا ومحبا للعمل والإنجاز.

 

وأخذت الشركة فى الحصول على مشروعات صغيرة من شركات البترول المصرية وعندما إلتحقت بها فى منتصف الثمانينيات كمسئولا عن دراسات الجدوى الفنية والإقتصادية كانت قد تطورت كثيرا حتى أصبحت تتعامل مع المشروعات الكبيرة بنظام تسليم المفتاح وأصبحت الآن من كبار اللاعبين فى مجال الهندسة والمقاولات على مستوى العالم حيث بلغت نتائج أعمالها فى آخر تقرير لها عن عام 2009 مبلغ ثلاثة مليارات وأربعة مائة وتسعون جنيها – أنظر الرابط رقم 7 الخاص بالتقرير السنوى لشركة إنبى عن عام 2009- وحققت أرباحا بلغت 559 مليون جنيه بعد خصم الضرائب وكانت ربحية الجنيه المستثمر فى البشر (عوائد الأرباح مقسومة على الرواتب) 2,4 جنيه لكل جنيه أى بنسبة 240% فى السنة وهومالا يحققه أى إستثمار مشروع بأى حال، ولكن هذه هى نتيجة الإستثمار فى البشر الذين ينتجون الفكر والإبداع . و الآن وبعد إثنتين و ثلاثون عاما من إنشائها فإنها تقوم بإنشاء المشروعات بجميع أنواعها فى مصر وسوريا والإمارات والسعودية وقطر وعمان والأردن وفنزويلا وشمال أفريقيا و دول أخرى وأصبحت عملاقا فنيا وإقتصاديا يضارع كبار المقاولين العالميين كشركة بكتل وفوستر ويلر وآخرين.

 

والسؤال الآن لماذا لا يكون لدينا مائة شركة مثل إنبى؟ لماذا لا نستثمر فى قطاع المقاولات - الذى يعتمد فى الأساس على البشروننتشر على مستوى العالم بتتبع المشروعات العالمية فى جميع مجالات المقاولات من تشييد و عقارات وطرق وكبارى وسكك حديد ومطارات وسدود وطاقة وكهرباء وتقديم أنسب الأسعار لنفوز بالعديد من هذه المناقصات لنحقق لمصر المليارات من نتاج أبنائها بدلا من الإدعاء بأن الدولة تنفق على الدعم مبالغ طائلة فى حين أنها ممكن أن تعظم وترشد إستخدام هذه الطاقة البشرية لتكون

مصدر دائم ومتزايد لجلب الثروات الى مصر.

 

المثال الثانى هو ما قامت به مجموعة من المصريين العاملين بالسعودية بالتقدم الى الحكومة المصرية لتحقيق الإكتفاء الذاتى من القمح وعرضت على الحكومة تمويل المشروع بمبلغ ثلاثة مليارات جنيه، وقد إستمعت الى أحد القائمين على هذه الشركة وقد صرح بإمكانية تحقيق هذا الإكتفاء فى أقل من سنة من إستلام الأرض إستنادا على أن محصول القمح ينتج خلال خمسة أشهر من بداية زراعته – أنظر الرابط رقم 8.

 

ونظرا لأن عدد العاملين بالخارج يبلغ ثمانية ملايين مصرى (أى أكثر من تعداد سويسرا وأكثر من تعداد الإمارات والكويت وقطر مجتمعين) ومعظمهم على درجة عالية من العلم والمعرفة وعلى قدر معقول من الدخول المالية فإنهم يستطيعون تمويل العديد من المشروعات الحيوية لمصر وأقترح أن تكون ذات العوائد المرضية حتى تفيد فى تحقيق موارد عالية بالعملة الصعبة لمصروأفضل هذه المشروعات التى تتزامن مع إكتشافات البترول والغاز الجديدة هى مشروعات البتروكيماويات عالية التقنية التى تحقق أرباحا عالية مقارنة مع غيرها من المشروعات الصناعية!

 

أما المثال الثالث الذى أتمنى أن نحتذى به فهو ما فعلته كوريا فى حقبة السبعينيات حين دخلت سوق المقاولات العالمية بأرخص الأسعار فسحبت هذه المناقصات من الشركات الغربية، وقد ساعدها على خفض تكاليفها أنها إستخدمت فترة التجنيد الإلزامى للجنود فى أن يعملوا فى المقاولات كعمال وفنيين طوال فترة تجنيدهم ، وقد كانوا يحضرون الى الكويت مثلا فى سفينة بها تموينهم وباصاتهم وعدد سرائر يكافئ ثلث عددهم حيث كانوا يقيمون فى السفينة ويعملون ثلاث ورديات وكانوا لاينفقون أى شيئ فى البلد الذى يقيمون فيه المشروع وعلى هذا قامت كوريا كعملاق إقتصادى على كتف صناعة المقاولات. ونحن حاليا لدينا مشكلة كبيرة فى تسريح جنود الأمن المركزى الى بلغ عددهم حوالى مليون وربع مجند : فلماذا لا ينتفع بهم الوطن فى مجال المقاولات كما فعلت كوريا سابقا؟ (الرقم ده اتكدب اكتر من مرة)

 

وكتعليق أخير على موضوع المقاولات فإنه لدينا فرصة كبيرة لإستثمار هذه الإمكانية فى مشروعات إنشاء محطات الطاقة الشمسية لمشروع ديسرتك، وعلى الرغم أن المغرب قد سبقتنا فى الإلتحاق بهذا المشروع – أنظر الرابط رقم 6 - (ولا أدرى لماذا تأخرنا عنها) فإن لدينا إمكانيات كبيرة فى قطاع المقاولات ونستطيع إذا التحقنا بهذا المشروع العملاق أن نكتسب الخبرة الإضافية الخاصة بتكنولوجيا الطاقة الشمسية بحيث يكون لنا دور فى إقامة هذه المحطات فى مصر وفى باقى الدول المزمع دخولها فى المشروع وأستطيع الجزم من الأن بأنه خلال عشر سنوات من الأن نكون قد إستحوزنا على تقنيات إنشاء محطات طاقة شمسية كاملة - كما فعلت إنبى فى قطاع البترول- وهذا يعود بالدخل العظيم على مصر

لن أتحدث هنا عن السياحة والمناخ الرائع وسهولة التضاريس والبعد عن مناطق الكوارث الطبيعية وعبقرية الجغرافيا والمكان فقد تكلم عنها الكثيرون ولكنى أردت أن أعرض فقط لما لم يتكلم عنه أحد لإلقاء الضوء عليه وليعلم الشعب ما لديه من ثروات طبيعية هائلة ليتكون لديه الأمل فى مستقبل أفضل له ولأولاده وأحفاده إن شاء الله

هل نستطيع بعد هذا العرض البسيط أن ندعى أن مصر بلد فقير محدود الموارد؟وصدق المثل القديم القائل أن "الفقر ليس فى قلة المال ولكن الفقر فى قلة الحيلة

hasan

hassan

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 412 مشاهدة
نشرت فى 11 ديسمبر 2011 بواسطة hasan

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

1,205,337